الكثير من المثقفين الأوروبيين الذين أخذني النقاش معهم إلى معالم الحضارة الإسلامية القديمة وجدتهم لا يؤمنون أصلاً بوجود مثل هذه الحضارة، فحسب اعتقاد أكثرهم تهذيباً لم تكن هذه الحضارة إلا وسيط نقل علوم الحضارات الهندية واليونانية والرومانية لا أكثر.
أي أن علماء الإسلام السابقين كانوا مجرد مترجمين لا أكثر، إبن سيناء مترجم وابن رشد والرازي وابن الهيثم، كلهم مترجمين لأعمال لاتينية وهندية ويونانية لم يضيفوا إليها أي جديد!
المؤسف هو أن الكثير من شبابنا المعاصرين لا يجهل فقط تفاصيل هذه الحضارة بل اقتنع بعضهم حتى بهذا الرأي الغربي لسبب رئيس أراه هو فشل مناهجنا التعليمية في إيصال حقائق هذه النهضة إليهم بشكل دقيق و أمين بعيد عن المبالغة و العاطفة.
فمثلاً كم ذهلت حينما تبيَّن لي بعد سنوات من إنهائي لدراستي الجامعية أن هناك 35 حديث شريف على الأقل يحض فيها رسول الإسلام صلى الله عليه و سلم على العِلْم ظن الكثير ممن ناقشتهم فيها أنها حكم أو أمثال شعبية لا أحاديث لرسول الإسلام!
البعض ممن حاورتهم في هذه الأحاديث نفى أن يكون مقصدها مفهوم العِلْم المتعارف عليه اليوم وهو العلوم التطبيقية، إذ أن المقصود بها – طبقاً لرأي هؤلاء – ما نسميه اليوم بالعلوم الشرعية.
كنت أرد دائماً على هؤلاء بقولي إن هذه العلوم لم تكن موجودة في زمن الرسول! في عهده لم يكن هناك سوى القرآن الذي يستخدم لغة عربية و إن جاء أسلوبها على درجة إعجازية من البلاغة إلا أن مفرداتها وقواعدها النحوية من جمع وتصريف وغيره هي ذاتها مفردات وقواعد لغة التخاطب اليومي لأهل قريش.
على هذا أعتقد أن الرسول حينما استخدم كلمة العِلْم كان يقصد بها معارف ذلك الزمن، ولمن لا يعرف وضع المعارف في عهد الرسول لابد له من أن يعلم بسرعة أن علوم اللغة اليونانية واللاتينية والفارسية والفلك والطب والرياضيات كانت تدرس في الكثير من المدن المجاورة للقبائل العربية في صحرائها – في الشام والعراق وفارس وحتى أوروبا القريبة نسبياً – ويرى الكثير من عرب ذلك الزمان المتنورين أنها سبب نهضة و رغد عيش هذه الشعوب المجاورة.
أفضل دليل على هذا هو الحديث الشريف: حضور مجلس عِلْم أفضل من صلاة 1000 ركعة وعيادة 1000 مريض وشهود 1000 جنازة، فقيل يا رسول الله ومن قراءة القرآن؟ فقال: وهل ينفع القرآن إلا بالعِلْم؟
هنا يسأل الصحابة في آخر الحديث سؤالاً يثبت أنه كان واضحاً في ذهنهم أن هناك قرآن وهناك عِلْم، وإلا ما سألوا هذا السؤال.
إنني هنا أضع جرد بما أمكنني جمعه من أحاديث الرسول التي تحض على العِلْم والتي لا أراها سوى السبب الأول لتوجه العلماء المسلمين نحو العلم و البحث العلمي.
بالتالي أراها قاعدة النهضة العلمية الإسلامية الراحلة، و بودي معرفة رأي شبابنا المعاصر في مدى فائدة حفظ والتأمل في والعمل بهذه الأحاديث بدل تلك التي تهتم بآداب مأكل وملبس وزواج ونظافة المسلم!
