السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
جزاكم الله خير يا شيخنا، وهذه السَّائلة من السودان، وهو السؤال التّاسع؛
تقول: أنا أدرس بكلية تُدَرِّس الباراسكولوجي، وهو علمٌ يشمل الطاقة الكونِية، الجلاء البصري للبعيدين، التَّنبؤ بالمستقبل، العِرافة وقراءة الكف، السحر، التَّخاطر – وهو التخاطب الذِّهني عبر الطَّاقة بلا وسيلة اتِّصال-، تحريك الأشياء بمجرَّد النَّظر أو اللَّمس، قراءة الأفكار؛ فهل يُحْرَمُ عليَّ البقاء في هذه الكُلية؟ وإذا كان كذلك ما موقفي من والديّ؟ وهما سيغضبان من تركي للكليَّة وقد يُؤَثِّر ذلك على صِحَّتهما.
الجواب:
يا بنتي؛ اعلمي أنتِ وجميع أبنائنا وبناتنا؛ أنَّ هذه الأعمار محسوبة، فالوقت إمَّا للعبد أو عليه، وفي الحديث الصحيح: ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَا فَعَلَ بِهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ))، وفي صحيح البخاري عن ابن عمر – رضي الله عنهما- قال : ((أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي – وفي رواية(بِمَنْكِبَيْ))- فَقَالَ: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ))، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: "إِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرْ الْمَسَاءَ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ"، وفي البابِ أحاديثٌ كثيرة؛ من تأمَّلها أَعَدَّ للأمراء عُدَّته، وحَسَبَ للآخرة حسابها، هذه نصيحة لكِ ولِكُلِّ مسلمٍ ومسلمة.
وثانيًا: هذا التخصص، أو هذه الكلية ما أظنها إلا من أفكار النصارى، واليهود، ورَوَّجها ولاة المُتَصَوَّفة والكَهَنة، فهذه الكلية من العلوم الضارة، ومن شَغْلِ الوقت بلا فائدة، فإن كُنْتِ تُحِبِّين النصيحة فإني أنصحك بترك الدراسة في هذه الكلية، وأنصحكِ بأن تَتَعَلَّمي العلم الشرعي، وعلم اللغة العربية، تحصلي – إن شاء الله- على خيرٍ في دينك ودُنْيَاك وآخرتك.
فهذه العلوم التي ذَكَرْتِها هي خليط ومزيج بين كفر، بين أشياء كُفْرِية، والتَّنبأ بالمستقبل هذا من التخرص والظن الكاذب، والمستقبل غَيْبٌ لا يعلمه إلَّا الله، والكِهانة كُفُر والأحاديث في هذا كثيرة، ولَعَلَّه يأتي – إن شاء الله- وقتٌ نعرض فيه للعرافة والكهانة بالتفصيل، والسحر بَلِيَّة من البلايا، ولهذا قال بعض أهل العلم: السِّحر كُفر، والسَّاحر كافر، فانجي بنفسك يا أمة الله، ولا تغتري ببهرجة هذه العلوم.
بَقِيَ أمر يتعلق بوالديك بَلِّغيهم مِنِّي السلام، قولي لهما: عبيد الجابري يقرؤكما السَّلام، وقد نصحني بترك هذه الكلية والالتحاق بمراكز الدراسات الشرعية، فإن استجابا فبها ونعمت، وإن لم يستجيبا وأَصَرَّا فلا تطيعهما، فإنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، هذه العلوم معصية، وما عليكِ حتى لو مَاتَا جِرَّاء تَرْكِك هذه الكلية فلن يلحقك منهما إثمٌ – إن شاء الله تعالى-. نعم.
الشيخ: عبيد بن عبد الله الجابري