الفريضة التي علينا لإخواننا المؤمنين جميعا الآن أننا نسعى لجمع صفوف المؤمنين ونحارب الفرقة والشتات والخلافات المنتشرة بين المؤمنين في أي بلد أو أي مكان نحارب مرض التفرقة والفرقة والانقسام فهذا أكبر مرض وأكبر خطر على دين الإسلام لذا نحن جميعا مطالبون وهي فريضة على الجميع بالعمل بقول الله {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} وهذه تقتضي أن نعلم أن دين الله الذي جاء به رسول الله صلي الله عليه وسلم واسع يسع الناس جميعاً في زمانه وبعد زمانه في كل الأماكن وفي كل الدول نساءاً ورجالاً صغاراً وشيوخاً يسع الجميع إلى يوم القيامة
فلا يوجد من يستطيع أن ينفذ كل ما جاء به النبي الكريم صلي الله عليه وسلم أنا أنفذ جانب من هذه الجوانب لكن لا أستطيع أن أنفذ كل الجوانب لكن المشكلة أين تقع؟ أنا أخذت جانباً من جوانب رسول الله وأخي أخذ جانباً آخر من عمل رسول الله وأخي الثالث أخذ عملاً ثالث من أعمال رسول الله لكن المشكلة التي جدت في هذا الزمان هي العصبية فكل إنسان يعتقد أن رأيه هو الصواب ورأى إخوانه الآخرين هو الخطأ لِمَ يا أخي؟ ما دام هذا وارد عن رسول الله وذاك وارد عن رسول الله وأنت أخذت رأى فقل هذه وجهة نظري أو هذا الرأي الذي أرتضيه أو هذا الرأي الذي أميل إليه لكن لا تفرض رأيك على الآخرين
اعرض رأيك لكن لا تفرض لأن كل إنسان له ما يلائمه ويلاءم قدراته وطاقاته من شرع الله نضرب لذلك مثالاً : الرسول صلي الله عليه وسلم في هيئة الوقوف للصلاة وهى هيئة وأمر لا يجب أن نختلف فيه أبداً كان أحياناً يضع يده اليمنى على كوع يده اليسرى على قلبه وأحياناً يضع يده اليمنى على كوع يده اليسرى على سُرَّته وأحياناً كان يسبل يديه هل تستطيع أن تقوم بكل هذه الحركات في صلاة واحدة؟ لا
الأئمة الأعلام وثَّقوا الروايات التي روت هذه الحالات عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وكل رجل منهم استحسن هيئة وجعلها قائمة في هيئة الصلاة التي بحثها ودرسها وأبانها في فقهه للناس:
الإمام مالك مذهبه منتشر في بلاد الصعيد بمصر وفى بلاد المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب وليبيا فمعظمهم يتبع المذهب المالكي اختار الإمام مالك إسدال اليدين في الصلاة أي أن الإنسان يقف وذراعيه بجواره
والإمام الشافعي ينتشر مذهبه في الوجه البحري في مصر اختار الإمام الشافعي أن يضع الإنسان يده اليمنى على كوع يده اليسرى على قلبه هو اختار هذه الهيئة وارتضاها
والإمام أبو حنيفة ومعظم سكان المدن كانوا حنيفيه لأن الدولة العثمانية كانت تتخذ المذهب الحنفي مذهباً رسمياً لها الإمام أبو حنيفة يضع يده اليمنى على كوع يده اليسرى على سُرَّته
والذي يصلي بأي هيئة من هذه الهيئات الثلاث هل تصح صلاته أم لا تصح؟ تصح لأنها عن رسول الله
ما يعكر الصفو هو أن إنساناً يأتي ويقول: إن الهيئة التي أفعلها هي الهيئة الصحيحة وما عداها خطأ ومن يتخذ هيئة غيرها لا تصح صلاته ولن تقبل
أولاً: هو تدَخَّل فيما ليس له لأن القبول عند الله ولا ينبغي لرجل من المسلمين أجمعين أن يتآلى على الله ويقول: أن الله قبِل فلان وردَّ فلان لأن هذه أمور قلبية والقلوب لا يطلع عليها إلا علام الغيوب
