تخطى إلى المحتوى

سلسلة تفسير أسماء الله الحسنى(تفسير اسماء: العفو، الغفور، الغفار، الغني الفتاح) 2024.


القعدة

العفو(1): (العفو(2)- الغفور(3)- الغفار)


قال رحمه الله تعالى: "العفوّ الغفور الغفّار: الذي لم يزل، ولا يزال بالعفوّ معروفاً، وبالغفران، والصّفح عن عباده موصوفاً.

كل أحد مضطر إلى عفوه، ومغفرته كما هو مضطر إلى رحمته، وكرمه وقد وعد بالمغفرة، والعفو لمن أتى بأسبابها قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}(4) (5).

الغفّار: (الغفور)(6)

قال رحمه الله تعالى: "الغفور الذي لم يزل يغفر الذنوب ويتوب عل كل من يتوب ففي الحديث: "إن الله يقول يابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة"(7).

وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ}(8).

وقد فتح الله الأسباب لنيل مغفرته بالتّوبة، والإستغفار، والإيمان، والعمل الصالح، والإحسان إلى عباد الله، والعفو عنهم، وقوّة الطّمع في فضل الله، وحسن الظّنّ بالله، وغير ذلك مما جعله الله مقرباً لمغفرته"(9).

الغني المغني(10):

قال رحمه الله تعالى: قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد}(11).

فهو الغني بذاته، الذي له الغنى التّام المطلق، من جميع الوجوه، والاعتبارات لكماله، وكمال صفاته.

فلا يتطرّق إليها نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلاّ غنياً، لأن غناه من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا خالقاً قادراً رازقاً محسناً فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه.

فهو الغني الذي بيده خزائن السماوات والأرض، وخزائن الدنيا والآخرة ، المغني جميع خلقه غني عاماً، والمغني لخواص خلقه مما أفاض على قلوبهم من المعارف الربانية والحقائق الإيمانية(12).

من كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم، وإسعافهم بجميع مراداتهم، ويؤتيهم من فضله ما سألوه، وما لم يسألوه،

من كمال غناه أنّه لو اجتمع أوّل الخلق وآخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله وما بلغت أمانيه ما نقص من ملكه مثقال ذرّة،

– ومن كمال غناه، وسعة ****اه ما يبسطه على أهل دار كرامته من النّعيم، واللّذّات المتتابعات، والخيرات المتواصلات، ممّا لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

من كمال غناه أنّه لم يتّخذ صاحباً ولا ولداً ولا شريكاً في الملك، ولا وليًّا من الذُّلّ، وهو الغني الذي كمل بنعوته، وأوصافه، المغني لجميع مخلوقاته(13).


الفتّاح(14):

قال رحمه الله تعالى: "الفتّاح: الذي يحكم بين عباده، بأحكامه الشّرعيّة، وأحكامه القدريّة، وأحكام الجزاء، الذي فتح بلطفه بصائر الصّادقين، وفتح قلوبهم لمعرفته، ومحبّته، والإنابة إليه، وفتح لعباده أبواب الرّحمة والأرزاق المتنوّعة، وسبّب لهم الأسباب الّتي ينالون بها خير الدنيا والآخرة(15).

وفتحه تعالى قسمان:

أحدهما: فتحه بحكمه الدّيني، وحكمه الجزائي.

والثاني: الفتّاح بحكمه القدري.

فتحه بحكمه الديني هو شرعه على أَلسِّنَة رسله جميع ما يحتاجه المكلّفون، ويستقيمون به على الصّراط المستقيم،

-وأما فتحه بجزائه فهو فتحه بين أنبيائه ومخالفيهم وبين أوليائه وأعدائه بإكرام الأنبياء واتّباعهم ونجاتهم، وبإهانة أعدائهم وعقوباتهم، وكذلك فتحه يوم القيامة، وحكمه بين الخلائق حين يوفّى كلّ عامل ما عمله.

– وأما فتحه القدري فهو ما يقدّره على عباده من خير، وشرّ ، ونفع ، وضرّ ، وعطاء ، ومنع ، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(16).

فالربّ تعالى هو الفتّاح العليم الذي يفتح لعباده الطّائعين خزائن جوده وكرمه، ويفتح على أعدائه ضدّ ذلك، وذلك بفضله وعدله(17).

——

(1) قال الله تعالى: {إن الله لعفو غفور} (الحج: 60).

(2) سبق زيادة بيان لمعنى هذا الاسم مع اسمه تعالى "الحليم".

(3) سيأتي إن شاء الله زيادة إيضاح على هذه الأسماء مع اسمه تعالى: الغفور.

(4) طه (82).

(5) التفسير (5/623).

(6) سبق زيادة إيضاح لهذين الاسمين مع اسمه تعالى "العفو".

(7) أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/147) بنحوه، والترمذي في سننه (5/548) كتاب الدعوات باب في فضل التوبة والاستغفار، وابن ماجه (2/1255) كتاب الآداب باب فضل العمل، والدارمي (2/230) كتاب الرقاق باب إذا تقرب العبد إلى الله عن أنس، وقال الترمذي هذا حديث غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه، وصححه الشيخ الألباني بمجموع طرقه. انظر: السلسلة الصحيحة (1/200).

(8) النجم (32).

(9) الحق الواضح المبين (ص73، 74).

(10) ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} (الضحى: 8).

(11) فاطر (15).

(12) التفسير (5/629).

(13) الحق الواضح المبين (ص47-48).

(14)ودليل هذا الاسم قال الله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} (سبأ: 26).

(15) التفسير (5/626).

(16) فاطر (2).

(17) الحق الواضح المبين (ص84).

[ الصّفحات: من: 218 إلى 221 ]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.