– جديد العلم والمعرفة
ليس عندي إرادة ؛ فماذا أفعل ؟ إرادتي ضعيفة ولا أعرف سبيلاً لتقويتها ؟
" إن درجة الإرادة تولد مع الإنسان؛ فهناك إنسان يولد بإرداة قوية ، وآخر بإرادة ضعيفة ، ولا سبيل للإنسان لتقويتها " .. أظنّك سمعت هذه العبارات من قبل ، وقد تكون ردّدت بعضها في مواقف مختلفة من حياتك.
فمعضلة وجود الإرادة واحدة من أكثر الموضوعات التي تشغل ذهن الشباب الباحث عن النجاح .
والاهتمام بالإرادة أمر طيب ومبشّر؛ ولكن ما ليس كذلك هو الحديث عن انعدام الإرادة أو شدة ضعفها ؛ فالأغلبية تشتكي أنها لا تملك منها الكثير، ومعظم الذين لم يحققوا ما يصبُون إليه يُرجعون السبب في ذلك إلى أنهم ضعيفو الإرادة ، وقد يصل بعضهم للقول بأنها معدومة لديه تماماً.
وبعد أول تجربة فاشلة ، ينسحب أصحاب هذا الفكر من معركة الحياة بهذه الحجة ، يهربون من اتخاذ المواقف المطلوبة ، ويعطون ظهورهم لفرَص متتالية .. فهم قرروا أنهم معدومو الإرادة .
وأنا أقول لهؤلاء آسفاً : إن ما تعيشون فيه هو وهْم خطير، وكذبة كبيرة صنعتموها لأنفسكم، لتُبقيكم في مناطق الراحة والأمان من وجهة نظركم.دعونا نتأمّل بعض أحوال أصحاب هذا الفكر، وما أكثرهم.
إرادة السهر والحفلات
هناك شاب لا يستقرّ في عمل منتظم ؛ متحجّجاً بأنه لا يملك إرادة تُعينه على الاستيقاظ في موعد مناسب للعمل؛ حسب قوله ؛ لكنه في الوقت نفسه يستجيب بسرعة مدهشة لدعوة من صاحبه؛ لقضاء سهرة خاصة في مكان بعيد ، ويجاهد ليصل إليه ، وهذه السهرة تُكلّف الكثير من المال؛ لكنه يواصل اجتهاده ليجمع ما يكفي لتغطية مصاريف تلك السهرة.
ويقاوم رغبته في النوم والراحة ليستمرّ فيها حتى الصباح؛ فكيف نصدّق أن هذا الشاب معدوم الإرادة ، أو حتى ضعيف؟!
إنه يمتلك إرادة قوية أو -على الأقل- كافية ليصبح إنساناً متوازناً يشقّ طريقه نحو النجاح ، فقط لو أنه وجّهها في الناحية الإيجابية ، واستخدمها فيما ينفع ؛ بدلاً من أن يضيعها فيما يضرّ.
إرادة الدردشة بالساعات
وهذه فتاة عادية مثل أغلب فتيات مجتمعنا ، تحلم بحياة أكثر استقراراً ونجاحاً ؛ ولكنها تتقاعس عن الحصول على المزيد من الدورات لتقوية لغتها الأجنبية ، ولا تعرف الكثير عن علوم الحاسب الآلي؛ على الرغم من توافر الوقت والمال لتحصل على ذلك ؛ غير أنها تشتكي من ضعف إرادتها التي لا تمكّنها من فعل ذلك ؛ ولكنها تجد ما يكفي من تلك الإرادة لتجلس بالساعات مع الدردشة المكتوبة والمرئية ، ولا تبخل على نفسها بمتابعة كل جديد من متابعة الإصدارات الغنائية الحديثة ، أو حتى حضور الحفلات بنفسها.. فهل من الممكن وصف مثل تلك الفتاة بأنها معدومة الإرادة ؟
الكذبة الكبيرة
وهاك نماذج من الشباب والفتيات المحبين لدينهم ؛ لكنهم لم يحفظوا الكثير من القرآن ، ولم يعرفوا الكثير عن هذا الدين بشكل صحيح ؛ على الرغم من حبه في قلوبهم ، ومع ذلك لا يترددون أو يتحججون بضيق الوقت ، عندما يريدون الذهاب إلى مشاهدة مباراة كرة قدم في الملعب قبلها بساعات ، والتحضير لها من اليوم السابق.
إذن فكل أصحاب النماذج السابقة – ومن هُم على شاكلتهم – يملكون إرادة ليست بالضعيفة أبداً؛ بدليل استمرارهم في هذه الأفعال لفترات طويلة قد تمتدّ لسنوات.
مقولة "انعدام الإرادة" أو "ضعف الإرادة"، هي كذبة كبيرة، وخدعة صنعناها لأنفسنا لنقوم بالأفعال السلبية فقط؛ ولكن مع الأسف ؛ فأغلب تلك الأفعال السلبية – على الرغم مما فيها من جهد مبذول- لن تفيدنا كثيراً؛ فنحن نحتاج إلى توجيه ما نمتلكه من إرادة في الاتجاه الصحيح.. وصدقني نحن نمتلك منها الكثير.
أي أنه في الحقيقة لا يوجد ما يُسمى بـ"ضعف وانعدام الإرادة"؛ ولكن يوجد ما يمكن أن نسميه "إرادة سلبية" أو "إرادة إيجابية".
