تخطى إلى المحتوى

ما هذا الفعل الذي يَسْـتَقْبِحه الحيوان البهيم ؟ 2024.

  • بواسطة
القعدة

القعدة

ما هذا الفعل الذي يَسْـتَقْبِحه الحيوان البهيم ؟

ما أشنع الفاحشة التي أجمعت الأمم على قُبحها، ما أقبح الفاحشة التي استقبحها وأبغضها حتى الحيوان البهيم، وإننا عندما نريد تحقير اليهود نقول : إخوان القردة !

فماذا كان من خبر القِـردَة ؟

قال عمرو بن ميمون الأودي : رأيت في الجاهلية قِردةً اجتمع عليهما قِرَدة ، قد زَنَت فرجموها ، فرجمتهما معهم . رواه البخاري .

وفي رواية : قال عمرو بن ميمون : كنت في اليمن في غنم لأهلي وأنا على شرف ، فجاء قرد مع قردة ، فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها ، فسلّـت يدها من تحت رأس القرد الأول سلاًّ رقيقا وتبعته ، فوقع عليها وأنا انظر ، ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق ، فاستيقظ فزعا فشمها فصاح ، فاجتمعت القرود ، فجعل يصيح ويومىء إليها بيده فذهب القرود يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد اعرفه فحفروا لهما حفرة فرجموهما فلقد رأيت الرجم في غير بني آدم .

إن قبح الزنا على مـر الأجيال ، وعلى طول تاريخ الأمم هو المتعيّن .ويدل على ذلك أن مريم عليها السلام لما جاءت بابنها تحمله ، ولم تكن ذات زوج أنكروا ذلك عليها بقولهم ( يا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا )

فلما كانت من بيت عُرِف بالطهر والعفاف أنكروا عليها ما جاءت به . ولو كانت أمها تعرف بالفعل المشين أو كان أبوها رجل سوء لما استكثروا ذلك عليها . فلا أبوها امـرأ سوء ، وما كانت أمها بغيا .

أما هذه الفاحشة فقد جمعت المساوئ ، ولذا اتفقت الأم على قبحها، وأما مساوئ هذه الفاحشة ، فمنها :

.
.
.
.
.
.
.
.

الأول : أن الزنا دَين مردود على صاحبه.

قال الإمام الشافعي – رحمه الله – :
عفوا تعف نساءكم في المحْرَمِ = وتجنبوا مالا يليق بمسلمِ
إن الزنا دين إذا أقرضته = كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
من يزنِ في قوم بألفي درهم = في أهله يزنى بربع الدرهم
من يزنِ يُزنَ به ولو بجـداره = إن كنت يا هذا لبيب فافهم
ياهاتكا حُرَمَ الرجال وتابعا = طرق الفساد عشت غيرَ مكرم
لو كنت حُراً من سلالة ماجدٍ = ما كنت هتاكاً لحرمة مسلمِ

ويُروى أن رجلا أوصى ابنه عندما أراد الابن السفر ، فقال لـه : احفظ اختك ، فاستغرب الابن من هذه الوصية وهو يريد أن يسافر ويبتعد عن أخته ، فمضت الأيام ، فرأى الأب ساقي الماء يقبل ابنته ، فلما عاد الابن قال لـه أبوه : ألم أقل لك احفظ اختك . قال وماذاك ؟ قل له : دقـة بدقّـة ، ولو زدتّ لزاد السقا .

الثاني : عِظم عقوبة الزنا

ليتأمل الشاب هذه الفاحشة قبل أن يسافر ، وما رتّب الله عليها من عقوبة .فقد سمّى الله الزنا فاحشـة ، فقال : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً )

قال ابن القيم : جعل الله سبحانه وتعالى سبيلَ الزنا شرَّ سبيل ، فقال تعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً )

فأما سبيل الزنا فأسوأ سبيل ، ومقيل أهلها في الجحيم شرّ مقيل ، ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها من تحتهم ، فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا ، ثم يعودون إلى موضعهم فهم هكذا إلى يوم القيامة ، كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم في منامـه ورؤيا الأنبياء وحيٌ لا شك فيها .

