وقام الفرنسيون بتحويل معظم المساجد الجزائرية التاريخية الى كنائس والبعضالأخر الى اصطبلات لخيول الجنود الفرنسيين , كما قاموا بالغاء معاهد التعليم الدينيواللغوي التي كانت سائدة في الجزائر والتي كانت نسبة المتعلمين فيها وحسب احصاءاتفرنسية 90 بالمائة وذلك قبل احتلال فرنسا للجزائر . وتفيد بعض المعلومات الدقيقةالتي أوردها بعض المؤرخين الجزائريين من قبيل توفيق المدني وحتى الفرنسيين أنّفرنسا وقبل احتلالها للجزائر كانت قد أوفدت عشرات العيون — الجواسيس — الى الجزائروالذين عادوا بتقارير كاملة عن كافة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية وحتى التقسيم الجغرافي والجهوي . و بعد تمكّن القوات الفرنسية من بسطسيطرتها على الجزائر توجّه القساوسة الفرنسيون وبعد أن أستقدموا أخرين الى منطقةالقبائل الجزائرية , وحتى لا يحيطوا أنفسهم بالشبهات فقد ارتدوا ما كان ولايزاليعرف في بلاد القبائل بالبرنس الأبيض وهو عبارة عن عباءة بيضاء من الصوف , وعرفوابالأباء البيض – Les peres blancs — وقد أخفوا صفتهم الكهنوتيّة وراحوا ينشرون بينالناس الأميين والبسطاء أنّ الاسلام هو السبب في القضاء على العرق البربري والعربالغزاة الذين جاءوا من مكة والمدينة صادروا أراضي البربر ودمرّوا لغتهم وعبثوابمقدراتهم , وحاول الأباء البيض الربط بين العرب الفاتحين وعرب اليوم في محاولةللايحاء أنّ الفاتحين الأوائل كانوا في فساد عرب اليوم وهي مغالطة معروف مقصدها ! والأكثر من ذلك فانّ المؤسسة الكنسية الفرنسية والتي كانت تتحرّك في خطّ واحد معالمؤسسة السياسية والعسكريّة الفرنسية كانت توحي للقبائليين بأنّ عنصرهم آري وهونفس العنصر العرقي الذي تنتمي اليه أوروبا وفرنسا الكاثوليكيّة .
وقد تصدّى رجالات الاصلاح والعلم في الجزائر لهذهالفرنسة الدينية والسياسية وجعلوا تحرير عقول القبائل وعقول الجزائريين من شبهاتالكنسيين الفرنسيين ضمن أولوياتهم تماما كأولويّة تحرير الجزائر من الاحتلالالفرنسي . وحسب تقارير كنسية فرنسية فانّ فكرة الظهير البربري وتنصير المنطقةالبربريّة استراتيجية لا محيد عنها . وتنفيذا لها الغرض بنيت العديد من الأديرةوالكنائس في هذه المنطقة وتجدر الاشارة الى أنّ كل الكنائس الموجودة في الجزائروعلى امتداد كل الولايات الجزائرية تشرف عليها فرنسا ويديرها قساوسة فرنسيون .
وبعد استقلال الجزائر في 05 تموز — يوليو 1962 بقيتهذه الكنائس على حالها اللهمّ الاّ بعض المساجد التاريخية التي تحولّت الى كنائسكمسجد كتشاوة في الجزائر العاصمة والذي عاد الى رحابة التوحيد بعد استقلال الجزائر. وبعد استقلال الجزائر عام 1962 ظلّت فرنسا تتعامل مع الجزائر بنفس الاستراتيجيةالتي جاءت بها فرنسا الى الجزائر عام 1830 ..
