السؤال (14) : فضيلة الشيخ ، لكن ما الفرق بين الاعتراف باللسان والقلب ، وهل يلزم الجمع بينهما ؟
الجواب : نعم ، الفرق بين الاعتراف بالقلب واللسان ظاهر ، فإن من الناس من يعترف بلسانه دون قلبه كالمنافقين ، فالمنافقون يقول الله عنهم : (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) (المنافقون:1)، لكن قال الله تعالى : ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)(المنافقون: 1)، هؤلاء اعترفوا بألسنتهم دون قلوبهم ، وقد يعترف الإنسان بقلبه، لكن لا ينطق به ، وهذا الاعتراف لا ينفعه بالنسبة لنا ظاهراً ، أما فيما بينه وبين الله فالعلم عند الله ، أو فحكمه إلى الله ، لكنه في الدنيا لا ينفعه ، ولا يحكم بإسلامه مادام لا ينطق بلسانه ، اللهم إلا أن يكون عاجزاً عن ذلك ، عجزاً حسيا أو حكميا ، فقد يعامل بما تقتضيه حاله ، فلابد من الاعتراف بالقلب واللسان .
شبهة وجوابها
السؤال (15): فضيلة الشيخ ، الذي جرنا إلى هذا السؤال أن هناك فريقاً من الناس الآن إذا دعي أحدهم إلى العبادة قال : إن الله رب قلوب ، وهذا أيضاً الذي نريد التعليق عليه؟
الجواب : نعم نحن نقول : إن الله رب القلوب والألسن وليس رب القلوب فقط ، والقلوب لو صلحت لصلحت الجوارح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "ألا وأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب"(5)، وهذا الحديث يبطل كل دعوى يدعيها بعض الناس ، إذا نصحته في أمر من الأمور مما عصى الله به قال لك : "التقوى هاهنا"(6)ويشير إلى صدره ، وهي كلمة حق أريد بها باطل ، والكلمة قد تكون حقا في مدلولها العام ، لكن يريد بها القائل أو المتكلم معنى باطلاً ، ألا ترى إلى قول الله تعالى : (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ )(الأنعام: 148)، فهم قالوا : لو شاء الله ما أشركنا، وصدقوا فيما قالوه ، فلو شاء الله ما أشركوا ولكنهم لا يريدون بهذه الكلمة حقا ، بل يريدون بها تبرير بقائهم على شركهم ، ورفع العقوبة عنهم ، ولهذا قال الله تعالى : ( كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا )(الأنعام: 148)، فلم ينفعهم الاحتجاج بالقدر حين أردوا به الاستمرار على شركهم ، ورفع اللوم عنهم والعقوبة أما الواقع فإنه كما قالوا : "لو شاء الله ما أشركوا" كما قال الله تعالى لنبيه : (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (106) (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا) (الأنعام: 106-107) لكن هناك فرق بين الحالين ، فالله قال لنبيه: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا) ليبين أن شركهم واقع بمشيئته ، وأن له حكمة – سبحانه وتعالى – في وقوع الشرك منهم ، وليسلي نبيه صلى الله عليه وسلم بأن هذا الأمر الواقع منهم بمشيئته تبارك وتعالى .
فالمهم أن هذا الذي قال حينما نصحته : " التقوى هاهنا"قال كلمة حق لكنه أراد بها باطلاً ، فالذي قال : " التقوى هاهنا" هو النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن الذي قال "التقوى هاهنا" هو الذي قال : ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله" ، فإذا كان في القلب تقوى ، لزم إن يكون في الجوارح تقوى . والعمل الظاهر عنوان على العمل الباطن .
نسألك اللهم أن تهب لنا قلوبا ليّنة تخشع لذكرك
و نسألك إيمانا كاملاً، ويقيناً صادقاً
بارك الله فيك أخي على المجهود القيّم
نوّر الله قلبك ونفع بك
|
و فيك بارك الله، و جزاك الله خيرا على حسن الدعاء.
أسأل الله أن يوفقك الى كل خير و يجنبك كل شر و يسلك بك في سبيل رضاه، انه ولي ذلك و القادر عليه.
و فيك بارك الله أخي الكريم.
جامع مسائل العقيدة و التوحيد على منتدى الشريعة الاسلامية ( 1 2)