نعتقد أن مباديء الفهم في الإسلام تتأسس بحسب منظومة عقدية وأخرى تشريعية ، وما نريد بيانه – هنا – هو أسس المنظومة العقدية … أو العقائد ثم صلتها بالجوانب القيمية في حياة المسلمين .
وأول مداخل العقيدة في الإسلام يقوم على أساس الحديث النبوي الشريف " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً " … ونحن نستطيع أن نبين – في هذا الصدد – كيف يمكننا " كشف الأسرار " عن هذه الأسس لتبدو في صورة ناصعة ، إذ تؤسس للمسلمين دستوراً – حقيقياً – للقيم الأخلاقية ، وذلك ببث هذه الأسس في حياة المجتمع لا أن تكون مجرد كلمات تتلى . وكم عتبنا على المسلمين تفرقتهم بين دينهم وبين العمل الجاد المثمر ، حتى حُسب – باطلاً – أن العمل من غير ضروريات الإسلام … فمُلاحَظ في حياة المسلم – المعاصر تحديداً – لا مبالاة … وربما احتقار لما يعرف اجتماعياً بـ " الواجبات العامة " ؛ فأنت – مثلاً – قد ترى مسلماً يواظب على صلاته في مسجد الحي ،أما نظافة ما حول المسجد ،أما نظافة الحي نفسه ، فأمرٌ لم يخطر له على بال ، لأنه – المصلي – فرّق بين ما هو إلهي وما هو اجتماعي ، ناسياً ، أو متناسياً ، أن الإلهي لم ينزل إلا لتنظيم ما هو اجتماعي !!! .
ونعتقد من جانبنا أن أهم قيمة رفعها الإسلام – بعد التوحيد – هي اعترافه ، واعتزازه – بالآخر ، حتى صار صحيحاً القول " كلما شدد المسلم قبضته على عقيدته الإسلامية ، ازداد شعوراً بالآخرين ، لا من حيث هم وسائل تُستغَل ، بل من حيث هم غايات في أنفسهم " .
وليس بعيداً عن الحقيقة في الإسلام أن نؤكد أن " نظرةً مدققةً متعمقةً إلى كل ركن من أركان الإسلام الخمسة تعلمنا – ضرورة – أن يتصور المسلم نفسه دائماً لا على أنه فرد مستقل منعزل ، بل على أنه – كذلك – عضو في جماعة ".
والركن الأول من أركان الإسلام الخمسة هو الشهادتان : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وهنا نجد أن هذه الشهادة قد تضمنت الاعترافَ بثلاث حقائق : أن هناك شاهداً يعلن شهادةً ما ، ومشهوداً له بهذه الشهادة ، و" آخر " تعلن الشهادة في حضرته اعترافاً بقيمته ، وإقراراً بوجوده على المستوى الوجودي والمستوى المعرفي . ولا فرق بين أن يكون هذا الـ " آخر " فرداً واحداً ، أو أن يكون مجتمعاً ، أو أن يكون أمة .
من الأهمية بمكان ألا ننظر إلى الشهادة على أنها " مجرد ألفاظ " ينطق بها المسلم وكفى ، بل يجب أن نحولها إلى " عالم من المعاني الحية نعيشها بعقول مدركة ، فلو أننا جعلنا من كلمات الشهادة أبواباً نفتحها لندخل في رحاب القيم التي وراءها ، لألفينا أنفسَنا في تيار دافق من معانٍ تتضافر ، وتتسق ، حتى ينشأ من دعائمها بناءٌ فكريٌّ كاملٌ أخلاقياً واجتماعياً" .
وأول – بل وأهم – حقائق " الشهادة " أن هناك إلهاً واحداً لا شريك له ، وذلك من قول المسلم " أشهد أن لا إله إلا الله " ، وثاني هذه الحقائق أن هناك شاهداً يعلن هذه " الشهادة " … وهو المسلم ، وثالث هذه الحقائق أن هناك " آخرين " – الفرد أو المجتمع – يهم من يعلن الشهادة أن يعرفوا أنه مسلم .
