اللذة من حيث هي مطلوبة للإنسان بل ولكل حي فلا تذم من جهة كونها لذة وإنما تذم ويكون تركها خيرا من نيلها وأنفع إذا تضمنت فوات لذة أعظم منها وأكمل ، أو أعقبت ألما حصوله أعظم من ألم فواتها . فههنا يظهر الفرق بين العاقل الفطن والأحمق الجاهل. فمتى عرف العقل التفاوت بين اللذتين و الألمين وأنه لا نسبة لأحدهما إلى الآخر هان عليه ترك أدنى اللذتين لتحصيل أعلاهما، واحتمال أيسر الألمين لدفع أعلاهما.
وإذا تقررت هذه القاعدة فلذة الآخرة أعظم وأدوم ، ولذة الدنيا أصغر وأقصر، وكذلك ألم الآخرة وألم الدنيا، والمعول في ذلك على الإيمان واليقين ، فإذا قوي اليقين وباشر القلب آثر الأعلى على الأدنى في جانب اللذة واحتمل الألم الأسهل على الأصعب ، والله المستعان.
الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية