(رواه أبو داود([1]) والترمذي([2]) وقال : حديث حسن صحيح ورواه أحمد([3]) وابن ماجه([4]) والدارمي([5])).
صحابي الحديث :
العرباض بن سارية السلمي أبو نجيح نزل حمص ومات بعد السبعين.
المفــردات :
الموعظة : هي التذكير بالله والتخويف من غضبه وعذابه.
بليغـة : أي مؤثرة تصل إلى قلوب السامعين بأحسن الألفاظ وأفصحها وأعذبها.
وجلت القلوب : خافت.
ذرفت العيـون : سالت منها الدموع.
فـأوصـنـا : الوصية الأمر المؤكد المقرر.
الـتـقـوى : أن تجعل بينك وبين ما تخافه شيئاً يمنعك ويقيك.
الـسـنــة : الطريق والمنهج فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأقوال والأعمال.
الـبـدعــة : إحداث أمر في الدين لم يكن على عهد رسول الله ولا على عهد أصحابه.
الـراشـدون : من الرشد وهو ضد الغي.
المـهـديـون : الموفقون لإدراك الحق واتباعه.
الضـــلال : هو الذهاب والبعد عن الحق وهو ضد الهدى.
المعنى الإجمالي :
هذا الحديث أصل عظيم وفيه توجيهات عظيمة جامعة ، فقد أسدى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه النصيحة العظيمة والوصية البليغة إلى الأمة الإسلامية حيث أرشدهم إلى أمور عظيمة ، لا قوام لدينهم ودنياهم إلا بالتزامها واتباعها ، ولا حل لمشاكلهم إلا بتنفيذها بدقة.
1- فلا دين إلا بتقوى الله، وهي طاعة الله وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
2- ولا قيام لدينهم ولا دنياهم إلا بإمام صالح عادل يقودهم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وينفذ فيهم شريعة الله وينظم صفوفهم ويوحد كلمتهم ويرفع لهم راية الجهاد لإعلاء كلمة الله وعلى الأمة أن تسلم له زمام الطاعة فيما تحب وتكره ما دام مستقيماً على أمر الله ومنفذاً لأحكامه.
ولمصلحة الإسلام والمسلمين وحفاظاً على وحدتهم وحقنا لدمائهم يفرض الإسلام الطاعة بالمعروف على الأمة لولي الأمر وإن كان عاصياً ما لم يخرج به العصيان إلى الكفر.
3- وتناولت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم موقف الأمة من الخلافات والمخالفين للحق ، فأرشدنا إلى الاعتصام بالحق والرجوع إلى النهج السوي منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم – وما سنتهم ومنهجهم إلا كتاب الله الذي (( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )). وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المطهرة ، ففيهما النجاة والسعادة وفيهما الحلول الصحيحة الحاسمة للخلافات الواقعة بين الفرق الإسلامية وانهائها على الوجه الذي يرضي الله ويجمع كلمة المسلمين على الحق وكل الحلول التي تقدم على غير هذا الوجه فخاطئة وعاقبتها الفشل.
4- وتناولت نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم التحذير من البدع ومحدثات الأمور فكم حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من أخطار البدع ومفاسدها مع البيان النير أنها ضلالة وأنها في النار فما الذي يدعو كثيراً من المسلمين إلى الوقوع فيها والتشبث بها وقد أكرمهم الله بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه دين كامل غاية الكمال لا نقص فيه. (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا )) (المائدة 3).
إنه من المؤسف حقاً أن ترى كثيراً من الأمة الإسلامية لا تعتمد على القرآن ولا على السنة في عقائدها وقد طغت البدع على السنن في عبادتها وتقاليدها وصدق فيها قول الرسول صلى الله عليه وسلم : « لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ».
ما يستفاد من الحديث :
1- مشروعية النصيحة والوعظ للمسلمين ويكون ذلك تخولاً كما في حديث ابن مسعود.
2- الأمر بتقوى الله في الموعظة.
3- في الحديث علم من أعلام النبوة حيث وقع الخلاف في الأمة كما أخبر.
4- وفيه الزجر عن الاختلاف في أصول الدين وفروعه.
5- وفيه الرجوع إلى منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين.
6- وفيه الزجر على البدع والتحذير منها.
7- وفيه أن كل بدعة ضلالة وليس فيها حسنة.
([1]) كتاب السنة : حديث رقم (4607) ، (5/13).
([2]) كتاب العلم : باب (16). حديث رقم (2676) ، (5/44).
([3]) (4/126،127).
([4]) المقدمة 6 : باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين ، حديث رقم (42،43).
([5]) مقدمة : حديث رقم (96) ، (1/43).
====================
مذكّرة الحديث النبوي في العقيدة والاتباع
تأليف الشيخ :
ربيع بن هادي عمير المدخلي
====================
حفظكم الله ورعاكم