وقال أيضا : مفسدة الزنا من أعظم المفاسد ، وهى منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الأنساب وحماية الفروج ،وصيانة الحرمات ، وتوقِّي ما يُوقع أعظم العداوة والبغضاء بين الناس . وقال : ثم أخبر عن غايته بأنه ساء سبيلا ، فإنه سبيلُ هلكة وبوار وافتقار في الدنيا ، وسبيل عذاب في الآخرة وخزي ونكال . اهـ .

وإن من أعظم ما يردع النفوس عن التمادي في غيّها ، وعن التهاون في أمر هذه الفاحشة التي عمّت أن يتذكر المسلم والمسلمة عقوبة الزناة والزواني .

فقد روى البخاري من حديث سمرةَ بنِ جندب قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال : من رأى منكم الليلة رؤيا . قال : فإن رأى أحد قصها ، فيقول ما شاء الله فسألَنَا يوما ، فقال : هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ قلنا : لا . قال : لكني رأيت الليلة رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدسة – فَذَكَرَ أشياء – ثم قال : فانطلقنا إلى ثقب مثل التنـور أعلاه ضيق وأسفله واسع يَتوقّـد تحته نارا ، فــإذا اقتـرب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا ، فإذا خمدت رجعوا فيها ، وفيها رجال ونساء عراة .

وفي رواية قال : فأتينا على مثل التنور ، فإذا فيه لغط وأصوات . قال : فاطّلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة ، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا . قال قلت لهما : ما هؤلاء قال : قالا لي : هؤلاء الزناة والزواني .

الثالث : أن الزنا – أجارك الله – من أقبح الذنوب .

قال ابن القيم : ويكفي في قبح الزنا أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شَرَعَ فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها ، وأمر أن يَشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله ، ومِنْ قُبْحِه أن الله سبحانه فَطَرَ على بغضه بعض الحيوان البهيم الذي لا عقل لـه ، كما ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي قال : رأيت في الجاهلية قردا زَنَـا بقردة فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا ، وكنت فيمن رجمهما . اهـ .

الرابع : أن الزنا قبيح من الشاب الذي لـه صبوةٌ وشهوة تغلبه ، فكيف به من الشيخ الكبير ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان ، وملك كذاب ، وعائل مستكبر . رواه مسلم . وماذلك إلا لأن دواعي هذه الأشياء غير موجودة لدى هؤلاء .

وقد ميّز الله الإنسان عن البهائم العُجم بالعقل السليم الذي يدرك به الخير من الشر فمن غلبته شهوته حتى غلَبَت عقله فهو كالبهيمة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : البهائم لها أهـواء وشهـوات بحسب احساسها وشعورها ، ولم تؤت تمييزا وفرقانا بين ما ينفعها ويضرها ، والإنسان قد أوتيَ ذلك ، ولهذا يُقال : الملائكة لهم عقول بلا شهـوات ، والبهائم لها شهـوات بلا عقـول ، والإنسان لـه شهوات وعقل ، فمن غلب عقلُه شهوته فهو أفضل من الملائكة أو مثل الملائكة ، ومن غلبت شهوتُه عقله فالبهائم خير منه . انتهى كلامه – رحمه الله – .

وقال : وليس المراد بالشرع التمييز بين الضار والنافع بالحس ، فإن ذلك يحصل للحيوانات العُجم ، فإن الحمار والجمل يميّـز بين الشعير والتراب ، بل التمييز بين الأفعال التي تضر فـاعلهـا في معاشـه ومعـاده … ولولا الرسالـة لم يهتد العقل إلى تفاصيل النافع والضار في المعاش والمعاد ، فمن أعظم نعم الله على عباده وأشرف مِنّة عليهم أن أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، وبيّن لهم الصراط المستقيم ولولا ذلك لكانوا بمنـزلة الأنعام والبهائم بل أشر حالاً منها ، فَمَنْ قَبِلَ رسالة الله واستقام عليها فهو من خير البرية ، ومن ردّها وخرج عنها فهو من شر البرية ، وأسوأ حالا من الكلب والخنـزير والحيوان البهيم .

