أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل ابن أدم تأكله الأرض الا
عجب الذنب فانه منه خلق ومنه يركب " .
وأخرج الامامان البخارى ومسلم رواية أخرى ( فى كتاب التفسير ) من طريق همام عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ان فى الانسان عظما لا تأكله الأرض أبدا ، فيه يركب الخلق يوم القيامة .. قالوا أى عظم هو ؟ .. قال عجب الذنب .. وفى حديث أبى سعيد عند الحاكم وأبى يعلى : قيل يا رسول الله ماعجب الذنب ؟ .. قال " مثل حبة الخردل .
ومن حديث أبى سعيد الخدرى وابن أبى الدنيا وأبى داود والحاكم مرفوعا انه مثل حبة الخردل .. ويروى ابن الجوزى أن ابن عقيل قال : لله فى هذا سر لا يعلم الا هو ، لأن من يظهر الوجود من العدم ، لا يحتاج الى شئ يبنى عليه . وقال الفراء والأخفش : قوله " الا عجب الذنب " ، أخذ بظاهرة الجمهور فقالوا : لا يبلى عجب الذنب ولا يأكله التراب .. وخلفهم الزنى فقال : كل جسد ابن أدم يتحول الى تراب و " الا " هنا بمعنى الواو والمعنى " وعجب الذنب يبلى أيضا " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كل ابن أدم تأكله الأرض الا عجب الذنب فانه منه خلق ومنه يركب " أخرجه البخارى وأحمد عن أبى هريرة .
تحير المفسرون قديما فى تفسيرهم لهذا الحديث الشريف ، وأخطأ بعض العلماء فى فهمه أيضا فى عصر العلم الحالى .. ولما كان الحديث الشريف يتناول حقيقة علمية بجسم الانسان ، فان الأطباء هم أهل الذكر فى هذا الموضوع .. وبداية نقول ان خلايا جسم الانسان بعد الموت تبلى وتتحول الى تراب ينتهى الى تراب الأرض ، ولا يبقى منها موجود لا يبلى الا الذرات والأجسام تبنى وتركب من الذرات ، والذرات لا تفنى ولا تبلى .. وبطريق الاستدلال العلمى والاستنباط ، نفهم أن أجسامنا قد تحولت الى تراب الأرض وستركب يوم القيامة من الذرات أيضا ..وعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذرة " بعجب الذنب " .. قال : " ليس من ابن آدم شئ لا يبلى الا عظم واحد هو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة " .. وقال : " كل ابن آدم تأكله الأرض الا عجب الذنب فأنه منه ومنه يركب " .
وقال معظم المفسرين : ان عجب الذنب أخر عظم العصعص .. وقالوا ان ذلك العظم هوالذى لا يبلى من جسم الانسان بعد الموت ، ومنه يركب خلق الجسم يوم القيامة ، وهذا تفسير علمى بعيد عن الصواب ، وخاطئ علميا ، ونحن كأطباء نعلم يقينا مالا يعلمه غير المتخصصين ، من تركيب عظام الجسم وخلقها ، وما تصير اليه ، ويستحيل علينا أن نقتنع بأن عظم العصعص لا يبلى بعد الموت ، ولا يتحول الى تراب ، لأن عظم العصعص وهى آخر فقرات العمود الفقرى مكونة من نفس الخلايا الغظميةالتى منها تتكون عظام الجسم جميعا وتسمى فى علم التشريح الأنسجة خلاياعظمية " وهى لا تختلف من عظم الى عظم ، وهى جميعا فى كل عظام الجسم تنتهى الى الفناء وتبلى ، ولا يبقى منها الا ذراتها فهى لا تبلى .. ونقرأ فى القرآن الكريم على لسان النبى زكريا يقول الله عز وجل " قال رب انى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا " _ ( مريم – 4 ) .. والأية تشير الى أن الجهاز العظمى فى الجسم جهاز واحد ، اذا ضعفت عظمة منه ، فأن الضعف يدب فى كل عظام الجسم الأخرى ، وهذه حقيقة علمية اكتشفها الأطباء حديثا ، مما يدل على اعجاز علمى عجيب .. واذا حدث بعظمة هشاشة ، فلابد أن تكون عظام الجسم كذلك ، وعظام العصعص يجرىعليها ما يجرى على باقى عظام الجسد .
