عرف الإنسان الأعشاب الطبية منذ آلاف السنين، بل منذ فجر التاريخ وقدر و عظم فوائدها العلاجية المختلفة، و بالتالي استخدمها في علاج العديد من الأمراض. الصينيون والمصريون القدماء برعوا في علم التداوي بالأعشاب، بالإضافة إلى استخدامها في التحنيط، وكذلك في أمور الزينة والتجميل، مثل نبات البلادونا الذي استخدمته النساء بكثرة لتوسيع حدقة العين. وفي العصور الإسلامية انتشر علم التداوي بالأعشاب، انتشارا ملحوظا وواسعا، وأوصى به الأطباء المسلمون، و شجع الأمراء و السلاطين الباحثين و المجددين و المؤلفين فيه، فظهرت الكثير من الكتب والمخطوطات التي تشرح بصورة واضحة أنواع الأعشاب الطبية المختلفة وطرق استخدامها وأنواع الأمراض المختلفة التي تستخدم فيها مثل هذه العقاقير الطبية، فسطعت أسماء العديد من العلماء العرب و المسلمين في هذا المجال ، فقد وضع الرازي كتابًا عن الأعشاب أسماه "الأبنيةعن حقائق الأدوية" وصف فيه ما يقرب من 500 نبات طبي. وسجل ابن سينا عبر كتابه "القانون" ما يزيد عن 760 دواء. ووضح ابن البيطار في كتابه "الجامع الكبير" ما يقرب ألفي وصفة طبية، ثم كتاب "المغني في الأدوية المفردة"، وكتاب "الدرة البهية في منافع الأبدان". ودوّن البيروني "كتاب النباتات الطبية واستعمالاتها". ووضع داود الأنطاكي "تذكرة داود" وهي مرجع رئيسي لكل العاملين بالطب الشعبي، وغيرهم من العلماء الأكْفَاء الذين كانت تدرس كتبهم لعدة قرون في المعاهد العلمية الأوربية. وكان المتوقع أن يتراجع التداوي بالأعشاب، و تتراجع معه الأمراض، وتزداد السيطرة عليها، نتيجة التقدم التكنولوجي، و التطور الهائل في علم الأدوية، وظهور أعداد هائلة من الأدوية و العقاقير في شتى مجالات العلاج، وارتفاع الوعي الصحي والعلاجي بين الشعوب، ولكن العكس هو الذي حدث، فالعالم اليوم يتجه أكثر إلى الأعشاب كبديل طبيعي للعقاقير الطبية، والتي ما فتئت تتسبب في العديد من المشاكل الطبية المختلفة، حيث أدى استخلاص الجزء الفعال من بعض النباتات الذي تم تصنيعه كيميائيًّا ثم تناوله، إلى ظهور آثار جانبية على جسم الإنسان في كثير من الحالات، بينما هذه المواد الفعالة متوازنة ومخففة في النباتات، ويمكن للجسم البشري أن يتفاعل معها برفق في صورتها الطبيعية، بجانب أن النبات الواحد، قد يحتوي على العديد من المواد الفعالة التي تتعاون معًا في معالجة المرض.وتعد العودة إلى استخدام النباتات الطبية في العلاج، عودة إلى الطبيعة، خاصة وأن العقاقير التخليقية، كما سلف الذكر، لها أعراض جانبية متعددة مقارنة بهذه الأعشاب.وتتنوع طرق استخدام الأعشاب الطبية من استخدام منقوع أو مغلي النبات الكامل إلى استخلاص المواد الفعالة واستخدامها في صور تراكيب صيدلية مختلفة، ويبقى أن نشير هنا إلى ضرورة تقنين استخدام هذه الأعشاب الطبية، خاصة وأنها تحتوي على العديد من المواد الفعالة؛ لذا فمن الأفضل استخلاص المادة الفعالة وتحضير منها التراكيب الصيدلية المختلفة، مما سوف يؤدي إلى تقليل ظهور أي أعراض جانبية بسبب استخدام جميع أجزاء النبات.
بارك الله فيك اخي
وصل التميز
وصل التميز
وفيك البركة اخي شكرااعلى مرورك الجميل