تخطى إلى المحتوى

سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى( حديث "لله تسعة وتسعون اسماً" ) 2024.

المبحث الرابع: حديث "لله تسعة وتسعون اسماً"[صفحة:162]

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحدة لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر"

وفي رواية: "من أحصاها(1 ) دخل الجنة" وهذا الحديث متفق على صحته( 2).

وقد وردت روايات أخرى للحديث بطرق أخرى مختلفة تزيد على الحديث السابق بذكر أسماء من أسماء الله تعالى، والحديث ورد بثلاث طرق عند الترمذي(3 ) وابن ماجه(4 ) والحاكم(5 ) (6 )،

وهذه الطرق ضعفت من جهة الإسناد، ومن جهة المتن كما بينه جمع من العلماء، والمحققين، وإليك أقوالهم.

قال البيهقي رحمه الله في حديثه عن رواية عبد العزيز بن الحصين: يحتمل أن يكون التفسير وقع من بعض الرواة، وكذلك في حديث الوليد ابن مسلم (7 ).

[الصفحة163]:

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "قد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن هاتين الروايتين – يعني روايتي الترمذي من طريق الوليد وابن ماجه من طريق عبد الملك بن محمد – ليستا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما كل منهما من كلام بعض السلف"( 8).

وقال أيضاً: أن التسعة والتسعين اسماً لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم،

وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة، وحفاظ أهل الحديث يقولون: هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث وفيها حديث ثان أضعف من هذا، رواه ابن ماجه، وقد روى في عددها غير هذين النوعين من جمع بعض السلف (9 ).

وقال ابن كثير رحمه الله: "الذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث – أي حديث الوليد عند الترمذي – مدرج فيه وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك أي أنهم جمعوها من القرآن…"(10 ).

وقال ابن حجر رحمه الله: "والتحقيق إنّ سردها إدراج من الرواة"(11 ).

ونقل ابن حجر عن ابن عطية رحمهما الله قوله: "حديث الترمذي ليس بالمتواتر وبعض الأسماء التي فيه شذوذ"( 12) والله أعلم.

———————————————–
الهامش…
(1 ) اختلف العلماء في بيان المراد بالإحصاء على أقوال أظهرها والله أعلم ما ذكره ابن القيم في بدائع الفوائد 1/164 حيث قال: «واحصاؤها مراتب: المرتبة الأولى: احصاء ألفاظها وعدها. والثانية: فهم معانيها ومدلولها. والثالثة: دعاؤه بها كما قال تعالى: {
وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} الأعراف آية (180). وهو مرتبان: احدها: دعاء ثناء وعبادة. والثانية: «دعاء طلب ومسألة»أ.هـ. وهذا اختيار ابن سعدي رحمه الله. انظر الحق الواضح المبين ص22، ولمزيد بيان لهذه المسألة انظر فتح الباري 11/226، والنهج الأسمى 1/46.

(2 ) صحيح البخاري (7/169) كتاب الدعوات، باب لله عز وجل مائة اسم غير واحد. ومسلم (4/2062و 2063) كتاب الذكر، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها.

(3 ) سنن الترمذي (ح 3574).

( 4) سنن ابن ماجه (ح 3861).

(5 ) مستدرك الحاكم (1/17).

( 6) وقد جمع هذه الطرق وبين أقوال أهل العلم عليها وحكم عليها الشيخ/ محمد بن حمد الحمود في كتابه النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى (1/50) وكذلك الشيخ/ عبد الله بن صالح الغصن في كتابه أسماء الله الحسنى (ص 155).

(7 ) الأسماء والصفات للبيهقي (1/32).

( 8) مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية (6/379).

( 9) المرجع السابق (22/482).

( 10) تفسير القرآن العظيم (3/257).

(11 ) بلوغ المرام (ص346) (ح 1396).

( 12) التلخيص الحبير (4/190).

[الصفحة 162، والصفحة 163].

من الكتاب المنقول منه


https://www.alifta.net/fatawa/fatawaD…4&PageID=11059

https://www.binbaz.org.sa/mat/12030

شرح معنى (أحصاها) في حديث (إن لله تسعةً وتسعين اسماً)، للعلاَّمة ابن باز رحمه الله.