وحقيقة أخرى في " الشهادة " هي الإعلان أن الله واحدٌ لا شريك له ، وأهم ما تتميز به الذات الإلهية المقدسة من الصفات غير المتناهية ، وهي صفات متوحدة في نسق واحد ، لأن الموصوف بها – الله – واحد .
إن صفات الله تعالى يمكن تقسيمها إلى : صفات ثبوت ، وصفات فروع ؛ بمعنى أن هناك صفات بالنسبة لغيرها تعد صفات إيجابية ، وما عداها يعد نتاجاً عن هذه الصفات التي اعتبرناها أصولاً ، وهذه الصفات – صفات الأصول – سبع صفات هي : القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام .
إن الواحد منا حين يشهد بوجود الذات الإلهية فإنه – في الوقت نفسه – يشهد بذلك نفسه ضرورة وجود العلم والإرادة والقدرة … إلى آخر مجموعة الصفات التي تدل عليها أسماء الله الحسنى ، وهذه المجموعة من الصفات هي لله تعالى على نحو مطلق بغير حدود ، وهي كذلك للإنسان على نحو نسبي محدود ؛ فلله تعالى العلم كله وللإنسان بعضه ( مسألة التباين بين علم الله تعالى وعلم الإنسان ليست قاصرةً على الناحية الكمية : لله تعالى الكل وللإنسان البعض ، بل تتعدى ذلك الكم إلى الكيف : فعلم الله تعالى ليس محدثاً ، وعليه يقوم الكون ، وعلم الإنسان محدَث ويقوم بالكون بعد إيجاده ، وعلم الله تعالى لا يتغير إنْ بالزيادة أو النقصان ، بينما علم الإنسان يزيد بما يستجد عليه من علم وتذكّر ، ويقل / ينقص بما يعتريه من جهل ونسيان) . ولله التقدير على إطلاقه ، وللإنسان تقدير محدود … وهكذا وهكذا !!! .
ومعنى ذلك أن شهادة أن لا إله إلا الله هي – بالتالي – شهادة بضرورة أن تتحقق مجموعة من الصفات بصورة كاملة في الإله ، وبصورة ناقصة في الإنسان ، فمن لم يعمل على أن يكون في حياته عالماً مريداً قادراً مهيمناً عزيزاً إلخ إلخ ، كانت شهادته – برأيي – باللفظ دون المعنى .
وثاني حقائق الشهادة هي الذات الناطقة بها ، هذه الذات الإنسانية التي مهما تشابهت مع غيرها من " ذوات " بشرية ، فلابد أن تكون ذاتاً واحدة ، لأنه " مهما يكن من أمر هذا التشابه ، أو التجانس ، بين أفراد الإنسان ، فلن يكون الفرد الإنساني " ذاتاً " إلا إذا بقيت له بقيةٌ يختلف بها عن جميع من عداه ، وهي بقية لها كل الأهمية والخطورة ؛ لأنها هي التي تحدد هُويتَه ، وهي التي نعدّها مسؤولة أمام الله والناس ، وهذا الجانب الفريد من كيان الإنسان هو الذي " يشهد " بأن لا إله إلا الله .
وثالث حقائق " الشهادة " هو وجود " الآخر " ، سواء كان هذا الآخر ، فرداً ، أم مجتمعاً ، أم أمة ، فهؤلاء – جميعاً – يمثلون المحيط الإنساني الذي يعيش فيه من أعلن الشهادة ، فالأمر لا يقتصر على لفظ نلفظه بالشفاه ، بل لابد أن يجاوز ذلك إلى معانٍ نعيشها . ولننظر الفارق الشاسع بين إنسان يتصرف كما لو لم يكن في الدنيا سواه ، وإنسان يضع في اعتباره – عند كل خطوة يخطوها وفعل يؤديه – أن هنالك آخرين اعترف بهم ضمناً حين شهد ألا إله إلا الله .
