الصنف: فتاوى الصلاة – المساجد
في حكم تخطِّي المساجد ومستثنياته
السؤال:
ما حكمُ تَخطِّي المساجد؟ وهل هناك رخصةٌ للتخطِّي بالنسبة للمساجد البدعية؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالأصلُ أنَّ تَخَطِّيَ المساجدِ مَنْهِيٌّ عنه بنصِّ حديثِ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مرفوعًا: «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِهِ وَلَا يَتَتَبَّعِ الَمسَاجِدَ»، وفي روايةٍ: «وَلَا يَتْبَعِ المَسَاجِدَ»(١)؛ لأنَّ التخطِّيَ إلى مسجدٍ آخَرَ يُحْدِثُ إيحاشًا في صَدْرِ الإمام كما علَّله أهلُ الفقه.
لكِنِ اسْتُثْنِيَ مِن هذا النصِّ ما إذا كان الإمامُ يَلْحَنُ في قراءته ويُخْطِئُ فيها، أو يُعْلِنُ بفجورٍ، أو رُمِيَ ببدعةٍ وغيرِها مِن العيوب القادحة؛ فقَدْ أجاز أهلُ العلمِ الانتقالَ إلى غيرِه كما صَرَّح بذلك ابنُ قيِّم الجوزية ـ رحمه الله ـ في «إعلام الموقِّعين»(٢).
ويجوز الانتقالُ ـ أيضًا ـ لمصلحةٍ وُجِدَتْ في المسجد الذي تُخُطِّيَ إليه كتَرَقُّبِ حلقةٍ علميةٍ أو لقاءٍ أو زيارةٍ اقترنَتْ بمَوْعِدِ الصلاةِ في ذلك المسجد، وتدخل هذه وما في معناها ضِمْنَ هذه المُسْتَثْنَيَاتِ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٧ ربيع الأوَّل ١٤٢٥ﻫ
الموافق ﻟ: ١٧ ماي ٢٠٠٤م
(١) أخرجه الطبرانيُّ في «المعجم الأوسط» (٥١٧٦)، وأورده الهيثميُّ في «مَجْمَع الزوائد» (٢٠٣٧) بلفظ: «وَلَا يَتْبَعِ المَسَاجِدَ»، مِن حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما.وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٥٤٥٦) وفي «السلسلة الصحيحة» (٢٢٠٠).
(٢) «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٣/ ١٤٨)، وقد ذَكَرَه ـ رحمه الله ـ في مَعْرِض إيراد الأدلَّة على: «منعِ فعلِ ما يؤدِّي إلى حرامٍ ولو كان جائزًا في نَفْسِه».
شيخ فركوس حفظه الله