أسأل سماحتكم عن حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: (إن لله تسعةً وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة). هل كلمة (أحصاها) الواردة في الحديث معناها: حفظها، أم قراءتها فقط؟ وجهوني،

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: هذا الحديث مخرج في الصحيحين عن النبي – صلى الله عليه وسلم -وله لفظان أحدهما : (من أحصاها). واللفظ الثاني: (من حفظها دخل الجنة). معنى: (أحصاها) إذا حفظها وأتقنها دخل الجنة. وإحصاؤها يكون بحفظها ويكون بالعمل بمقتضاها. أما لو أحصاها ولا يعمل بمقتضاها ولا يؤمن بها فإنها لا تنفعه فالإحصاء يدخل فيه حفظها، ويدخل فيه العمل بمعناها. فالواجب على من وفقه الله في إحصائها وحفظها أن يعمل بمقتضاها فيكون رحيماً، ويكون أيضاً عاملاً بمقتضى بقية الأسماء، مؤمنا بأن الله عزيز حكيم رؤوف رحيم، قدير عليم بكل شيء، ويؤمن بذلك، ثم يراقب الله، ويخاف الله، فلا يصر على المعاصي التي يعلمها ربه، فليحذر المعاصي ويبتعد عنها وأن يكون بذلك كلا بأنواعه إلى غير ذلك، فهو يجتهد في حفظها مع العمل بمقتضاها من الإيمان بالله ورسوله، وإثبات الأسماء والصفات لله على الوجه اللائق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل يعلم أنها حق، وأنها صفات لله وأسماء لله، وأنه سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله لا شبيه له ولا مثل له؛ كما قال – عز وجل – في كتابه العظيم :قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ*[سورة الإخلاص]. يؤمن بهذا وأنه صمد، لا شبيه له تصمد إليه الخلائق وتحتاج إليه – سبحانه وتعالى -، وهو الكامل في كل شيء، وأنه لم يلد ولم يولد وأنه لا كفؤ له لا في صفاته ولا في أفعاله، ليس له كفء ولا شبيه ولا سمي؛ قال تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: من الآية11). هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً [مريم: من الآية65]. فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [النحل:74]. فهو لا سمي له ولا شبيه له ولا كفء له ولا ند له هو الكامل في كل شيء بعلمه وبذاته وبحكمته وفي رحمته وفي عزته وفي قدرته وفي جميع صفاته – سبحانه وتعالى -، فمن أحصاها علماً وعملاً، حفظها علماً وعملاً أدخله الله الجنة أما إذا أحصاها وحفظها ولكن قد أقام على المعاصي والسيئات فلم يعمل بصفات الله، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه بمعاصيه، ثم بعد تطهيره من المعاصي يخرجه الله من النار إلى الجنة إذا كان مات على التوحيد والإسلام؛ كما قال الله – سبحانه وتعالى – :إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31]. هذا خطاب لأهل الإسلام، بل لجميع الناس: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ والكبائر تشمل الشرك وأنواع الكفر، وتشمل المعاصي التي حرم الله، وجاء فيها اللعن والغضب والوعيد فهي كبائر، فلهذا (على) العباد من الرجال والنساء أن يجتنبوها، ولهذا قال – سبحانه وتعالى – إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ يعني الصغائر: وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً. ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر). وفي لفظ : (ما لم تغش الكبائر). كالزنا والسرقة والعقوق للوالدين أو أحدهما، وقطيعة الرحم ، وأكل الربا ، والغيبة والنميمة والتولي يوم الزحف والسحر إلى غير ذلك مما حرمه الله من الكبائر. والمقصود أن إحصاء الأسماء الحسنى وحفظها من أسباب السعادة ومن أسباب دخول الجنة لمن أدى حقه واستقام على طاعة الله ورسوله، ولم يصر على الكبائر.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحدة لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر"

وفي رواية: "من أحصاها(1 ) دخل الجنة" وهذا الحديث متفق على صحته( 2).

بـآركـ الله فيكـ استـآذي ع شرح الحديث ومعنـآه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.