إننا لا نجاوز الحقيقة الإخلاقية الدينية إذا قلنا إن شهادة أن لا إله إلا الله تولّد لنا نظماً اجتماعية وسياسية أساسها قيم أخلاقية تهتم بالفرد قدر اهتمامها بالمجتمع ، ما يمهد للقول إنه من عنصر الشهادة تنشأ لنا ضروراتٌ ثلاثة : الحقيقة الدينية ، والفردية الإنسانية ، وروابط المجتمع .
والركن الثاني من أركان الإسلام هو الصلاة ، والصلاة لها درجاتها التي ترتفع كلما كان المسلم يؤديها وسط " آخرين " ؛ ففي الصلاة حث للفرد على أن يصلي مع آخرين جماعة ، فإن تعذّر ذلك طيلة أيام الأسبوع ، أصبح الأمر فرضاً عليه يوم الجمعة ليتحقق وقوفه أمام الله مع " الآخرين " ، وكأن في ذلك عهداً مقطوعاً من الفرد أمام ربه بأنه يقرّ بألا حياة له إلا منتسباً إلى هؤلاء ، ومتآزراً معهم في صف واحد يستقبلون قبلة واحدة .
ويمكننا ملاحظة ثلاثة أمور نحسب أن الصلاة ، بغيرها … أو بنقصان ولو واحدة ، تكون بين بين !!! : الآمر ، والمأمور ، والمردودة إليه الصلاة بتوابعها :
فالآمر هو الله تعالى ، ولا يجب أن تؤدى الصلاةُ باعتبارها " رياضة " !!! أو بالنظر لفوائدها الطبية … فالجميل في العبادات أنها تؤدَّى امتثالاً لأمر الله تعالى .
والمأمور هو المسلم البالغ الذي نشدد أنه كلما كمل عقل / إدراك المرء ، كلما كان أكثر مسؤوليةً !!! . ( وهنا نختلف في تعريف البلوغ عند الكثير … حيث عرّفه بأنه الاحتلام للرجل والحيض للمرأة ، على حين أن الدين بيّنَ أن المسؤولية تدور مع العقل وجوداً وعدماً ؛ فيصبح البلوغ ، عندنا ، كمال الإدراك ، وكلما زاد المرء وعياً / إدراكاً كانت مسؤوليته أشد وأكبر … اشدكم بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ) .
وأما المردودة إليه الصلاة بتوابعها فالمجتمع بناسه : مؤمنهم وكافرهم ، وجماداته : نظامه وشوارعه ومبانيه وممتلكاته … فلا تفيد الصلاةُ من لا يتقن عمله ، ولا تفيد من يتعدى على حق غيره أياً كان هذا الحق بدءاً من الرصيف حتى اختيار الحاكم !!! … وعجيب أن أكثرنا يصلي ، ثم هو خارج صلاته يردد " أنا ومن بعدي الطوفان ".
والركن الثالث من أركان ألإسلام هو الزكاة ، وهي قدر من المال – منقوداً أو منقولاً – يوجه لآخرين في المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان المسلم . والزكاة عبارة عن تنمية بمعناها اللغوي ، فالمرء ينمو ويزكو ويسمو حين يعين " الآخرين " على النمو والزكو والسمو ، فهي – الزكاة – ليست تبعة " اقتصادية " نحو الآحرين فحسب بل هي – الزكاة – في الوقت نفسه تبعة أخلاقية وروحية … بل وحضارية أيضاً .