الخامس : أن الزنا من الفواحش التي كثرت وعمّت ، وفشت بسببه الأمراض والأوجاع .

مثّل لنفسك موقف ذلك الشاب الذي عـاشر بغيّـاً في بعض دول الكفر ، فلما أصبح بحث عن تلك البغي في كل مكان ، فلم يجدها كما لم يجد لها أثرا سوى أنها كتبت على المرآة عبارة ( مرحبا بك عضوا جديدا في نادي الإيدز ) فانهارت قوى ذلك الشاب .

ويدّعي بعض الشباب أن تلك الدول تحرص على سلامة البغايا ! فأقول : إن هذا لشيء عجاب ! وهل يريد أن يقولوا إن البغـايا لديهم مصابات بأمراض خطيرة فتاكـة ، فيُعرض عنهم طلاب الفاحشة ؟

هم لا يهمهم سوى ما يحمله الشاب من مال ، وما عداه من صحة أو جمال أو مكانة فلا تهمهم . ومن ابتُلي بالأسفار المحرمة فعليه أن يقرأ في الكتب والأبحاث التي تناولت أضرار ذلك الفعل المُحرّم

فكم هي الأمراض التي خلّفها ويُخلّفها الزنا وارتكاب الفواحش ؟

ألم يقُل النبي صلى الله عليه على آله وسلم : يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بـهِن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا . ذم ذكر بقية الخصال . رواه ابن ماجه وغيره ، وحسّنه الألباني .

وقد نشرت صحيفة الوطن في العدد 165 الصادر في 18 من شهر ذي الحجة من عام 1421 هـ تقريرا نقلته عن منظمة الصحة العالمية عن طاعون العصر عن ( الإيدز ) – حماكم الله – وقد جاء فيه ما يُذهل القارئ والسامع ، وما فيه رادع لكل من تسوّل لـه نفسه العبث .

فمن ذلك : أن المملكة هي أقل الدول انتشارا للمرض في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومع ذلك ذكرت الصحيفة أن في المملكة 1100 مصاب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وأن في العالم إصابة في كل ستّ ثوان ، ووفاة كل أحد عشر ثانية . وأن حالات الإصابة تكثر في الصيف أو في نهاية الصيف . وقُدِّر أن عدد المعايشين للإيدز في العالم والعدوى بالفيروس وصل إلى 34.3 مليون شخص خلال العام ما قبل الماضي – حسبما ذكرت الصحيفة – .

وفي نفس العام قُدِّر أن 5.4 ملايين حالة حديثة قد وقعت . ومع نهاية العام نفسه – كما تقول الصحيفة – بلغ عدد الوفيات الناجمة عن مرض الإيدز منذ ظهور الوباء بلغ 18.8 مليون وفاة . ويُقدّر عدد حـالات الوفـاة للعام المنصرم بثلاثة ملايين حالة وفاة بسبب المرض المذكور .

وبلغ عدد اليتامى بسبب الوفاة حتى نهاية العام الماضي 13.2 مليون . وأجرت الصحيفة عددا من اللقاءات مع بعض المرضى فكانوا لا يظهرون أسمائهم فضلا عن أن يسمحوا بظهور صورهم ، فهذا – عياذا بالله عبرةً لا شماتة – جزء من الخزي الذي تبعهم في الدنيا قبل الآخرة ، إلا أن يتوبوا .

كما أجرت الصحيفة لقاءات مع بعض النساء ممن ابتلين بهذا المرض نتيجة الزواج بأشخاص لهم ماض عريق في الأسفار المحرمة !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.