غايةماهناك فقد أعادت فرنسا صياغة هذه الاستراتيجية في ضوء المستجدات الراهنة بعدالاستقلال , فأوعزت الى اقامة الأكاديميّة البربريّة سنة 1963 والتي أسندت رئاستهاالى الكاتب القبائلي والفرانكفوني مولود معمري والتي اضطلعت بكتابة الانجيلبالتفانيغ أي الأحرف الأبجديّة الأمازيغية في أوقات لاحقة , وظلّت البعثاتاليسوعيّة تتحرك بشكل صامت في معظم مناطق الجزائر مع تركيز كامل على منطقة القبائل , وكانت السلطات الجزائرية تغضّ الطرف عن هذه النشاطات لأسباب عديدة منها :
– عدم احراج فرنسا لأنّ الكنائس الجزائريّة والمراكزالثقافيّة الفرنسية وغيرها من المؤسسات كانت مرتبطة بالسفارة الفرنسية في الجزائروالتي كانت بدورها مرتبطة بالدولة الفرنسية .
– انشغالالجهات الرسمية في الجزائر بالمعارضة الشيوعيّة والاسلامية وغيرها .
– دعم الطبقة الفرانكفونيّة التي كانت في دوائر القرارالجزائري لهذه الارساليّات والتي كانت ترى فيها ظاهرة ايجابية , وليست خطيرةكالاسلام الأصولي في نظرهم .
– بعض الجهات الفرنسيةكانت ترى ضرورة التعامل بالمثل , حريّة المساجد الجزائرية في فرنسا , مقابل حريّةالكنائس الفرنسية في الجزائر .وكانت الارساليّات في منطقة القبائل تقدم دعما ماديّاللمعوزين والفقراء والذين نشأ لديهم تصوّر واعتقاد بأنّ الحكومة العربيةوالاسلاميةفي الجزائر العاصمة هي السبب وراء بلائهم وجوعهم وحرمانهم السياسي , تماما كما كانالعرب القدامى سببا في القضاء على المجد الأمازيغي . وعندما اندلعت الفتنةالجزائريّة تكثفّ نشاط الارساليّات في المناطق القبائليّة وذلك من خلال بناء كنائسوالتي بدورها أخذت تقدّم دروسا في العقيدة المسيحية الأمر الذي أنجرّ عليه تنصّيرمئات الشباب القبائليين الساخطين على الواقع السياسي والاجتماعي , وكان هؤلاء بعدتنصرهّم يتلقون مساعدات ماليّة وحتى رواتب شهريّة , وكانت هذه الارساليّات تأخذعناوين المواطنين في هذه المنطقة وغيرها وبعد أقل من أسبوع يتلقى هؤلاء الناسالأناجيل ودورات دراسيّة في العقيدة المسيحية تستمر لسنوات ومع دعوات لزيارة كنائسفرنسية, ويستمر اشراف هذه المؤسسات الدراسيّة التنصيرية على متلقي التعليم الكنسيعن طريق المراسلة وكل ذلك بتنسيق مع الارساليات , ويضاف الى ذلك قنوات اذاعيةتنصيرية موجهّة الى منطقة القبائل باللهجة الأمازيغية(1)* , ويجري الترويج للانجيلفي المنطقة القبائلية بشكل فظيع وتوزّع مئات ألاف النسخ باللغة الفرنسيّةوالقبائليّة , والأكثر من ذلك فانّ مسجدا في منطقة تيزي وزو وتحديدا في قرية حسناوةتحوّل الى شبه مقهى ونصبّ بعض الناس الهوائي المقعّر — البرابول — على المئذنةالمرتفعة وبهذه الطريقة يتم تلقي الاستقبال الجيّد في نظرهم , علما أنّ القنواتالفرنسية تتعمّد بث أفلام خلاعية موجهة الى سكان المغرب العربي بشكل خاص .
وللأسف فانّ بعض التيارات السياسية وتحديدا التجمع منأجل الثقافة والديموقراطية بزعامة سعيد سعدي تغذي هذه الظاهرة التبشيرية وفي نظرهمفانّ هذا من شأنه أن يحدّ من الأصوليّة والعوربة . ولم يجهر بعض سكان القبائلبالارتداد عن الاسلام واعتناق المسيحية فحسب بل جاهر البعض بفتح مطاعم تقدم لحومالخنزيز الذي يتمّ اصطياده في مناطق القبائل بشكل كبير .
