حديث هل يزني المؤمن قال نعم هل يكذب قال لا (كذب على نبيكم فاحذروه)
بسم الله الرحمن الرحيم
من أبي عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني إلى إخوانه المسلمين ممن يقرأ تحذيري من هذا الحديث
من أبي عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني إلى إخوانه المسلمين ممن يقرأ تحذيري من هذا الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,,,,,,,,,,,,,,, أما بعد
فقد إنتشر بين الناس من صالحين وطالحين بل وبعض الوعاض المصلحين من أهل هذا الزمان حديث كذب لم يقله الرسول صلى الله عليه وسلم يذكرونه ليبرهنون به على شناعة الكذب والترهيب منه وأن المؤمن قد يصدر منه الزنى والسرقة لكن لايصدر منه الكذب ولايمكن وقوعه منه وسنذكر فيما يلي برهان وضعه لنحذر من نشره بين الناس فهوأحد الأحاديث التي نحتج اليوم بها على الوعاظ القصاصين القائلين نروي الضعيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال أوالترغيب والترهيب إذا لم يشتد ضعفه ونقول روى بصيغة التمريض لا الجزم قائلين له ردنا عليكم من وجوه هي :
الوجه الأول / أن شدة الضعف لايدركها إلا أهل الصناعة من المحدثين وأنتم لاعلم لكم تميزون به بين الضعيف وشديد الضعف والموضوع فقد يعلق عالم على حديث فيقول ضعيف ويعني شديد الضعف أو يقول فيه مقال ويكون موضوع أو تجدون الحديث في بطون الكتب بدون تعليق فتصدرونه بكلمة روي لتتخلصوا زعمتم من العهده كما يفعل ربما الكثيرون فيكون الحديث موضوعا فتقعون في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال من قال على مالم أقل فليتبوء مقعده من النار 0وهل يحل إذا لم تعرفوا درجته عن أهل الإختصاص أن ترونه للناس وأعلى أحوالكم الشك قله رسول الله أم لم يقله ؟؟ جوابه في الوجه التالي.
الوجه الثاني / أنه لايحل لكم إذا رأيتم أحد الأحاديث في بطون الكتب ولم يعلق عليه عالم بالحديث وكنتم تريدون نقله في خطبكم ودروسكم أن تنقلوه للناس و تحتجوا على جواز عملكم الخاطيء هذا فتقولوا نقول عند ذكره روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نجزم فنقول قال لأن أحسن أحوالكم والحالة كذلك أنكم شاكون في صحته هل هو صحيح أم ضعيف أم موضوع والشك ليس بعلم فينقل كما قرر بن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله وكما قال بن حبان في كتابه المجروحين لاتحل الرواية عن رسول الله بالشك وهو مذهب مسلم كما في مقدمته من وجوب الرواية عن الثقاة ولايتم هذا الواجب إلا بدراسة السند وأنا للخطباء والقراء والقصاص الواعظين من أهل هذا الزمان هذه القدرة وقد أمضوا حياتهم في جمع الناس حولهم فسودوا قبل أن يتفقهوافكانت عاقبة أمرهم خسرا أن تقولوا على الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة أخبار لم تصح فهزل علمهم وهش فقههم ولم يتخرجوا أو يخرجوا أئمة وأنا لهم ذلك وقد قال مالك لايكون إماما من حدث بكل ماسمع ولولا أهل الجهل من الصالحين المغفلين لما انتشر صيتهم عند أهل الجهل من العالمين فعلمهم يتناقله الجهال بالشريعة بعضهم عن بعض فإذا أخذت تحذر قيل لك هؤلاء لهم قبول فإيش تقول لو لم يكونوا عند الله بمنزلة لما شهد لهم هؤلاء فكانوا محل قبول عندهم وهم بذلك جهال بأن ماذكره رسول الله من قوله أنتم شهداء الله في الأرض محله إذا ماكان الشهود عدول كما قرره الحافظ بن حجروالعدالة تتطلب علم بالحكم والمحكوم فيه وكثير من العوام هوام كما قيل وإلا فكم من جهال الصالحين من المسلمين تبع الجهم بن صفوان من الماضين والشعراوي المفسر الحلولي الذي يقول الله يحل في كل مكان بذاته فهل يلزم من ذلك أن الله يحب هؤلاء المبتدعة .
الوجه الثالث / أن العامة كما ذكر بن الملقن يجهلون أن معنى روي أنها صيغة تمريض فيتحملون الحديث على أنه صحيح فما ظنكم إذا كان يوم القيامة خصمكم عند ربكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حملتم أناس أخبار لاتثبت عنه صلى الله عليه وسلم.
