هل سبق وأن تخيلت العالم حولك بلا ألوان: حرّر نفسك ولو لدقيقة من كل تجاربك السابقة وأنسى
كل ما تعلمت وأبداً باستعمال مخيلتك، تصور جسمك، الناس من حولك، البحر، السماء، الأشجار،
الزهور… الخ، تخيل لثوان أن كل ما حولك فجأة بلا ألوان، تخيل كيف ستشعر إذا كان الناس،
الكلاب، العصافير، الفراشات، بلا ألوان، وفي هذه الحال وبالتأكيد سوف يختلط كل شيء بالآخر،
وسيكون من الصعب تمييز أي شيء عن الآخر، وسيصبح من المستحيل رؤية البرتقال، الفراولة
الحمراء، الورود الملونة أو حتى الطاولة الخشبية لأنه في هذه الحال لن يكون البرتقال برتقالياً أو
الطاولة بنيّة أو الفراولة حمراء وستكون الحياة مزعجة حتى لوقت قصير في هذا العالم العديم
الألوان الذي يصعب حتى وصفه.
إذاً، إن كل جزء في هذا العالم يلعب دوراً هاماً في العملية الكاملة، والألوان واحدة من أهم
العناصر المشكّلة لهذا النظام في الكون الذي ما إذا فكر الإنسان فيه، فسيرى مباشرة حقيقة
الخالق، وعظمته.
إن المعجزة الربانية هنا لا تتمثل في خلق الألوان فحسب، وليس في دورها الضروري لاستمرار
الحياة على وجه البسيطة فهي وسائل اتصال وإشارات إنذار، وعوامل حماية ودفاع، وأدوات غذاء
وقنص.. بل تتعدى ذلك إلى معجزة خلق الأجهزة التي تستقبل كل تلك الألوان باختلافها الواسع
وبتموجاتها المتعددة، ألا وهي العين، بل تتجاوز ذلك كله إلى دور تلك الألوان في الأحاسيس
والمشاعر البشرية، وهنا ينفتح أمامنا سيل من الأسئلة؟
إذ كيف تتشكل الألوان في الطبيعة؟ هل من خلال عمليات كيميائية أم من خلال انعكاس الضوء
على الأجسام؟ ثم ما دور العين في معرفة هذه الألوان وما هي الخلايا المجهزة خصيصاً لرؤيتها؟
وكيف تتفاعل رؤية الألوان حتى تصبح حالات شعورية يعيشها الإنسان؟ وهل خلق هذا التنوع
سدى لا رسالة له ولا غاية إنما تحكمه فوضى ويسيره العبث، أم أنه وجد في المكان الذي يفترض
له أن يكون؟
إن الإنسان بحكم اعتياده ومعايشته ما يحيط به يكون في واقع الأمر جاهلاً بمكنونات الوجود. وهذا
الكتاب صدمة لكل إنسان ترشده إلى المعرفة العميقة، وتستوقفه لتدبر مخلوقات الله، وتجعله
يتساءل ليبصر حقيقة هذا الكون في عمقه المعقد ، وعظمة خالقه:
تتكون أشعة الشمس من سبعة ألوان – تسمى ألوان الطيف، وهي :
بنفسجي Violet.
لازوردي Indigo.
أزرق blue.
أخضر Green.
أصفر Yellow.
برتقالي Orange.
كل لون من ألوان الطيف هو عبارة عن موجات طاقة كهرومغناطيسية ElectroMagnetic
Energy waves له طول موجة Wavelength مُختلفة – وهذا ما يُعطيها الألوان المُختلفة
كل حسب طول موجته.
يُمكننا أن نرى ألوان الطيف السبعة و ذلك بتسليط أشعة الشمس على مخروط من الزجاج بحيث
يتحلل ضوء الشمس إلى ألوانه السبعة – لأن سرعتها سوف تختلف وهي تمر عبر المخروط
لاختلاف طول موجاتها )طاقتها.
كيف تكتسب الأجسام ألوانها؟
تتكون الأجسام من جزيئات – و الجزيئات تتكون من ذرات Atoms وإلكترونات Electrons –
وهذه الذرات والإلكترونات تتفاعل مع الضوء (الطاقة) الذي يقع عليها بعدة طرق:
· تعكس أو تُبعثر الضوء الذي يقع عليها.
· تمتص الضوء الذي يقع عليها.
· تترك الضوء الذي يقع عليها يعبر خلالها دون أن يفقد من طاقته.
· تكسر الضوء الذي يقع عليها.