ثانياً: هذه هيئة من هيئات الصلاة لماذا نثير فرقة بين المسلمين بسببها؟
والآن جاء مجموعة من الشباب المستحدثين قالوا: إن الأئمة رجال ونحن رجال فلماذا نذهب للشافعي أو لأبي حنيفة أو مالك؟ نحن نأخذ من الدين مباشرة وننفذ وهل معك مؤهلات الاجتهاد؟ وأول مؤهل لا بد أن تكون حافظاً للقرآن والسُنَّة وتعرف تفسير كلام القرآن والسُنَّة بلغة العرب على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم لأن الكلمة قد يكون لها تفسير في عصر رسول الله وفى عصرنا يتغير تفسيرها ومعناها ولو فسرتها بالعصر الحالي ستكون مخطأً في متابعة البشير النذير صلي الله عليه وسلم ولا بد من معرفة أسباب نزول الآيات ولا بد من معرفة سُنَّة النبي العدنان وتستطيع أن تميز بين الحديث الصحيح والضعيف والمتواتر لا بد أن يكون معك آلة الاجتهاد فإذا لم تكن تملك آلة الاجتهاد فينبغي أن تُسَلِّم لمجتهد وتتعلم منه إلى أن تتعلم أنت الاجتهاد
على سبيل المثال:
أولادنا الشباب قرءوا في توصيف سادتنا العلماء الأجلاء في هيئة الصلاة فقرءوا: يضع يده اليمنى على كوع يده اليسرى فوضعوا أيديهم على المرفق لأنهم اعتقدوا أن الكوع هو المرفق قال الله تعالى {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} اسمه المرفق وليس الكوع إذاً ما الكوع الذي يقول به العلماء ويقصدونه؟ إنه الرسغ
إذاً الذي يجتهد لا بد أن يكون عارفاً بدلالات الألفاظ كما كانت في عصر النبي صلي الله عليه وسلم وصحبه الكرام لأنه عصر الوحي وزمن نزول الشرع لكن لو سأستخدم المعنى العام الموجود الآن فأكون هنا قد أخطأت في إتباع الشرع إذاً لا بد أن ننتبه لمثل هذه الأمور
والأصول الموجودة بين المسلمين لا خلاف فيها بين المسلمين أجمعين والحمد لله أما الهوامش التي تثير المشاكل والفرقة بين المسلمين لماذا نختلف فيها؟ ما دمنا مجتمعين ومتفقين على أن الصلوات خمس والصبح ركعتان والظهر والعصر أربع والمغرب ثلاث والعشاء أربع ومتفقون على وقت هذه الصلوات لأن التوقيت الذي وقَّته هو الله وقال لنا { إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} إذاً لماذا الخلاف؟
أنا أود أن أصلي ركعتين سُنَّة قبل الظهر وآخر يريد أن يصلي أربع ركعات هذا وارد وذاك وارد عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يُصلي أحياناً قبل الظهر ركعتان وأحيانا كان يصلي أربع ركعات أنا أريد أن أصلي أربع ركعات قبل العصر وآخر لا يريد أن يصلى نافلة قبل العصر هل عليه وزر؟ ليس عليه وزر ولا ذنب لأن السنن كلها خير من فعل هذا الخير له ثوابه والذي سيترك هذا الخير ليس عليه عقاب ولا وزر ولا مسئولية ولا شيء أبداً متى يكون عليه وزر؟ إذا ترك الفريضة لكن مادامت نافلة لماذا نختلف في النوافل؟ نريد أن نصلي ركعتين سُنة بعد آذان المغرب وقبل الصلاة والناس الذين في المسجد لا يصلون قبل المغرب ويقيمون الصلاة بعد الآذان مباشرة لماذا نختلف؟ الخلاف أشد فتنة تحدث في الأرض بين عباد الله المؤمنين
أمراض الأمة وبصيرة النبوة
منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرة النبوة]
الاصول اصول اما الفروع فالباب واسع ومن اتضح له الحق فيها فليتبعه
جزاك ربي خيرا