في العام 1893 م التحق بالقسم الابتدائي بمدرسة سان جورج بطنطا بمصر ، وبقي فيه حتى العام 1899 م ، وبعد حصوله على الدراسة الابتدائية التحق بالقسم الثانوي بالمدرسة نفسها حتى العام 1902 م ، حيث انتقل ، ليكمل تعليمه الثانوي ، بمدرسة القديس لويس بنفس المدينة المصرية : طنطا ، وبعد نيله الشهادة الثانوية عمل بالبنك الأهلي بمدينة طنطا العام 1902 م … فيذكر هو أنه عمل في هذه السن الباكرة ليساعد " أسرته الفقيرة " .
لما نشبت الحرب العالمية الأولى ترك يوسف كرم العمل في البنك ليغادر إلى فرنسا ليدرس الفلسفة ، فكان أن التحق بالجامعة الكاثوليكية فدرس الفلسفة ثلاث سنوات أهّلته أن ينال شهادة الدكتوراة Lectorat . وفي العام 1917 م نال يوسف كرم شهادة ديلوم الدراسات العليا من السوربون بتقدير عام جيد جداً عن دراسة عن الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت بإشراف ليون روبان ، فتأهل للتدريس للمرحلة الثانوية بمدينة أورليان .
عاد يوسف كرم لمصر ، ولمدينته طنطا تحديداً !!! ، معتزلاً الناس عاكفاً يقرأ ويبحث في الفلسفتين العربية والغربية ، وبقي الحال على هذه الصورة ، والرجل في عزلة ، مدةَ ثماني سنوات دعته بعدها الجامعة المصرية ، العام 1927 م ، ليكون مساعداً للمسيو لالاند الذي كان يعمل أستاذاً للفلسفة بكلية الآداب ، فاستجاب الرجل وظل يدرّس الفلسفة حتى العام 1956 م ، وقد انتقل خلال هذه الفترة من جامعة القاهرة إلى جامعة الإسكندرية العام 1938 م وبقي بها حتى العام 1946 م حيث أصبح أستاذاً متفرغاً … إلى يوم 28 مايو العام 1959 م حيث فارق يوسف كرم دنيا الناس ليلقى ربه .
كان يوسف كرم صاحب مدرسة " راقية " ، وقد تمثّل ذلك في غير مجال من مجالات حياته الشخصية والعلمية … تمثل ذلك في الأسلوب العلمي المركّز ، وفي الجدل الهاديء المتزن ، وفي الأخذ بالأدلة العقلية المدعومة بالبراهين المنطقية المبتعدة عن التشنج والعاطفة وأخْذِ المخالفين بالظن !!! .
من آخر ما كتب … قوله " حتى إذا ما أتينا إلى الأخلاق ووجدناها تفتقر إلى معرفة ماهية الإنسان وأصله ومصيره ، وإلى معاني الحرية والخير والفضيلة والجزاء والواجب والحق والعدل ، فلن ننكرها كما يفعل الحسيون بدعوى أن ليست هناك ماهيات ، وأنْ ليس لنا من موضوع معرفة سوى المحسوس ، وأنّ العلم إنما يقرر ما هو كائن لا ما يجب أن يكون ، ولن نضعها وضعاً دون تعقّلها كما فعل كانط وأتباعه من التصوريين ، بل نتناول مبادئها من الفلسفة الأولى ونبرهن عليها بهذه المباديء ، فيبدو لنا الوجود معقولاً في جميع نواحيه ، ونرد إلى العقل المقدّر مكانتَه الساميةَ ، ويبين ، بكل جلاء ، أن ما بعد الطبيعة لا يعني ما وراء الوجود وما في عالم الخيال ، وإنما هو علمٌ صميمُ الوجود ، وأساس العلوم وتاجُها " .
ليوسف كرم كتبٌ في غاية الأهمية … منها :
– تاريخ الفلسفة اليونانية . ويذهب غير مؤرخ للفلسفة إلى التأكيد على أن هذا الكتاب يعد " من أحسن الكتب التي أُخرجت للناس في هذا الموضوع باللغة العربية " .