وتقصير المؤسسات الاسلامية في الجزائر بتكوين خطباء ودعاة يتكلمون اللغةالقبائليّة وينشرون مبادئ الاسلام في هذه المنطقة زاد في مفاقمة الأزمة , والبربرالذين قدموا للحضارة العربية والاسلامية أعظم الانجازات تريد منهم فرنسا وجهاتفرانكفونيّة في الداخل الجزائري أن يكونوا رأس حربة ضدّ الاسلام والمسلمين فيالجزائر والعالم العربي والاسلامي !!!(1)* لقد قررت شخصيّا أن أخوض هذه التجربة فيالجزائر , وأبحث عن خيوط التنصير في الجزائر وقدمت عنواني لهذه الجهات وصدمت عندماتلقيت عشرات الأناجيل والدروس الانجيليّة التي استمرت سنوات وربطوني باذاعة تبث منفرنسا وهي اذاعة تبشيرية تعطي توجيهات معينة لمستمعيها . وكانت نتيجة هذا الانخراطهذه الدراسة وغيرها من الدراسات والمقالات التي نشرتها في الجزائر وبيروت ولندنوستوكهولم .
فالعيب ليس فيهم أخي بل فينا …….فكل يدعوا الى دينه بالحسنى و الشاطر من تمسك بقيمه و دينه………..خاصة اذا كان هذا الدين الحق الا و هو الاسلام ……و ان نجحوا في سياستهم التنصيرية فلسببين:
الاول…..أننا مقصرين في حق ديننا "نشره و شرحه والاهم العمل بما جاء به"
الثاني….يكمن فيمن تنصر فهو غير ثابت على هذا الدين و لم يتذوق طعمه وهو بعيد كل البعد عن كونه مسلما.
فلو عالجنا هذين السببين أبعدنا شبح التنصير ولو جاء بالاغراء.
و مهما يكن فإن الجزائريين يعتزون بإسلامهم و يكفي فقط أن نلتزم بمبادىء الإسلام و نبتعد عن الغلو و التطرف و أن لا نظهر الإسلام بصفة كاريكاتورية مثلما يفعل البعض ممن حفظ بعض الأحاديث و الآيات فتصور نفسه عالما .
إن أبناء وطننا الذين يخالفوننا في الدين لابد أن نشفق عليهم و أن نحبب لهم الإسلام و أن نسترجعهم إلى دائرة الدين الحنيف بهدوء دون أن نشعل نار الفتنة في وطننا الحبيب ( يكفيه ما لاقى لحد الآن ) ، لأن الأمر لم يبدأ معنا و لا ينتهي عندنا و الأمم لا تقاس أعمارها بالسنوات ، و لكي نمحو ما صنعه الإستعمار لا بد أن نكد و نعمل و أن نشيع المحبة و الأخوة بيننا مثلما أمرنا نبينا صلوات الله عليه.
أمّا بالنّسبة للذّين يدخلون الإسلام من الغربيين فجلّهم و لله الحمد من الطّبقة المثقّفة و كثير هم العلماء و بذلك يؤثّرون في جميع محيطهم أو يتجاوزون حتّى محيطهم المحلّي إلى العالمي…
و كما جاء في الآية إنّك لا تهدي من أحببت و لكنّ الله يهدي من يشاء , أي الشّخص الذي يشاء و يرغب في الهداية , فمن طلب الهداية هداه الله و لكن و الله أشفق على من باع الجنان من أجل دنيا رخيصة بثمن يساوي الخلود في جهنّم و العياذ باللّه…
أسأل العليّ القدير أن يثبّتنا و يثبّت إخواننا و خاصّة في منطقة القبائل و يردّ إلينا من ضلّ إلى سواء الصّراط…
بورك فيكم
|
سلمت يمناكم شيخنا أبا الجهاد
صدقتم حقا فيما سطرتم
|
و فقكم الله و سدد خطاكم لما يحب و يرضى