الوجه الرابع/ قولهم رحمهم الله إذا روينا في الحلال والحرام تشددنا وإذا روينا في الترغيب أوالترهب تساهلنا لايعني أنهم يروون الضعيف ويحملونه الناس فيفه الجهال وقتهم أن الحديث صحيح فإن التساهل درجات ولامانع عقلا وشرعا أنما يقصدون رواية الضعيف المقبول أي الحسن في أدنى درجاته وإليك نص فتوى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل فقد سئل عن من عنده كتاب فيه الصحيح والضعيف وأقاويل الصحابة ( يعني وليس له تمييز ) هل يحدث منه فقال رحمه الله لا حتى يسأل أهل العلم ثم لقائل أن يقول هل معنى قولهم في التساهل رواية شديدالضعف فإذا قلتم لا تحسينا للظن بهم فحسنوا الظن وقولوا أنهم يعنون الحسن ولو في أدنى درجاته.
الوجه الخامس/ قد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث تميم الداري الدين النصيحة قيل لمن قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فهل من النصيحة لعامة المسلمين رواية الضعيف الذي ترجح عند أهل العلم أن النبي لم يقله أن يروى على رؤوسهم ولا يقال هذا ضعيف أليس هذا من غشهم فإنكم لو سكتم عنه أو قلتم روي لظنوه صحيحا ولا علم لكم بدرجته البتة أو يكون عندكم علم بتضعيف عالم ولا تنقلوا تضعيفه لعامة الناس عملا بحديث تميم الداري .
الوجه السادس/ قولكم لقد روى الإمام أحمد في مسنده أحاديث ضعيفة وكذا غيره من أئمة الدين كالترمذي فلماذا لايحل لنا رواية الضعيف من غير بيان حاله وقد سبقنا الأئمة هؤلاء فرووا تلك الأحاديث مع عدم بيان حالها فهل غش هؤلاء الأئمة الأمة لاحجة فيه البتة على مذهبكم الفاسد في تجويز نشر الأحاديث الضعيفة بين الناس لأمرين إثنين : الأول / أنهم كانوا يسندون أثناء الرواية ولا يعلقون الحديث مثلكم والقاعدة أن من أسند فقد بريء وأثناء السند سيعرف من كان من أهل الضعف كابن لهيعة وكتبهم عادة مايطلع عليها إلا أهل العلم والدراية بالحديث لاككتب الوعظ المسهلة التي يحرص عليها عوام الناس.
الثاني / أن فعلهم ذلك كان واجبا عليهم فعلوه من باب الضرورة العلمية ذلكم أن من القواعد المتقررة في علم المصطلح أن الضعيف إذا وجد له شاهد وهو ضعيف مثله إرتقى إلى الحسن فلو أهملوا رواية الضعيف الذي يستشهد به كحديث بن لهيعة إذا روى عنه غير العبادلة أدى ذلك إلى ضياع العلم وما مثلهم في حفظ العلم على ذلك النحو إلا كمثل رجل أراد إثبات حقه في الدين ولا تكون الشهادة إلا برجلين من أهل العدالة أو رجل وامرأتين فدله رجل عل امرأة واحدة لاتشهد وإنما لعله يجد من يكمل معها نصاب الشهادة فكذلك عمل الأئمة يسندون ولو بضعف لعله يأتي من يجمع حديثهم إلى غيره فيعمل به لأنه يصبح حسنا عند ذلك.
الثالث/ أن مثل هؤلاء قد قدموا النصيحة للأمة بترك رواية مالايعرف صحته وشك في قبوله فقال بن حبان كما في كتابه المجروحين لاتحل الرواية عن رسول الله بالشك وقد مضى جواب الإمام أحمد للسائل بأن من كان عنده كتاب لايميز ضعيفه من صحيحه أنها لاتحل الرواية منه للناس حتى يسأل أهل العلم بالحديث فهلا سألتم علماء الحديث أو رجعتم إلى تخريجاتهم المسطرة كمصنفات الإمام أحمد وبنحجر ومن المعاصرين كالعلامة الألباني الذي نجح رحمه الله في تقريب كثير من صحيح السنة بين يدي الأمة فرحمه الله وأجزل له المثوبة من مجدد لعلم الحديث كما قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وذلك قبل الرواية العشوائية من بطون الكتب وتحميل العوام أخبار ضعيفة وأخرى كاذبة لم يقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم
الوجه السابع / أحيلكم فيه لأن تقرؤا مقدمة الإمام مسلم وما جاء فيها من وجوب التثبت في الرواية عن رسول الله فأنعم بها من مقدمة صدق وبركة وعلم0 فلا تبخلوا ىعلى أنفسكم المريدة للحق بقراءتها فإنها نفعة جدا واحذر من حديث عائشة أمرنا النبي أن ننزل الناس منازلهم فسنده ضعيف.