وأول مداخل العقيدة في الإسلام يقوم على أساس الحديث النبوي الشريف " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً " … ونحن نستطيع أن نبين – في هذا الصدد – كيف يمكننا " كشف الأسرار " عن هذه الأسس لتبدو في صورة ناصعة ، إذ تؤسس للمسلمين دستوراً – حقيقياً – للقيم الأخلاقية ، وذلك ببث هذه الأسس في حياة المجتمع لا أن تكون مجرد كلمات تتلى . وكم عتبنا على المسلمين تفرقتهم بين دينهم وبين العمل الجاد المثمر ، حتى حُسب – باطلاً – أن العمل من غير ضروريات الإسلام … فمُلاحَظ في حياة المسلم – المعاصر تحديداً – لا مبالاة … وربما احتقار لما يعرف اجتماعياً بـ " الواجبات العامة " ؛ فأنت – مثلاً – قد ترى مسلماً يواظب على صلاته في مسجد الحي ،أما نظافة ما حول المسجد ،أما نظافة الحي نفسه ، فأمرٌ لم يخطر له على بال ، لأنه – المصلي – فرّق بين ما هو إلهي وما هو اجتماعي ، ناسياً ، أو متناسياً ، أن الإلهي لم ينزل إلا لتنظيم ما هو اجتماعي !!! .
ونعتقد من جانبنا أن أهم قيمة رفعها الإسلام – بعد التوحيد – هي اعترافه ، واعتزازه – بالآخر ، حتى صار صحيحاً القول " كلما شدد المسلم قبضته على عقيدته الإسلامية ، ازداد شعوراً بالآخرين ، لا من حيث هم وسائل تُستغَل ، بل من حيث هم غايات في أنفسهم " .
وليس بعيداً عن الحقيقة في الإسلام أن نؤكد أن " نظرةً مدققةً متعمقةً إلى كل ركن من أركان الإسلام الخمسة تعلمنا – ضرورة – أن يتصور المسلم نفسه دائماً لا على أنه فرد مستقل منعزل ، بل على أنه – كذلك – عضو في جماعة ".
والركن الأول من أركان الإسلام الخمسة هو الشهادتان : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وهنا نجد أن هذه الشهادة قد تضمنت الاعترافَ بثلاث حقائق : أن هناك شاهداً يعلن شهادةً ما ، ومشهوداً له بهذه الشهادة ، و" آخر " تعلن الشهادة في حضرته اعترافاً بقيمته ، وإقراراً بوجوده على المستوى الوجودي والمستوى المعرفي . ولا فرق بين أن يكون هذا الـ " آخر " فرداً واحداً ، أو أن يكون مجتمعاً ، أو أن يكون أمة .
من الأهمية بمكان ألا ننظر إلى الشهادة على أنها " مجرد ألفاظ " ينطق بها المسلم وكفى ، بل يجب أن نحولها إلى " عالم من المعاني الحية نعيشها بعقول مدركة ، فلو أننا جعلنا من كلمات الشهادة أبواباً نفتحها لندخل في رحاب القيم التي وراءها ، لألفينا أنفسَنا في تيار دافق من معانٍ تتضافر ، وتتسق ، حتى ينشأ من دعائمها بناءٌ فكريٌّ كاملٌ أخلاقياً واجتماعياً" .
وأول – بل وأهم – حقائق " الشهادة " أن هناك إلهاً واحداً لا شريك له ، وذلك من قول المسلم " أشهد أن لا إله إلا الله " ، وثاني هذه الحقائق أن هناك شاهداً يعلن هذه " الشهادة " … وهو المسلم ، وثالث هذه الحقائق أن هناك " آخرين " – الفرد أو المجتمع – يهم من يعلن الشهادة أن يعرفوا أنه مسلم .
وحقيقة أخرى في " الشهادة " هي الإعلان أن الله واحدٌ لا شريك له ، وأهم ما تتميز به الذات الإلهية المقدسة من الصفات غير المتناهية ، وهي صفات متوحدة في نسق واحد ، لأن الموصوف بها – الله – واحد .
إن صفات الله تعالى يمكن تقسيمها إلى : صفات ثبوت ، وصفات فروع ؛ بمعنى أن هناك صفات بالنسبة لغيرها تعد صفات إيجابية ، وما عداها يعد نتاجاً عن هذه الصفات التي اعتبرناها أصولاً ، وهذه الصفات – صفات الأصول – سبع صفات هي : القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام .
إن الواحد منا حين يشهد بوجود الذات الإلهية فإنه – في الوقت نفسه – يشهد بذلك نفسه ضرورة وجود العلم والإرادة والقدرة … إلى آخر مجموعة الصفات التي تدل عليها أسماء الله الحسنى ، وهذه المجموعة من الصفات هي لله تعالى على نحو مطلق بغير حدود ، وهي كذلك للإنسان على نحو نسبي محدود ؛ فلله تعالى العلم كله وللإنسان بعضه ( مسألة التباين بين علم الله تعالى وعلم الإنسان ليست قاصرةً على الناحية الكمية : لله تعالى الكل وللإنسان البعض ، بل تتعدى ذلك الكم إلى الكيف : فعلم الله تعالى ليس محدثاً ، وعليه يقوم الكون ، وعلم الإنسان محدَث ويقوم بالكون بعد إيجاده ، وعلم الله تعالى لا يتغير إنْ بالزيادة أو النقصان ، بينما علم الإنسان يزيد بما يستجد عليه من علم وتذكّر ، ويقل / ينقص بما يعتريه من جهل ونسيان) . ولله التقدير على إطلاقه ، وللإنسان تقدير محدود … وهكذا وهكذا !!! .
ومعنى ذلك أن شهادة أن لا إله إلا الله هي – بالتالي – شهادة بضرورة أن تتحقق مجموعة من الصفات بصورة كاملة في الإله ، وبصورة ناقصة في الإنسان ، فمن لم يعمل على أن يكون في حياته عالماً مريداً قادراً مهيمناً عزيزاً إلخ إلخ ، كانت شهادته – برأيي – باللفظ دون المعنى .
وثاني حقائق الشهادة هي الذات الناطقة بها ، هذه الذات الإنسانية التي مهما تشابهت مع غيرها من " ذوات " بشرية ، فلابد أن تكون ذاتاً واحدة ، لأنه " مهما يكن من أمر هذا التشابه ، أو التجانس ، بين أفراد الإنسان ، فلن يكون الفرد الإنساني " ذاتاً " إلا إذا بقيت له بقيةٌ يختلف بها عن جميع من عداه ، وهي بقية لها كل الأهمية والخطورة ؛ لأنها هي التي تحدد هُويتَه ، وهي التي نعدّها مسؤولة أمام الله والناس ، وهذا الجانب الفريد من كيان الإنسان هو الذي " يشهد " بأن لا إله إلا الله .
وثالث حقائق " الشهادة " هو وجود " الآخر " ، سواء كان هذا الآخر ، فرداً ، أم مجتمعاً ، أم أمة ، فهؤلاء – جميعاً – يمثلون المحيط الإنساني الذي يعيش فيه من أعلن الشهادة ، فالأمر لا يقتصر على لفظ نلفظه بالشفاه ، بل لابد أن يجاوز ذلك إلى معانٍ نعيشها . ولننظر الفارق الشاسع بين إنسان يتصرف كما لو لم يكن في الدنيا سواه ، وإنسان يضع في اعتباره – عند كل خطوة يخطوها وفعل يؤديه – أن هنالك آخرين اعترف بهم ضمناً حين شهد ألا إله إلا الله .
إننا لا نجاوز الحقيقة الإخلاقية الدينية إذا قلنا إن شهادة أن لا إله إلا الله تولّد لنا نظماً اجتماعية وسياسية أساسها قيم أخلاقية تهتم بالفرد قدر اهتمامها بالمجتمع ، ما يمهد للقول إنه من عنصر الشهادة تنشأ لنا ضروراتٌ ثلاثة : الحقيقة الدينية ، والفردية الإنسانية ، وروابط المجتمع .
