السـؤال:
تباع في السوق زيتٌ، تُسمَّى بزيت الحية، وتستعمل للتداوي من الصلع أو سقوط الشعر، فما حكم هذه المادة؟ وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإذا كانت الزيت مستخرجةً من الحية حقيقة، فإنَّ الحية كالفأرة والحشرات معدودةٌ من الحيوانات المستخبثة المستقذرة يحرم أكلها بالإجماع، وكذا التداوي بها، لقوله تعالىوَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) [الأعراف: 157]، جريًا على قاعدة: «التَّحْرِيمُ يَتْبَعُ الخُبْثَ وَالضَّرَرَ»،
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «أكل الخبائث وأكل الحيات والعقارب حرام بإجماع المسلمين، فمن أكلها مستحلاًّ لذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ومن اعتقد التحريم وأكلها فإنه فاسق عاص لله ورسوله»(?- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (11/609).).
هذا، وإذا ما حُرِّم ملابسته كالنجاسات حُرِّم أكله والانتفاع به بالدُّهن والتداوي، و«إِذَا حَرَّمَ اللهُ الانْتِفَاعَ بِشَيْءٍ حَرَّمَ الاعْتِيَاضَ عَنْ تِلْكَ المَنْفَعَةِ»(?- «الفتاوى الكبرى» لابن تيمية: (3/125)، «إعلام الموقعين» لابن القيم: (3/146).)، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ، إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ، إِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ»(?- أخرجه بهذا اللفظ: أبو داود في «سننه» كتاب الإجارة، باب في ثمن الخمر والميتة: (3488)، وأحمد في «مسنده»: (2673)، وابن حبان في «صحيحه» (4938)، والدارقطني في «سننه»: (2852)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند الإمام أحمد»: (4/347)، والألباني في «غاية المرام»: (318).).
أمَّا إذا أضيفت الزيت إلى الحية من باب التسمية لا الحقيقة بأن تكون مستخرجةً من عموم الطيِّبات كالزيوت النباتية أو الحيوانية الطاهرة التي لا مضرَّة فيها فيجوز الانتفاع بها في التغذية والتداوي والادهان والبيع، لقوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) [المائدة: 4]،
ويجوز الاستعانة بها على الطاعة دون المعصية، لقوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ) [المائدة: 93]،
مع الشكر عليها لقوله تعالى:(ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) [التكاثر: 8]، أي: عن الشكر عليه.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
أنا كنت أستعملها
ربي احفظنا من المحرمات
صدقيني كلنا كنا كذلك