الوجه الثامن / إذا كانت الرواية بالضعيف تؤدي عند الجهال للعمل به إما إعتقادا أفعلا فلا تحل من هذا الوجه روايته من غير بيان لحاله فإن الأمر كما ذكر شيخ الإسلام في الفتاوى الحديث الضعيف فقال لاتبنى عليه أحكام شرعية كالإستحباب والوجوب ولو كان في الترغيب والترهيب فإنه يبنى عليه عمل قلبي وهو التصديق ومجاهدة النفس في ذلك وكيف يصدق وقد ترجح عند العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقله فلابد والحال كذلك من بيان حاله عند ذكره والتحذير منه.
ولاأطيل أكثر من ذلك وإليكم تخريج الحديث:
قال أبو الدرداء وذكر بعضهم قال عبدالله بن جراد يارسول الله هل يزني المؤمن قال قد يكون ذلك قال هل يسرق المؤمن قال قد يكون ذلك قال هل يكذب المؤمن قال لا ثم أتبعها نبي الله صلى الله عليه وسلم : (إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنون) ( موضوع)
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (برقم 244 ) (3-135) وابن عساكر في تاريخ دمشق (6-272 ) كلاهما عن يعلى بن الأشدق عن عبدالله بن جراد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وأخرجه ابن أبي الدنيا (برقم 474 ) في كتاب الصمت ومحمد بن أبي بكر القرشي في مكارم الأخلاق (140) والخطيب البغدادي في تاريخه (6-272) من طرق كلهم عن إسماعيل بن خالد الضرير حدثنا يعلى بن الأشدق حدثنا عبدالله بن جراد قال أبو الدرداء : يارسول الله هل يكذب المؤمن قال لايؤمن بالله ولا باليوم الآخر من حدث فكذب قلت وهذا لفظ آخر للحديث
قلت هذا الحديث موضوع وآفته يعلى بن الأشدق الكذاب وعبدالله بن جراد مجهول قال بن حجر في لسان الميزان (3-266) : عبدالله بن جراد مجهول لايصح خبره لأنه من رواية يعلى بن الأشدق الكذاب قال أبو حاتم لايعرف ولا يصح خبره .ثم قال عن عبدالله بن جراد والعجب من ابن حبان ذكره في الصحابة وقال توفي سنة 164من الهجرة وقال ليست صحبته عندي بصحيحة .قال الذهبي صدق فإن خاتمة الصحابة أبو الطفيل بلا خلاف عند أهل الحديث وقد مات سنة عشر ومائة على الأصح وقيل غير ذلك. وقد كذبه الذهبي في ميزان الإعتدال (4-71) فقال أيضا عبدالله بن جراد لايصح خبره لأنه من رواية يعلى الأشدق الكذاب عنه0 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(3-209 ) وفيه يعلى الأشدق وهو كذاب وقال مرة فيه ضعف والأولى مفسرة.
وفي الجرح والتعديل (9-302) سئل أبوزرعة عن يعلى بن الأشدق فقال هو عندي لايصدق ليس بشيء قدم الرقة فقال رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له عبدالله بن جراد فأعطوه على ذلك فوضع أربعين حديثا وعبدالله بن جراد لايعرف. انتهى.
قال بن حبان لما كبر إجتمع عليه من لادين له فوضعوا له شبيها بمأتي حديث نسخة عبدالله بن جراد فجعل يحدث بها وهو لايدري لاتحل عنه الرواية بحال وقال البخاري في التاريخ الأوسط لايكتب حديثه قلت قال ذلك مع كونه ناعم الجرح رحمه الله تعالى قال صاحب التوبيخ والتنبيه عبدالله بن حيان(1-206) قال بن عدي روى عن عمه فذكر أحاديث كثيرة ومنكرة وهو وعمه غير معروفين.
قلت فهل من شك بعد هذا البيان والبرهان أن هذا الحديث بهذا اللفظ مكذوب على سيد الكرام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فليحذر منه قال بعضهم لأن أتعلم علة حديث خير لي من أن أتعلم عشرة أحاديث.
