تخطى إلى المحتوى

سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى(شرح اسم: القدوس، السلام ، السميع، الشاكر، الشكور) 2024.

السّلام: (القدّوس- السّلام)(1)

قال رحمه الله تعالى: " ومن أسمائه القدّوس السّلام، أي: المعظم المنزّه عن صفات النّقص كلّها وأن يماثله أحد من الخلق، فهو المتنزّه عن جميع العيوب، والمتنزه عن أن يقاربه أو يماثله أحد في شيء من الكمال {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}(2) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}(3) {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}(4) {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً}(5) .

فالقدّوس كالسّلام، ينفيان كلّ نقص من جميع الوجوه، ويتضمّنان الكمال المطلق من جميع الوجوه، لأن النّقص إذا انتفى ثبت الكمال كلّه(6) فهو المقدّس المعظّم المنزّه عن كلّ سوء، السّالم من مماثلة أحد من خلقه ومن النّقصان ومن كلّ ما ينافي كماله.

فهذا ضابط ما ينزّه عنه، ينزه عن كلّ نقص بوجه من الوجوه، وينزّه ويعظم أن يكون له مثيل أو شبيه أو كفو أو سميّ أو ندّ أو مضاد، وينزّه عن نقص صفة من صفاته الّتي هى أكمل الصّفات وأعظمها وأوسعها.

ومن تمام تنزيهه عن ذلك إثبات صفات الكبرياء والعظمة له فإن التّنزيه مراد لغيره ومقصود به حفظ كماله عن الظّنون السّيّئة كظنّ الجاهلية الذين يظنّون به ظنّ السّوء، ظنّ غير ما يليق بجلاله وإذا قال العبد مثنياً على ربّه "سبحان الله" أو "تقدّس الله" أو "تعالى الله" ونحوها كان مثنياً عليه بالسّلامة من كلّ نقص وإثبات كلّ كمال "(7).

————————

(1) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلام} (الحشر: 23).

(2) الشورى (11).

(3) الإخلاص (4).

(4) مريم (65).

(5) البقرة (22).

(6) التفسير (5/623).

(7) الحق الواضح المبين (ص81 و82) وانظر: توضيح الكافية الشافية (ص127).



القعدة


السّميع(1):

قال رحمه الله تعالى:"ومن أسمائه الحسنى السّميع الذي يسمع جميع الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات، فالسّرّ عنده علانية و البعيد عنده قريب(2).

وسمعه تعالى نوعان:

أحدهما: سمعه لجميع الأصوات الظّاهرة والباطنة، الخفيّة والجليّة، وإحاطته التّامة بها.

والثّاني: سمع الإجابة منه للسّائلين والدّاعين والعابدين فيصيبهم ويثيبهم، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}(3) وقول المصلّي سمع الله لمن حمده أي استجاب"(4).

(الشّاكر (5)- الشّكور)(6)

قال رحمه الله تعالى: "ومن أسمائه تعالى الشّاكر الشّكور وهو الذي يشكر القليل من العمل الخالص النّقيّ النّافع، ويعفو عن الكثير من الزّلل ولا يضيع أجر من أحسن عملا بل يضاعفه أضعافاً مضاعفة بغير عدٍ ولا حساب، ومن شكره أنه يجزي بالحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة،

وقد يجزئ الله العبد على العمل بأنواع من الثّواب العاجل قبل الآجل، وليس عليه حق واجب بمقتضى أعمال العباد وإنّما هو الذي أوجب الحقّ على نفسه كرماً منه وجوداً، والله لا يضيع أجر العاملين به إذا أحسنوا في أعمالهم وأخلصوها لله تعالى(7).

فإذا قام عبده بأوامره، وامتثل طاعته أعانه على ذلك، وأثنى عليه، ومدحه، وجازاه في قلبه نوراً وإيماناً وسعة، وفي بدنه قوة ونشاطاً وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء، وفي أعماله زيادة توفيق.

ثم بعد ذلك يقدم على الثّواب الآجل عند ربّه كاملاً موفوراً، لم تنقصه هذه الأمور.

ومن شكره لعبده، أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن تقرّب منه شبراً تقرّب منه ذراعاً، ومن تقرّب منه ذراعاً تقرّب منه باعاً، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة، ومن عامله ربح عليه أضعافاً مضاعفة "(8).

———
(1) سبق زيادة إيضاح لهذا الاسم مع اسمه تعالى البصير.

(2) توضيح الكافية الشافية (ص118).

(3) إبراهيم (39).

(4) الحق الواضح المبين (ص35) انظر: التفسير (5/622).

(5) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً} (النساء:147).

(6) ودليل هذا الاسم قال سبحانه: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (التغابن: 17).

(7) توضيح الكافية الشافية (ص125-126) الحق الواضح المبين (ص70).

(8) التفسير (1/185 و 5/630).

[ الصّفحات: من 209 إلى 211 ]



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.