المصدر: مدونة العلم والمعرفة
إرادة التغيير تقتضي إدارة التغيير
إسماعيل رفندي
لاشك أن قضية التغيير قد أصبحت من القضايا الأساسية في عالم اليوم، عالم التطورات السريعة، عالم لا تتوقف مسيرته، ويتأخر من لا يعد العدة في خضمه.
بما أننا جزء من هذه المسيرة، وبما أن الإنسان هو المخلوق الذي سخر الله له العالم؛ فلابد من التأثر والاستجابة لهذه التغييرات ولكن بما يتفق مع خصوصياتنا الثقافية والتاريخية والعقائدية،حتى نستطيع المحافظة على ذاتيتنا، وحتى لا نتأخر عن ركب التقدم والعالم الذي نعيش فيه؛ يجب أن نتفاعل بروحية ايجابية بين التأثير والتأثر، ويجب أن يكون التغيير والإعداد له شاملاً شمول الضروريات والحاجيات الإنسانية، وينبغي أن يشمل التغيير كافة مجالات الحياة بأبعادها المختلفة، ولا شك من حيث المبدأ أن التغيير يتم بالإنسان وللإنسان وما يتفاعل معه الإنسان, لذا فالإنسان هو المحور الأساس والوسيلة الأساسية في نفس الوقت في عملية التغيير حتى يصل إلى تحقيق غاياته الإنسانية.
ومن هنا يتضح لنا أنه لابد من الجدية والإرادة الواعية والنيّة الصادقة للتغيير مع الإدارة المتوازنة, لأن إرادة التغيير هو إدارة الجوهر الإنساني بكافة خصوصياته، لذا لابد من التعامل الحكيم والتصرف المعتدل.
ضرورة التغير:
لا شك أن التغيير شديد الأهمية؛ فهو ضروري ضرورة الحياة نفسها، لذا يجب أن يصبح ظاهرة دائمة في كافة مجالات حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، حسب الأساسيات التالية:
1- التفاعل المنتج مع مبدأ التغيير.
2- التجديد والحيوية في عملية التطبيق.
3- استغلال فرص الإبداع في كافة مجالات الحياة.
4- الاهتمام بالتنمية الشاملة، مع احتواء الابتكارات المختلفة.
5- دعم وتشجيع الرغبة في التطوير والارتقاء.
6- التدريب على عمليات الإصلاح ومعالجة المشاكل.
7- الاهتمام الاستراتيجي بالإنتاج؛ استثمارًا وتوزيعًا.
8- استغلال كافة أساليب ووسائل التكنولوجيا في عمليات التغيير.
9- التوافق مع المستجدات العالمية والحياتية.
10- العمل بأولويات المرحلة مع الربط المتوازن بين المتغيرات.وسائل التغيير:
* نحن في حاجة ماسة اليوم إلى الإحاطة بعلم إدارة التغيير، حاجة تستدعي منا تحديد الأبعاد.
* يتطلب منا القيام بالتغيير ووعي أهميته إلى تفهّم وتفهيم وتوعية المقاومين للتغيير، الذين يفضلون التشبُّث بالحاضر والماضي، ربما يمثلون معوقًا رئيسًا بالنسبة لأية جهود إصلاحية تتبناها أي مؤسسة في خططها، الأمر الذي يحتّم ضرورة وجود التوجه الواضح لدى هؤلاء الأشخاص فيما يتعلق بقبول التغيير وإدارته.
*عقد الدورات التدريبية القصيرة لأعضاء هذه المؤسسات – إن كان التغيير في المؤسسات – بحيث تمكنهم هذه الدورات من التوحد على الهدف والرؤية المشتركة، ومن ثم الوسائل التي يمكنهم اتباعها في أداء مهمتهم، إلى جانب تحديد الأساليب التي يمكنهم من خلالها تزويد بعضهم البعض بالخبرات.* من الضروري دراسة الأنظمة و الهياكل الإدارية الحديثة، خاصة ما كُتب وجُرِّب عمليًّا في العقدين الأخيرين؛ لأن فيه رؤية واضحة حول ضعف الأساليب القديمة، ويقابله إبداعات على كافة المستويات والتجمعات البشرية.
الرؤية النقدية:
إن شيوع السلبية، واللامبالاة، والضعف الإداري، وعدم الانضباط، والاستهزاء بالعلم والعلماء، وعدم احترام الأنظمة والقوانين – كلها إفرازات بيئية ناقصة في تكوينها، ترفض التغيير وتعاديه، وتحول دون حدوثه وترتضي الجمود والتخلف.ونحن نعيش عصر التغيير عصر الفاعلية والانطلاق، عصر تتوالى فيها المستجدات، وتعززها التغيرات الفنية والتكنولوجية والاختراعات، وثورتي الاتصال والمعرفة وعصر المعلومات جميعها تمثِّل تحديًا شديد القسوة لمتخذي القرار، ولذلك نجد أن الإحاطة بعلم التغيير وأهميته القادرة على إحداث التغيير والتحكم فيه، المناسب لتحقيق الآمال المنشودة التي تتطلع إليها الإنسانية جمعاء – أمرٌ لابد منه، ولا يمكن تجاهله، وأصبح التغيير من معالم العصر، والتعامل معه أصبح في غاية الضرورة، ولاشك يعبر عن حقيقة التطور الحضاري الإنساني.المصدر: موقع: (إسلاميات)
اللهم قوي إماننا وعزيمتنا
تقبلوا تحياتي
|
الشيخ الغزالي رحمه الله