ومع هذا فالحديث مروي بلفظ آخر مختلف إلا الجملة الأخيرة وهو أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا فقال نعم فقيل أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم فقيل أيكون المؤمن كذابا فقال لا.
أخرجه مالك في موطئه (2-990) فقال وحدثني الراوي عنه وحدثني مالك عن صفوان بن سليم أنه قيل لرسول الله فذكره قلت وهذا سند ضعيف وعلته الإنقطاع فإنه من رواية صفوان بن سليم وهو في الطبقة دون الوسطى من التابعين 0و أخرجه من طريقه صاحب مكارم الأخلاق (1-54) وكذلك البيهقي كما قال صاحب ىالدر المنثور (4-218) قال بن عبدالبر في كتابه الحافل الإستذكار ( 8-575): لا أحفظ هذا الحديث مسندا من وجه ثابت وهوحديث حسن مرسل ومعناه أن المؤمن لايكون كذابا والكذاب في لسان العرب من غلب عليه الكذب ومن شأنه الكذب فيما أبيح له وفيما لم يبح وهو أكثر من الكاذب لأن الكاذب يكون لمرة واحدة والكذاب لا يكون إلا للمبالغة والتكرار وليست هذه صفة المؤمن. قلت : فيتبين لك الفرق بين هذا اللفظ الضعيف والذي له شاهد موقوف كما سيأتي والذي فيه أن وصف الإيمان الواجب لايسلب إلا بالتكرار واللفظ الموضوع الذي هو عنوان البحث والذي يصدق عليه سلب صفة الإيمان الواجب ولو كذب مرة وهو مثل قولك زيد الحكيم يسرق!!! أي هل يمكن صدور السرقة منه ولو مرة وهذا بخلاف وصفنا له بتكرار السرقة كسراق لو صح لغة.
وقد جاء هذا اللفظ على صيغة المبالغة موقوفا على عمر فيم أخرجه كل من بن أبي الدنيا (489) و(523) والبيهقي في شعب الإيمان (4887) وكل منهما من طريق الأوزاعي عن حسان بن عطية أن عمر بن الخطاب قال لاتجد المؤمن كذابا.
ويشبه مثل هذا المعنى ما أخرجه عبد الله في مسند أبيه (22224) فقال حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع قال سمعت الأعمش قال حدثت عن أبي أمامة قال قال رسول الله يطبع المؤمن على كل الخلال إلا الكذب والخيانة قلت وهذا سند ضعيف فهو منقطع كما هو ظاهره فسنده ضعيف مرفوعا
وأخرج البيهقي (10-197) أخبرنا أبو سعد الميالني أنبانا أبو أحمد بن عدي الحافظ ثنا عبدالله بن حفص الوكيل ثنا بن رشيد ثنا علي بن هاشم عن العمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه مرفوعا يطبع المؤمن على كل شيء إلا الخيانة والكذب رواه من طريق حفص الوكيل أبو يعلى والبيهقي في الشعب وضعفه البيهقي وقال الدارقطني في العلل روي مرفوعا وموقوفا والموقوف أشبه بالصواب. وضعفه لألباني في السلسلة 03215
و أخرجه بن أبي الدنيا (490) قال حدثنا ابن جميل انبأنا عبدالله انبأنا سفيان وشعبة عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد عن سعد رضي الله عنه قال كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب قلت سنده صحيح أحمد بن جميل قال عنه بن معين لابأس به وعبدالله هو بن المبار وسلمة بن كهيل قال عن الإمام أحمد متقن الحديث كما في الجرح والتعديل للرازي
وأخرج كذلك بن أبي الدنيا (491) قال حدثنا أحمد بن جميل انبأنا عبدالله انبأنا سفيان عن منصور عن مالك بن الحارث عن عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود : قال كل الخلال يطوى عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب
فنخلص من ذلك أن حديث هل يزني المؤمن قال قد يكون هل يكذب قال لا (موضوع)0 وحديث أيكون المؤمن جبانا قال نعم أيكون كذابا قال لا ضعيف وحديث كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الكذب والخيانة ضعيف مرفوعا إلا عن سعد فإنه ثبت عنه موقوفا فيحتمل تحسينه لذلك وأما أن يكون شاهد للحديث الموضوع فلا فأن معنى هل يكذب يختلف عن لايكون المؤمن كذابا أو أنه لايطبع على الكذب لأن الكذاب من غلب عليه الكذب وقوله هل يزن أي هل يمكن وقوعه منه والله اعلم فإذا كان كذلك فمعناه منكر فلا تصلح تلك الأحاديث شواهد يصح معنى الموضوع بها فإنه على هذا النحو يكون الكذب مرة أشد من الزنا والسرقة ولاأظن أن أحد من أهل العلم يقول ذلك لأنهم إختلفوا في الكذب على غير الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو كبيرة ومايختلفون أن الزنا كبيرة من الكبائر هذا مأفهمه فإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه وإن كان صوابا فمن الله اوالله أعلم.
أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (برقم 244 ) (3-135) وابن عساكر في تاريخ دمشق (6-272 ) كلاهما عن يعلى بن الأشدق عن عبدالله بن جراد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وأخرجه ابن أبي الدنيا (برقم 474 ) في كتاب الصمت ومحمد بن أبي بكر القرشي في مكارم الأخلاق (140) والخطيب البغدادي في تاريخه (6-272) من طرق كلهم عن إسماعيل بن خالد الضرير حدثنا يعلى بن الأشدق حدثنا عبدالله بن جراد قال أبو الدرداء : يارسول الله هل يكذب المؤمن قال لايؤمن بالله ولا باليوم الآخر من حدث فكذب قلت وهذا لفظ آخر للحديث
قلت هذا الحديث موضوع وآفته يعلى بن الأشدق الكذاب وعبدالله بن جراد مجهول قال بن حجر في لسان الميزان (3-266) : عبدالله بن جراد مجهول لايصح خبره لأنه من رواية يعلى بن الأشدق الكذاب قال أبو حاتم لايعرف ولا يصح خبره .ثم قال عن عبدالله بن جراد والعجب من ابن حبان ذكره في الصحابة وقال توفي سنة 164من الهجرة وقال ليست صحبته عندي بصحيحة .قال الذهبي صدق فإن خاتمة الصحابة أبو الطفيل بلا خلاف عند أهل الحديث وقد مات سنة عشر ومائة على الأصح وقيل غير ذلك. وقد كذبه الذهبي في ميزان الإعتدال (4-71) فقال أيضا عبدالله بن جراد لايصح خبره لأنه من رواية يعلى الأشدق الكذاب عنه0 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(3-209 ) وفيه يعلى الأشدق وهو كذاب وقال مرة فيه ضعف والأولى مفسرة.
وفي الجرح والتعديل (9-302) سئل أبوزرعة عن يعلى بن الأشدق فقال هو عندي لايصدق ليس بشيء قدم الرقة فقال رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له عبدالله بن جراد فأعطوه على ذلك فوضع أربعين حديثا وعبدالله بن جراد لايعرف. انتهى.
قال بن حبان لما كبر إجتمع عليه من لادين له فوضعوا له شبيها بمأتي حديث نسخة عبدالله بن جراد فجعل يحدث بها وهو لايدري لاتحل عنه الرواية بحال وقال البخاري في التاريخ الأوسط لايكتب حديثه قلت قال ذلك مع كونه ناعم الجرح رحمه الله تعالى قال صاحب التوبيخ والتنبيه عبدالله بن حيان(1-206) قال بن عدي روى عن عمه فذكر أحاديث كثيرة ومنكرة وهو وعمه غير معروفين.
قلت فهل من شك بعد هذا البيان والبرهان أن هذا الحديث بهذا اللفظ مكذوب على سيد الكرام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام فليحذر منه قال بعضهم لأن أتعلم علة حديث خير لي من أن أتعلم عشرة أحاديث.
ومع هذا فالحديث مروي بلفظ آخر مختلف إلا الجملة الأخيرة وهو أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا فقال نعم فقيل أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم فقيل أيكون المؤمن كذابا فقال لا.
أخرجه مالك في موطئه (2-990) فقال وحدثني الراوي عنه وحدثني مالك عن صفوان بن سليم أنه قيل لرسول الله فذكره قلت وهذا سند ضعيف وعلته الإنقطاع فإنه من رواية صفوان بن سليم وهو في الطبقة دون الوسطى من التابعين 0و أخرجه من طريقه صاحب مكارم الأخلاق (1-54) وكذلك البيهقي كما قال صاحب ىالدر المنثور (4-218) قال بن عبدالبر في كتابه الحافل الإستذكار ( 8-575): لا أحفظ هذا الحديث مسندا من وجه ثابت وهوحديث حسن مرسل ومعناه أن المؤمن لايكون كذابا والكذاب في لسان العرب من غلب عليه الكذب ومن شأنه الكذب فيما أبيح له وفيما لم يبح وهو أكثر من الكاذب لأن الكاذب يكون لمرة واحدة والكذاب لا يكون إلا للمبالغة والتكرار وليست هذه صفة المؤمن. قلت : فيتبين لك الفرق بين هذا اللفظ الضعيف والذي له شاهد موقوف كما سيأتي والذي فيه أن وصف الإيمان الواجب لايسلب إلا بالتكرار واللفظ الموضوع الذي هو عنوان البحث والذي يصدق عليه سلب صفة الإيمان الواجب ولو كذب مرة وهو مثل قولك زيد الحكيم يسرق!!! أي هل يمكن صدور السرقة منه ولو مرة وهذا بخلاف وصفنا له بتكرار السرقة كسراق لو صح لغة.
