(( قمم الجبال ))
الخفافيش لا تبصر النور وتأنس بالظلام ،،
والرَّخمة من الطير لا تستعذب إلا الجيَف النَّكِدة .
والبغاث ترتعد فرائصها وتجبن عن الثبات .
والفقع لا ينبت إلا في قرار الأرض ودَرْكها الأسفل .
فكن أنف الأسد وعرينَه، لا يُقدع له عظم ولا تُقرع له سن ..
واركب جناحَ الصقر وسِرْ معه أينما سار وطرِ معه حيثما طار
اتَّخِذْ من شُم الجبال بيوتا ولا تسبح إلا في جو السماء ..
كن جملا يحتمل شدة الظمأ لبرد العاقبة ، ويعتلي الصعابَ للهضاب، والتلالَ للسهول
وكن عالي الرأس عظيم الهامة طويل القامة نخلةً تعانق الجوزاء وتناطح السماء .
فَوِّق سهمك وانتض سيفك واشرع رمحك، واركب جواد الأمل واعقلها وتوكّل .
لا تهزُّك الرياح العاتية إلا لإسقاط ثمرك الناضج ، ولا تلبس سواد العشي إلا لقيام الليل ، ولا تعفُ عن الدنيء المتطاول إلا أن يكون منك حِلما وصفحا .
لا تيأس وإن اهتز مركب البحر بك وعلى الإغراق أشرف ..
لا تجزع وإن دوَّخ بك العدو وأنفذ فيك الطعنة ..
لا تكسل وإن تناومت العيون حولك وأسدلت على إنسانها الحُجُب ..
لا تذبل وإن جف ماء الحياة وتساقطت المروءات وتحاتَّتِ القِيَم .
ما عليك إلا وَريُ الفتيل حتى تشعل نارا تأنس منها رشدا أو تأتيك بخبر أو تجد عليها هدى .
هذه الدنيا مبسوطة أمام ناظريك ، والمجد ينادي من يتلقَّفُه ويأخذه بحقه !!
وإذا كانت النفوس كبارا .. تعبت في مرادها الأجسام .
يا هذا (لا حمد إلا بفِعال ، ولا مجد إلا بمال) ، ولا جاه إلا بعلم ، ولا عز إلا بسلطان ، ولا قوة إلا بمَنعة ، ولا كلمة إلا بحجة ، ولا بينة إلا ببرهان .
ادأبْ في الصعود ولا تخشى القمم فأكثر ما يخاف لا يكون ، و(لا يستطاع العلم براحة الجسد ) .
لولا المشقة ساد الناس كلهم .. الجود يفقر والإقدام قتال
وإذا رَقيت ربوة من الربى فإياك أن تنسيك حلاوتها عن قُنَّة الجبل ففيها الخبر اليقين .. ولا تنظر تحت قدميك وإلا كان السقوط أسرع إليك .
إذا غامرت في شرف مروم … فلا تقنع بما دون النجوم
—
ولم أر في عيوب الناس عيبا .. كنقص القادرين على التمام