بحث في اللغة العربية .مقارنة بين ثلاث شخصيات .المتنبي.البحتري.ابو تمام
نتمنى يعجبك وكتاه تسحقيه
اختي شوفي هادا بالاك يفيدك
السَّـيْـفُ أَصْــدَقُ أَنْـبَــاءً مِـــنَ الـكُـتُـبِ فِـي حَــدهِ الـحَـدُّ بَـيْـنَ الـجِـد واللَّـعِـبِ
بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُـودُ الصَّحَائِـفِ فِـي مُـتُـونِـهـنَّ جـلاءُ الــشَّـك والــريَـبِ
والعِـلْـمُ فِــي شُـهُـبِ الأَرْمَــاحِ لاَمِـعَـةً بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافِي السَّبْعَةِ الشُّهُبِ
يقول ابن الأثير عن أبي تمام : أما أبو تمام فإنه رب معانٍ وصلُ ألباب وأذهان ، وقد شهد له بكل معنى مبتكر، ولم يمش فيه على أثر …"
ومجمل القول هو أن شعر أبي تمام اتسم بطابعه الحكمي العقلي ويمكنك الوقوف على ذلك من خلال قصيدته الطويلة فتح الفتوح أو فتح عمورية .
نشأ البحتري في البادية فابتعد في شعره عن مذاهب الحضريين وتعمقهم وفلسفتهم ، فكان شعره كله بديع المعنى حسن الديباجة ، صقيل اللفظ ، سليس الأسلوب كأنه سيل ينحدر إلى الأسماع ، لذلك اعتبره كثير من الأدباء الشاعر الحقيقي ، واعتبروا أمثال أبي تمام والمتنبي والمعري حكماء ، لسهولة شعره ورقته حتى أن شعره كان أكثر شعر يغنى في عصره
وعلى أن البحتري كان تلميذًا وفيًّا لأبي تمام الذي أخذ بيده في مسيرته الشعرية بوصيته المشهورة، فإنه لم يرض عن إقحام الشعراء المنطق والتعقيد المعنوي في الشعر، فقال أبياته المشهورة التي منها قوله:
كلفتمونا حدود منطقكم والشعر يغني عن صدقه كذبه
والشعر لمح تكفي إشارته وليس بالهذر طولت خطبه
وهو بذلك يرد ويعارض أستاذه أبي تمام ويثبت في الوقت نفسه فهمه للشعر وحقيقة الشعر .
وهذا ما يلخصه ابن الأثير في قوله :" وأما أبو عبادة البحتري فإنه أحسن في سبك اللفظ على المعنى ، وأراد أن يشعر فغنى ، ولقد حاز طرفي الرقة والجزالة على الإطلاق . وسئل المتنبي عنه وعن أبي تمام وعن نفسه ، فقال : أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحتري . ولعمري إنه أنصف في حكمه ، فإن أبا عبادة أتى في شعره بالمعنى المقدود من الصخرة الصماء في اللفظ المصوغ من سلالة الماء ، فأدرك بذلك بعد المرام مع قربه إلى الإفهام " .
وكي نقف على شاعرية البحتري وعلى عاطفته المتدفقة يكفي أن نقرأ قصيدته في وصف إيوان كسرى والتي يقول في مطلعها :
صُنتُ نَفسي عَمّـا يُدَنِّـسُ نَفسـي وَتَرَفَّعتُ عَـن جَـدا كُـلِّ جِبـسِ
وَتَماسَكتُ حيـنَ زَعزَعَنـي الـدَه رُ التِماسًا مِنـهُ لِتَعسـي وَنَكسـي
وهي قصيدة طويلة تبرز شاعرية البحتري الفياضة
وهناك قصيدة جميلة للشاعر في وصف الربيع والتي مطلعها :
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كاد أن يتكلما
3– المتنبي :
لا يختلف اثنان في أن المتنبي بلغ مرتبة عظيمة في الشعر شغل الناس قديما وحديثا .
يستشف القارئ من شعر المتنبي معاني الطموح والتعالي وبلوغ المراتب العليا ، فهو يستهل أغلب قصائده بمطلع حكمي يشيد ويعظم ويفتخر ويتعالى إلى المراتب العليا .
تمتاز معاني المتنبي بالعمق والرصانة من أحسن قصائده قصيدته في مدح سيف الدولة والتي يستهلها :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظائم
وهناك قصيدة أخرى مشهورة له في الفخر ومطلعها :
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا بأنني خير من تسعى به قدم
فالمتنبي هو شار الشخصية القوية التي تتجلى في جميع شعره مدحا وهجاء وفخرا
يقول ابن رشيق عنه : ثم جاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس .
لقد ارتات قافلة الفرس واليونان وضع حملها الثقيل في احضان العهد العباسي, وشاءت ان تنثر ازهار ربيعها وتلتقطها فراشات العصر العباسي متاثرة بما وجدته في تلك الازهار من نسيم وجمال ورونق ظاهري, واستقى شعرائها من هذا الاريج غدقا وافرا ومتنوعا جعلته الشعر يصبح ثريا بعد ان كان مقتصرا على وصف جماليات الانسان والوقوف على الاطلال , فدعاهم هذا الاريج لوصف الطبيعة ومحتوياتها والسمو بالشعر ليستهل بوصف او بحكمة بالغة النقد, ومن ابرز المتاثرين بهذا التغيير الحكيم نجد المتنبي في الحكمة والفلسفة والبحتري في وصف الطبيعة
فالمتنبي كان لحياته الخاصة تاثير بليغ في ارتواءه من الحكمة والفلسفة لانه كان مرتحلا بين الشام والعراق محتكا بثقافات متعددة اهلته لاخذ علم وفير وتعويد لسانه على الفصاحة خاصة اشتراكه في رحلات وحروب الملوك
اما البحتري فقد تاثر بانجازات الملوك ولم يستطع نمذجة ذلك الا بعد ان تلقى علومه على يد ابي تمام شاعر الحكمة مما ساعده على امتلاك لسان فصيح ابهر وتفنن في وصف ابدع انجازات المتوكل’ بركته المائية’
فالاول استقام له الشعر بعد اعماله وتحكيمه لعقله والمنطق والفلسفة اكثر من الخيال والعاطفة مودعا الجماليات الفنية اما الثاني فلم يستقم له الشعر الا في بحر الخيال والصنعات اللفظية وزخرف العبارات وتجانس الحروف الموسيقية , واستعان في شعره بالمحسنات اللفظية والمعنوية
كما ان المتنبي لم يستطع اثراء منتوجه الا بالحجاج والبرهان بالالتجاء والاقتباس من البيان والقرءان, اما البحتري فاستطاع اثراء مضمون اشعاره بوصف دقيق متعمقا في خيال الحقيقة
من خلال هذا كله نجد ان كلا من الاتجاهين محتاج للاتجاه الاخر لكن الادب هو اكثر حاجة لكليهما من كلتيهما ليصبح اكثر غنا ورزانة مما كان عليه سابقا
ارجو الافادة وان يعجبك واطلب منك الدعوات
كي نلقاه نبعثولك