تمتص الأجسام السوداء جميع ألوان الطيف التي تقع عليها – ولهذا تبدو سوداء اللون، كذلك تكون
حارة لأنها تمتص طاقة الضوء (الموجات الضوئية)- بخلاف الأجسام البيضاء التي تعكس جميع
ألوان الطيف ولهذا تبدو بيضاء اللون وتكون باردة لأنها لاتمتص طاقة الضوء.
تحتوي النباتات على مادة الكلوروفيل التي تمتص اللون الأزرق والأحمر وتعكس اللون الأخضر –
لهذا تكون النباتات خضراء وقس على ذلك كل الألوان التي تراها حولك.
كيف نرى الألوان حولنا ؟
تعتمد مقدرتنا لرؤية الألوان على عدة وظائف معقدة للأعين والدماغ. فعندما ننظر إلى جسم ما فإن
ضوءًا منعكسًا من الجسم نفسه يدخل أعيننا. تركز كل عين على حدة الضوء مكوِِّّنةً صورة للجسم
على الشبكية. والشبكية طبقة رقيقة من الأنسجة تغطي مؤخرة وجوانب تجويف العين من الداخل،
وتحتوي على ملايين الخلايا الحساسة للضوء. وتمتص هذه الخلايا معظم الضوء الذي يسقط على
الشبكية، وتحوله إلى إشارات كهربائية. وتنتقل هذه الإشارات الضوئية، إلى الدماغ بوساطة
أعصاب تنقلها إليه عن بُعد.
تحتوي الشبكية على نوعين رئيسيين من الخلايا الحساسة للضوء ـ العصي والمخاريط. ويُعزى
سبب التسمية إلى أشكال هذه الخلايا. فالخلايا القضيبية حساسة لأقصى درجة للضوء الخافت،
ولكنها لا تستطيع تمييز الأطوال الموجية. ولهذا السبب، نرى فقط مساحات من اللون الرمادي في
الغرفة خافتة الإضاءة. تبدأ الخلايا المخروطية في الاستجابة للضوء عندما يصير الضوء أكثر
إضاءة وسطوعًا، وفي الوقت نفسه تكف الخلايا القضيبية عن العمل.
وتحتوي شبكية الشخص ذي الإبصار الطبيعي للألوان على ثلاثة أنواع من الخلايا المخروطية.
يستجيب أحد هذه الأنواع بأقصى شدة للضوء ذي الطول الموجي القصير والذي يقابل اللون
الأزرق. ويوجد نوع ثان يتفاعل رئيسيًا مع الضوء ذي الطول الموجي الوسط أي اللون الأخضر.
أما النوع الثالث فهو أكثر حساسية للضوء ذي الطول الموجي الطويل، أي اللون الأحمر.
آثار الألوان المتجاورة
يرتب الدماغ الإشارات التي تحملها إليه الأعصاب من العين، ويترجمها صورًا بصرية ملونة. ولا
تزال الكيفية التي يمكِّننا بها الدماغ من أن ندرك الألوان، سرًا غامضًا لم يكشف تمامًا بعد. وقد
طوّر العلماء عدة نظريات قُدمت ونوقشت لتوضيح رؤية الألوان.
تحدث معظم العمليات في الأعين والدماغ تلقائيًا، وتكاد تكون لحظية عند تزويدها لنا بإبصار
الألوان. وقد تعلمنا دون أن نعي ألا نرى آثارًا إبصارية معينة لهذه العمليات، وعلى الأخص تلك
التي تحدث عندما تتكيف أعيننا لتغيير الألوان. وقد تبدو لنا هذه الآثار مفاجئة أو مثيرة ومفزعة
عندما ندركها. ويمكن بسهولة توضيح بعض آثار إبصار الألوان، التي لا نلاحظها طبيعيًا بأمثلة
عملية.
إبصار الألوان عند الحيوانات
للنسانيس والقرود وكثير من أنواع الطيور وبعض أنواع الأسماك إبصار للألوان يشابه كثيرًا
مالدينا من إبصار للألوان. ومع ذلك، فهناك عدد كبير من الحيوانات الأخرى يبصر الألوان بكيفية
مختلفة عن كيفيتنا. مثلاً، تدل البحوث على أن التماسيح ترى الألوان في شكل ظلال متعددة الغمام
رمادية اللون. وأعين بعض حيوانات أخرى حساسة لضوء لا نستطيع أن نراه نحن. مثلا، يستطيع
النحل أن يرى أشعة الضوء فوق البنفسجية والتي هي غير مرئية للآدميين. ومن الناحية الأخرى،
لا يستطيع النحل أن يرى اللون الأحمر.
————-
المصدر: كتاب معجزة الله في خلق الألوان-تأليف هارون يحيى
موفق باذن الله
جد مشكور على الموضوع
ننتظر منك المزيد
تحياتي لك و تقديري.