تخطى إلى المحتوى

نعمة الالم 2024.

  • بواسطة

القعدة

الألم ليس مذموماً دائماً ولا مكروهاً أبداً فقد يكون خيراً للعبد أن يتألم

إن الدعاء الحار لا يأتي إلا مع الألم والتسبيح الصادق يصاحب الألم

وتألم الطالب زمن التحصيل وحمله لأعباء الطلب يثمر عالماً

لأنه أحترق في البداية فأشرق في النهاية،

وتألم الشاعر ومعاناته لما يقول تنتج أدباً مؤثراً خلاقاً لأنه أنقدح

مع الألم من القلب والعصب والدم فهز المشاعر وحرك الأفئدة،

ومعاناة الكاتب تخرج نتاجاً حياً جذاباً يمور بالعبر والصور والذكريات.

إن الطالب الذي عاش حياة الدعة والراحة ولم تلدغه الأزمات

ولم تكوم الملمات إن هذا الطالب يبقى كسولاً مترهلاً فاتراً،

وأن الشاعر الذي ما عرف الألم ولا ذاق المر ولا تجرع الغصص تبقى قصائده

ركاماً من رخيص الحديث وكتلاً من زبد القول لأن قصائده خرجت من لسانه

ولم تخرج من وجدانه وتلفظ بها فهمه ولم يعشها قلبه وجوانحه.

القعدة

وأسمى من هذه الأمثلة وأرفع حياة المؤمنين الذين عاشوا فجر الرسالة

ومولد الملة وبداية البعث فإنهم أعظم إيماناً وأبر قلوباً وأصدق لهجة

وأعمق علماً لأنهم عاشوا الألم والمعاناة، ألم الجوع والفقر والتشريد

والأذى والطرد والإبعاد وفراق المألوفات وهجر المرغوبات وألم الجراح

والقتل والتعذيب فكانوا بحق الصفوة الصافية والثلة المجتباه،

آيات في الطهر وأعلاماً في النبل ورموزاً في التضحية

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ

وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً

إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.

وفي عالم الدنيا أناس قدموا أروع نتاجهم لأنهم تألموا

فالمتنبي وعكته الحمى فأنشد رائعته:

وزائـــــــــــرتي كـــأن بــهــا حـــــيــاءً

فـــــلـــيــس تـزور إلا فـــــي الظـــلام

والنابغة خوفه النعمان بن المنذر بالقتل فقدم للناس:
فــإنــك شــمــس والمـــــــــــلوك كــواكب

إذا طــلعــت لم يــبــد مــنهــن كــوكــب
وكثير أولئك الذين أثروا الحياة لأنهم تألموا.

إذاً لا تجزع من الألم ولا تخف من المعاناة فربما كانت قوة لك ومتاعاً إلى حين

فإنك إن تعش مشبوب الفؤاد محروق الجوى ملذوع النفس أرق وأصفى

من أن تعيش بارد المشاعر فاتر الهمة خامد النفس

{وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}.

إن الوعظ المحترق تصل كلماته إلى شغاف القلوب

وتغوص في أعماق الروح لأنه يعيش الألم والمعاناة

{فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَاَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَاَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}.

لا تعـــذل المشـــــــــتاق فــي أشـــــــــــــواقه

حتى يكـــــــــون حشـــــــاك فــــــي أحــشــائـــه

لقد رأينا دواوين لشعراء ولكنها باردة لا حياة فيها ولا روح

لأنهم قالوها بلا عناء ونظموها في رخاء فجاءت قطعاً من الثلج وكتلاَ من الطين،

ورأينا مصنفات في الوعظ لا تهز في السامع شعرةً ولا تحرك في المنصت ذرةً

لأنهم قالوها بلا حرقةٍ ولا لوعةٍ ولا ألمٍ ولا معاناةٍ

{يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}

فإذا أردت أن تؤثر بكلامك أو بشعرك فاحترق به

أنت قبل وتأثر وذقه وتفاعل معه وسوف ترى أنك تؤثر في الناس

{فَاِذَا اَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَاَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}

المصدر: كتاب لا تحزن
لفضيلة الشيخ د/ عائض القرني

لاضير ببعض الالم الذي نحتاجه لتسمو انفسنا وخصوصا اذا صاحب هذا الالم نية صادقة وكان دافع لهمة عالية

حينها يتحول الالم الى لذة لا تعادلها لذة

ويبقى الامل

حتى الألم الذي نحس به عند المرض من نعم الله علينا , حتى نبادر و نبحث عن أسباب هذا الألم و مداواته
بارك الله فيك
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة basma19 القعدة
القعدة
القعدة
حتى الألم الذي نحس به عند المرض من نعم الله علينا , حتى نبادر و نبحث عن أسباب هذا الألم و مداواته
بارك الله فيك
القعدة القعدة

الله يبارك فيك بسمة
شاكر كثير مرورك الجميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.