نهي عن ضرار النِّساء، فلا يضرُّها، كما قال جلَّ وعلا ﴿ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ الآية: ﴿الطلاق: 6﴾.
وقال جلّ وعلا ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ ﴿النساء: 19﴾
وقال جلّ وعلا ﴿ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ﴾ ﴿البقرة: 231﴾.
فالمضارّة لا تجوز، فإمّا إمساكٌ بمعروفٍ، وإمّا تسريحٌ بإحسانٍ، والنّبي صلّى الله عليه وسلّم قد قال (( لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ )) (( مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا ضَارَّهُ اللَّهُ )) كما قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم، والاعتداء كذلك لا يجوز عليهنَّ، على النِّساء، على الزَّوجات، لا يجوز الاعتداء عليهنَّ بضربهنَّ، وشتمهنَّ، وأخذ حقوقهنَّ الخاصَّة بهنَّ؛ من مالٍ، وعينٍ كذهبٍ، وحُليٍّ، وجواهرَ، ونحو ذلك من أملاكهنَّ، لا يجوز الاعتداء عليهن لا في أنفسهنَّ ولا في أموالهنَّ الَّتي تخصهنَّ، فهذا أمرٌ محرَّمٌ؛ دلَّت النُّصوص الشَّرعية الَّتي سمعتم من القرآن والسُّنَّة عليه، وذلك لأنَّ المرأة ضعيفةٌ وقد يطمع فيها المُتجبِّر المُتسلِّط؛ الَّذي ضعُف دينه ،وقلَّ عِلمه، يظنَّ أنَّ المرأة كالدَّابة عنده، هذا لا يجوز، فالنّبي صلّى الله عليه وسلّم قد بيَّن ما لهنَّ وما عليهنَّ، والله -جلَّ وعلا- أيضًا قد بيَّن في كتابه العزيز ما لهنَّ وما عليهنَّ، وقد كانت وصيَّة النّبي صلّى الله عليه وسلّم في آخر حياته (( استَوصُوا بالنِّسَاِء خَير )) ووصَّى بهنَّ في خطبته في حجَّة الوداع فقال(( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُم )) يعني: أسيرات، شبههنَّ بالأسير لكثرة ملازمتهنَّ البيت، لا يخرجن منه، لأنَّ الله جلَّ وعلا أمرهنَّ بذلك، قال جلّ وعلا لنِساء النّبي صلّى الله عليه وسلّم، أمّهات المؤمنين اللّاتي هنّ أفضل النِّساء على الإطلاق: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ ﴾ ﴿الأحزاب: 33﴾.
فالمرأة في قرارِها في بيتها أشبهت الأسير اللازم للسجن للمُكث في السجن، فلذلك قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم (( فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُم )) والعاني: هو الأسير. قالت سفَّانَة بنت حاتم الطّائي رضي الله عنها في ذكر محاسن أبيها: كان أبي وعددت عددًا من محاسنه ومناقبه، ثمَّ قالت: "ويفك العاني"، يعني: الأسير، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم (( فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ )) يعني: شِبه الأسير، أسيرات لمكوثهنَّ في البيوت فلا يخرجنَ منها، فالشَّاهد: لا يجوز الاعتداء على المرأة بحالٍ من الأحوال، إلاَّ فيما أباح الشَّرع بيانه في الكتاب العزيز، وفي سنة النّبي صلّى الله عليه وسلّم تأديبًا شرعيّا جائزًا، ومع ذلك تقول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "ما ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده شيئًا قطّ، ولا امرأةً ولا خادمًا".
كان عليه الصَّلاة والسَّلام يترفَّع عن ذلك، وإنْ كان الأمر جائزًا كما قال جلَّ وعلا ﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ ﴿النساء: 34 ﴾. فإنْ كان الضَّرب جائزًا إلاَّ أنَّ كرام الرِّجال يتعفَّفون عنه، فإمِّا أنْ تقوم المرأة بحُسن خُلقها، وحُسن معاملته لها بحقِّ زوجها، وإلاَّ إذا زهد فيها فليُسرِّحها بإحسانٍ.
بارك الله فيك وجزاكي الله كل خير
ننتظر مزيدك