وقد جاء هذا اللفظ على صيغة المبالغة موقوفا على عمر فيم أخرجه كل من بن أبي الدنيا (489) و(523) والبيهقي في شعب الإيمان (4887) وكل منهما من طريق الأوزاعي عن حسان بن عطية أن عمر بن الخطاب قال لاتجد المؤمن كذابا.
ويشبه مثل هذا المعنى ما أخرجه عبد الله في مسند أبيه (22224) فقال حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع قال سمعت الأعمش قال حدثت عن أبي أمامة قال قال رسول الله يطبع المؤمن على كل الخلال إلا الكذب والخيانة قلت وهذا سند ضعيف فهو منقطع كما هو ظاهره فسنده ضعيف مرفوعا
وأخرج البيهقي (10-197) أخبرنا أبو سعد الميالني أنبانا أبو أحمد بن عدي الحافظ ثنا عبدالله بن حفص الوكيل ثنا بن رشيد ثنا علي بن هاشم عن العمش عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه مرفوعا يطبع المؤمن على كل شيء إلا الخيانة والكذب رواه من طريق حفص الوكيل أبو يعلى والبيهقي في الشعب وضعفه البيهقي وقال الدارقطني في العلل روي مرفوعا وموقوفا والموقوف أشبه بالصواب. وضعفه لألباني في السلسلة 03215
و أخرجه بن أبي الدنيا (490) قال حدثنا ابن جميل انبأنا عبدالله انبأنا سفيان وشعبة عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد عن سعد رضي الله عنه قال كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب قلت سنده صحيح أحمد بن جميل قال عنه بن معين لابأس به وعبدالله هو بن المبار وسلمة بن كهيل قال عن الإمام أحمد متقن الحديث كما في الجرح والتعديل للرازي
وأخرج كذلك بن أبي الدنيا (491) قال حدثنا أحمد بن جميل انبأنا عبدالله انبأنا سفيان عن منصور عن مالك بن الحارث عن عبدالرحمن بن يزيد عن ابن مسعود : قال كل الخلال يطوى عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب
فنخلص من ذلك أن حديث هل يزني المؤمن قال قد يكون هل يكذب قال لا (موضوع)0 وحديث أيكون المؤمن جبانا قال نعم أيكون كذابا قال لا ضعيف وحديث كل الخلال يطبع عليها المؤمن إلا الكذب والخيانة ضعيف مرفوعا إلا عن سعد فإنه ثبت عنه موقوفا فيحتمل تحسينه لذلك وأما أن يكون شاهد للحديث الموضوع فلا فأن معنى هل يكذب يختلف عن لايكون المؤمن كذابا أو أنه لايطبع على الكذب لأن الكذاب من غلب عليه الكذب وقوله هل يزن أي هل يمكن وقوعه منه والله اعلم فإذا كان كذلك فمعناه منكر فلا تصلح تلك الأحاديث شواهد يصح معنى الموضوع بها فإنه على هذا النحو يكون الكذب مرة أشد من الزنا والسرقة ولاأظن أن أحد من أهل العلم يقول ذلك لأنهم إختلفوا في الكذب على غير الرسول صلى الله عليه وسلم هل هو كبيرة ومايختلفون أن الزنا كبيرة من الكبائر هذا مأفهمه فإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه وإن كان صوابا فمن الله اوالله أعلم.
كتبه أبو عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني
بارك الله فيك
كلام طيب حقا
واصل
جزاك الله خيرا على التنبيه
بارك الله فيك
بارك الله فيك
قرأت البحث النفيس و انتفعت به ، فجزاك الله كل خير، و بارك الله في علم الشيخ أبو عبدالله ماهر بن ظافر القحطاني.
جزاك الله خير