جاء في تصدير الكتاب ليوسف كرم " لسنا بحاجة إلى كثير شرح لنبيّن خطر الفلسفة اليونانية في تاريخ الفكر ، فقد يكفي أن نذكّر أنها فلسفة الشرق الأدنى منذ فتوح الإسكندر ، وأنها فلسفة الغرب منذ أن استولى الرومان على بلاد اليونان في منتصف القرن الثاني قبل الميلاد ، فعرفوا نبوغ المغلوبين ، وأخذوا عنهم أسباب الحضارة المادية والعقلية ومنها الفلسفة ، واصطنع المفكرون المسيحيون هذه الفلسفة ، ثم اصطنعها المسلمون ودخلت المدارس في الشرق والغرب ، فكونت العقول وهيمنت على وضع العلوم " .
– دروس في تاريخ الفلسفة . وقد اشترك يوسف كرم في تأليف هذا الكتاب مع الدكتور إبراهيم بيومي مدكور ، بتكليف من وزارة المعارف المصرية ليقرر على طلاب السنة التوجيهية ، ما جعل يوسف كرم ، وزميلَه ، يقرران أن الكتاب " يعطي فكرة سريعة عن الفلسفة ويتناول تاريخها وتاريخ الفكر منذ النشأة في الشرق القديم لدى البابليين والآشوريين والمصريين وغيرهم حتى حقبة إيمانويل كانط في العصر الحديث ، مروراً بالفلسفة اليونانية والفلسفة المتوسطة من إسلامية ومسيحية والفلسفة الحديثة ، وذلك كله بأسلوب بسيط وعرض واضح كي يسهل لمن كتب لهم أصلاً الانتفاع به " .
– تاريخ الفلسفة الأوربية في العصر الوسيط . يقول يوسف كرم في هذا الكتاب : هو مبنيّ على فكرة سليمة وهي أن الفلسفة اليونانية ، وإنْ كانت قد انتهتْ بما هي يونانية ، فقد بقيت بما هي فلسفة ، وتناولتها عقولٌ لم خالصة للفلسفة خلواً من كل مذهب في الوجود ".
– تاريخ الفلسفة الحديثة .
– الطبيعة وما بعد الطبيعة . صدر ، أول ما صدر ، يوم أن مات يوسف كرم !!! ، ويتناول مواضيع غاية في الدقة والأهمية هي : المادة والحياة والله .
– ثلاثة دروس في ديكارت .
– نفسية الأحكام التقويمية .
– المعجم الفلسفي .
– العقل والوجود .
هذا إلى جانب كثير من الترجمات والأبحاث الصغيرة باللغتين العربية والفرنسية … منها :
– انتصار المذهب الروحي في الفلسفة اليونانية .
– معنى الفلسفة المسيحية .
– الآراء الفلسفية لإخوان الصفاء .
– المدينة الفاضلة للفارابي .
– هجوم الغزالي على الفلسفة .
– ديكارت .
– المذهب التوماوي ومذهب ديكارت .
– الأفلاطونية والمسيحية .
– مشكلة الشر .
– فكرة الفلسفة عند القديس توما الإكويني .
– القلق الإنساني في التفكير اليوناني .
– برجسون .
– منطق أرسطي ومنطق إسلامي .
جاء عن الرجل قوله عن مذهبه الفكري : " هو يتسم باليقين والإيمان ، وبدونهما لا حياة للإنسان بما هو إنسان . إنه المذهب العقلي الذي يؤمن بالعقل ، لكنه المذهب العقلي المعتدل الذي يؤمن ، أيضاً ، بالوجود ويقدّر تعلقه عليه " .
وحين يعلم أنه إليكِ ..
يلبس حلة القصيد .. وصوت النغم
إليك أكتب .. واصابعي ترقص على لوحة المفاتيح
تعلم انها تكتب لكِ ..
إليكِ أكتب ..
فلا تتركي القلم يتعذب …
أعجبتني من أجلك سأحضر
القمـــر على كفي
وسأزرع الورد على خــــــــدي
سأهديك طفولتـــــــي
وأرقيك بشبابــــي.
كذاك كان موضوعك
لكـ خالص احترامي