ما حكمُ إقامةِ الأعراس بقاعات الأفراح؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فإنَّ إقامةَ الأفراحِ والأعراسِ واختيارَ الأمكنةِ الأَنْسَبِ لها يدخل في حكم العادات، و«الأَصْلُ فِي العَادَاتِ العَفْوُ وَالإِبَاحَةُ»؛ فلا يُحْظَر منها إلَّا ما حرَّمه اللهُ تعالى، وإلَّا دَخَلْنا في معنى قوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩]، ولا يُعْدَل عن هذا الأصلِ إلَّا إذا اقترن به محذورٌ شرعيٌّ يَرْجِعُ إلى وجودِ اعتقادٍ فاسدٍ، أو يخالِف حكمًا شرعيًّا ثابتًا، أو يُلْحِق ضررًا آكِدًا أو متوقَّعًا.
ولَمَّا كانت مُعْظَمُ قاعاتِ الحفلات والأفراحِ وعاءً لمَفَاسِدَ خُلُقيَّةٍ مِن العُرْيِ والتبرُّج والرَّقص الفاتن الموروثِ مِن تقاليدِ أهلِ الكُفر والضلال وغيرِها، فضلًا عن المُجاهَرة بالسوء والإضرارِ بالناس، وما يَلْمِزُ به أصحابُ هذه القاعات ـ بلسان حالهم ـ المتورِّعين عن سماعِ مزاميرِ الشيطان وأصواتِ المَلاعينِ مِن أعوانه مِن المغنِّين والمغنِّيات مِن غيرِ احترامٍ ولا مبالاةٍ، لِيَغِيظُوا بها أهلَ الإيمان والالتزامِ والتقوى؛ فإنَّ استئجارَ هذه القاعاتِ ـ مع تضمُّنها للمساوئ السالفةِ البيانِ ـ وانتيابَها مِن قِبَل المستقيمين لَهُوَ تزكيةٌ لأهل الفجور والفسوق، ومُبارَكةٌ لهم على صنيعهم، وتقويةٌ لهم على المَزيد مِن الرذائل واستمرارِ نشرِها بين الناس، وهذا تعاونٌ يأباه الشرعُ وينهى عنه، قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: ٢].
لكن إذا وُجِدَتْ قاعاتٌ للاستراحة والأفراحِ غيرُ مُشْتَهِرةٍ بمثلِ هذه القبائحِ وَخَلَتْ منها فيبقى حكمُ العادةِ فيها سارِيَ المفعول وهو العفوُ والإباحة ـ كما تقرَّر سابقًا ـ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الموافق ﻟ: ٢٤ أوت ٢٠٠٥م