والركن الثاني من أركان الإسلام هو الصلاة ، والصلاة لها درجاتها التي ترتفع كلما كان المسلم يؤديها وسط " آخرين " ؛ ففي الصلاة حث للفرد على أن يصلي مع آخرين جماعة ، فإن تعذّر ذلك طيلة أيام الأسبوع ، أصبح الأمر فرضاً عليه يوم الجمعة ليتحقق وقوفه أمام الله مع " الآخرين " ، وكأن في ذلك عهداً مقطوعاً من الفرد أمام ربه بأنه يقرّ بألا حياة له إلا منتسباً إلى هؤلاء ، ومتآزراً معهم في صف واحد يستقبلون قبلة واحدة .
ويمكننا ملاحظة ثلاثة أمور نحسب أن الصلاة ، بغيرها … أو بنقصان ولو واحدة ، تكون بين بين !!! : الآمر ، والمأمور ، والمردودة إليه الصلاة بتوابعها :
فالآمر هو الله تعالى ، ولا يجب أن تؤدى الصلاةُ باعتبارها " رياضة " !!! أو بالنظر لفوائدها الطبية … فالجميل في العبادات أنها تؤدَّى امتثالاً لأمر الله تعالى .
والمأمور هو المسلم البالغ الذي نشدد أنه كلما كمل عقل / إدراك المرء ، كلما كان أكثر مسؤوليةً !!! . ( وهنا نختلف في تعريف البلوغ عند الكثير … حيث عرّفه بأنه الاحتلام للرجل والحيض للمرأة ، على حين أن الدين بيّنَ أن المسؤولية تدور مع العقل وجوداً وعدماً ؛ فيصبح البلوغ ، عندنا ، كمال الإدراك ، وكلما زاد المرء وعياً / إدراكاً كانت مسؤوليته أشد وأكبر … اشدكم بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ) .
وأما المردودة إليه الصلاة بتوابعها فالمجتمع بناسه : مؤمنهم وكافرهم ، وجماداته : نظامه وشوارعه ومبانيه وممتلكاته … فلا تفيد الصلاةُ من لا يتقن عمله ، ولا تفيد من يتعدى على حق غيره أياً كان هذا الحق بدءاً من الرصيف حتى اختيار الحاكم !!! … وعجيب أن أكثرنا يصلي ، ثم هو خارج صلاته يردد " أنا ومن بعدي الطوفان ".
والركن الثالث من أركان ألإسلام هو الزكاة ، وهي قدر من المال – منقوداً أو منقولاً – يوجه لآخرين في المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان المسلم . والزكاة عبارة عن تنمية بمعناها اللغوي ، فالمرء ينمو ويزكو ويسمو حين يعين " الآخرين " على النمو والزكو والسمو ، فهي – الزكاة – ليست تبعة " اقتصادية " نحو الآحرين فحسب بل هي – الزكاة – في الوقت نفسه تبعة أخلاقية وروحية … بل وحضارية أيضاً .
والركن الرابع من أركان الإسلام هو الصيام ، وفي الصيام نجد المسلمين – جميعاً – يمسكون عن الطعام في وقت واحد ويفطرون في وقت واحد ، ومن ثم يصح القول إن أمة الإسلام تكون – في رمضان – على صلة ورباط بعضها ببعض ، ما يمهد لأن تزول الحواجز كلها بين الفرد والآخرين .
والركن الخامس من أركان الإسلام هو الحج ، وفي شعيرة الحج هذه نجد أن فكرة الآخرين أوضح من أن يشار إليها ، على أن " الآخرين " هنا تتسع دائرتهم لتشمل العالم الإسلامي كله .
وبعد … فهل يحق لنا أن نسأل سؤالاً – بريئاً والله – وهو : هل يمكن اعتبار المسلم مسلماً حين يغض البصر عن " الآخرين " وجوداً وحقوقاً ؟.
باااااارك الله فيك
شكـــــــــــرآآ
موضووعــ رآآئـــ"ـــع..~~
جزآآك الله خيراآآ
~~تحيـــآتــي
..