إنها دعوة كذلك لمن يضعون ويطورون مناهجنا التعليمية في التفكير جدياً في مدى فائدة تطعيم كافة مناهجنا – لا منهج التربية الإسلامية فقط – ومن الصف الأول الابتدائي حتى الثانوية العامة بهذه الأحاديث التي صنفتها إلى 4 محاور:
1. قيمة العِلْم في الدنيا
لا فقر أشد من الجهل.
مَثَل الذي يتعلم في صغره كالنقش على الحجر.
ومَثَل الذي يتعلم في كبره كالذي يكتب على الماء.
باب من العِلْم يتعلمه الرجل خير من الدنيا وما فيها.
2. قيمة العِلم في الآخرة:
العِلْمُ خير من العِبادة… وملاك الدين الورع.
حضور مجلس عِلْم أفضل من صلاة 1000 ركعة وعيادة 1000 مريض وشهود 1000 جنازة…
فقيل يا رسول الله ومن قراءة القرآن؟ فقال: وهل ينفع القرآن إلا بالعِلْم؟
إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثلاث:صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عٍلْم يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ.
3. التحذير من مساوئ العِلْم:
العِلْم لا يَحِل منعه. (لا يحل: لا يجوز)
كل عِلْم وبال على صاحبه إلا من عَمِلَ به.
من طلب العِلْم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء وليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار.
مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْم عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ.
آفَةُ العِلْم النِّسْيَانُ … وَإِضَاعَتُهُ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ غَيْرَ أَهْلِهِ.
4. الحض على طلب العِلْم:
طلب العِلْم فريضة على كل مسلم.
أُطلبوا العِلْم من المهد إلى اللحد. (المهد: سرير الطفل، اللحد: القبر)
أغدو في طلب العِلْم… فإن الغدو بركة و نجاح.
مرحباً بطالب العِلْم! إن طالب العِلْم تَحُفُّهُ الملائكة بأجنحتها… ثم يركب بعضهم بعضاً حتى يبلغوا السماء الدنيا من محبتهم لما يطلب.
مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ العِلْم كَانَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ.
مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ.
لأن تغدو فتتعلم باباً من العِلْم خير لك من أن تصلى 100 ركعة.
منهومان لا يشبعان: طالب العِلْم وطالب الدنيا.
الناس في الإسلام رجلان: عَالِم ومُتَعَلِّم، ولا خير فيما سواهما.
مَنْ طَلَبَ العِلْم فَأَدْرَكَهُ كَانَ لَهُ كِفْلَانِ مِنْ الْأَجْرِ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنْ الْأَجْرِ.
5. الحض على نشر العِلْم:
أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ عِلْمًا ثُمَّ يُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ.
من تعلَّم باباً من العِلْم ليُعَلِّم الناس أُُعْطِيَ ثواب 70 صِدِّيقاً.
تعلموا العِلْم وعلموه الناس.
6. مكانة العُلماء دنيا وآخرة:
مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ.
وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْم.
وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ… حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ.
وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ.
إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ.
إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْم … فمَنْ أَخَذَ بهِ أَخذ بحظ وَافِرٍ.
العُلَمَاءُ مصابيح الأرض… وخلفاء الأنبياء… وورثتي وورثة الأنبياء.
العلماء أمناء أمتي.
العُلَمَاءُ أُمناء الله على خَلْقِه.
العُلَمَاءُ قادة… والمتقون سادة… ومجالستهم زيادة.
يوزن يوم القيامة مِداد العُلماء بدم الشهداء.
يُشْفع يوم القيامة لثلاثة: الأنبياء… ثم العُلماء… ثم الشهداء.
مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ … يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ… فإِذَا انْطَمَسَتْ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ.
لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ.
نوم العَالِم عبادة… وصمته تسبيح… وعمله مضاعف… ودعاؤه مستجاب.
أقرب الناس إلى درجات النبوة أهل العِلْم والجهاد… أما أهل العِلْم فدَلُّوا الناس على ما جاءت به الرسل… وأما أهل الجهاد فجاهدوا بأسيافهم على ما جاءت به الرسل.
عل ما تقدمت به
كل عام والامة الاسلامية بخير