وكل عظمة فى الجسم لها عمر بيولوجى ، وما ان ينتهى حتى تتجدد خلايا العظمة بخلايا جديدة أخرى ، طبق الأصل من الخلايا التى ماتت وبليت ، وانتهت الى تراب اختلط بتراب الأرض .. ولا يبقى بعد الموت أى أثر لعظام من الجسم لا عظام العصعص ولا غيرها ، فكلها تحولت الى تراب ، وما يبقى منها يبلى ، الا ذراتها فهى لا تبلى .. واذن فالتعبير اللغوى " عجب الذنب " لا يعبر عن عظم من عظام الجسم ولابد أنه يشير الى معنى أخر ، فلا يفسر على ظاهر اللفظ ، ولابد أن يفسر على المجاز أو الكناية ، وليس أمامنا من الناحية العلمية الا أن نسلم أن "عجب الذنب " يعنى " الذرة " . ولا أدرى من أين جاء المفسرون بتفسير عجب الذنب بأخرعظام العصعص ، ونحن نرى آثار قبور الآباء والأجداد بل وقبور القدامى الذين ماتوا فى عصور قديمة مضت ، لا نجد أثرا من عظم لأجسادهم ، فقد تحولت أجسادهم الى تراب الأرض .. ولقد ركبت أجسادهم فى الدنيا من ذرات ، ومن المنطقى أن تركب أجسامهم يوم القيامة من ذرات أيضا ، ولابد أن يكون التعبير اللغوى فى الحديث النبوى بخضراء الدمن الذى يعنى المرأة الحسناء فى المنبت السوء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اياكم وخضراء الدمن " .. قالوا وما ذاك يا رسول الله ؟.. قال :
" المرأة الحسناء فى المنبت السوء " ( أى مثل نضارة الكلأ الأخضر الذى ينبت من أرض منتنة فالدمن : تراب مختلط بفضلات الحيوان فى حظيرة الماشية ) .
والذين قالوا ان عجب الذنب هو آخر عظام العصعص أمرهم عجب ، فلا هم أطلعوا على الأصل اللغوى لذلك التعبير ، ولا هم سألوا المتخصصين من الأطباء ، ولا هم قرأواشرح الحديث الشريف فى صحيح البخارى .. فنقرأ فى القاموس المحيط أن العجب مؤخرة الشئ ، والذنب له أكثر من معنى ، يعنى الذيل كما كما نقول : ذنب القطأو ذنب الحصان . واذا قلنا ذنب الحصان ، فانه يعنى ذيل الحصان ، كما يعنى نجمافى السماء يشبهه .. وذنب الثعلب يعنى نباتا يشبهه ، وذنب الخيل يعنى نباتابهذا الاسم .
والذنب من الناس : أقلهم شأنا ، وأذناب الناس أتباعهم وسفلتهم .
أما فى تفسير صحيح البخارى ، فقد جاء فى حديث أبى سعيد والحاكم وأبى يعلى وأبى الدرداء :
قيل يا رسول الله وما عجب الذنب ؟ .. قال : مثل حبة خردل .. ولقد ذكرت حبة
الخردل فى أحاديث نبوية تقارنها بالذرة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
" لا يدخل الجنة من كان فى قلبة مثقال ذرة من خردل من كبر " .. ونظير ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم :
" لا يدخل الجنة أحد فى قلبه مثقال حبة خردل من كبرياء " . واذا تدبرنا هذةالأحاديث النبوية ندرك أن عجب الذنب لا يمكن أن يكون معناه آخر عظم العصعص كماتبادر الى ذهن كثير من العلماء . معناه الذرة ومن قال غير ذلك لا يستند الى أى دليل علمى صحيح .
لا اله الا الله
الله يحفظك اخي في الله علي 21 الله المستعان