الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فهذه رسالة بريدها: الصفاء، وطابعها: الإخاء، وعنوانها: الإشفاق، أرسلها إلى كل أبٍ وإلى كل أم رزقهما الله البنين أو البنات؛ لكي يعلموا خطورة الأمر وعظم المهمة، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ.. ) (التحريم:6).
روى ابن جرير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في معنى الآية: "اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، ومروا أولادكم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فذلكم وقايتهم من النار".
وعن علي -رضي الله عنه- قال في معناها: "علموا أنفسكم وأهليكم الخير، وأدبوهم"، فالآية نداء لأهل الإيمان بأن يعملوا جاهدين لإبعاد أنفسهم وأهليهم من النار، لذلك؛ فإن مهمة تربية الأولاد عظيمة يجب على الآباء والأمهات أن يحسبوا لها حسابًا، ويعدوا العدة للقيام بحقها، خصوصًا في هذا الزمان الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن، واشتدت غربة الدين، وكثرت فيه دواعي الفساد حتى صار الأب مع أولاده كراعي الغنم في أرض السباع الضارية، إن غفل عنها ساعة؛ أكلتها الذئاب، فهكذا الآباء والأمهات إن غفلوا عن أولادهم ساعة؛ تاهوا في طرق الفساد.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ: أَحَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ؟ حَتَّى يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ) (رواه النسائي وابن حبان، وصححه الألباني). وفي رواية: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) (رواه أحمد والبخاري).
فأنتَ أيها الأب.. وأنتِ أيتها الأم.. سوف تسألون؛ فليعد كل منكم للسؤال جوابًا، فكل من وهبه الله نعمة الذرية؛ وجب عليه أن يؤدي أمانتها بأن يُنشئ أبناءه ويربيهم تربية إسلامية، وأن يتعهدهم منذ نعومة أظفارهم.
إن الطفل الناشئ كالعجينة اللينة في يد صانعها يشكلها كيفما أراد، أو كالصحيفة البيضاء قابلة لكل ما يكتب فيها أو ينقش عليها.
ومِن هنا يجب على الوالدين أن يكونا حريصين على ما يصدر منهما أمام أولادهما، فلا يتحدثان إلا بالصدق، ولا ينطقان إلا بالحق، ولا يتعاملان معهما إلا بالرحمة والشفقة والرفق، وأن يبينا لأولادهما الخطأ والصواب.
ففتى اليوم سوف يصبح أبًا غدًا، وفتاة اليوم سوف تكون أمًّا في المستقبل، ولا بد من إعداد كل منهما إعدادًا طيبًا؛ ليكونوا لبـِنات صالحات في بِناء صرح الأمة الإسلامية.
فعلى الوالدين أن يقوما بتنفيذ المنهج التربوي الذي رسمه الإسلام، وإنما يكون ذلك عن طريق مراقبة سلوك الأبناء، واختيار أصدقائهم حتى لا يختلطوا بذوي الأخلاق الفاسدة والعادات القبيحة، فإن الأولاد إذا عودوا الخير في صغرهم؛ نشئوا عليه وسعدوا به في الدنيا والآخرة، وكان لوالديهم الأجر العظيم والثواب الجزيل من العالمين، وإن نشئوا على الشر ودرجوا عليه؛ شقوا وهلكوا، وكان الوزر والإثم معلقًا برقبة أولياء أمورهم، والقائمين على تربيتهم إذا هم قصَّروا في هذا الواجب، فعلى المؤمن أن يقي نفسه وأهله من عذاب الله قبل أن تضيع الفرصة، ولا ينفع الاعتذار.
وينبغي علينا أن نربي أولادنا على معرفة الله ووحدانيته، وحبه وطاعته، وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم- واتباعه والاقتداء به، ونعلمهم الصلاة، وندربهم على الصيام والجود، والعفو والحلم والشجاعة، ونخوفهم من السرقة والخيانة، والكذب والغيبة والنميمة، والفحش في الكلام وأكل الحرام، فإن قلب الطفل جوهرة نفيسة قابلة للخير والشر، وأبواه هما اللذان يميلان به إلى أحد الجانبين، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟) ثم يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (الروم:30)، (رواه البخاري).
كما يجب على المسلم أن يراقب أبناءه، فلا يتركهم فريسة لما يكتب في بعض الصحف والمجلات التي تتحدث عن الجنس وإباحة الرذيلة، والتي تتسبب في فساد الأخلاق، وانحراف الشباب والفتيات، كما يجب عليه أن يصون أبناءه عما يذاع بوسائل الإعلام أو ما يشاهد في التلفاز ودور السينما، ووصلات النت من مسلسلات ماجنة، وأفلام صاخبة تؤدي إلى السقوط والضياع.
وفوق ذلك كله؛ يجب على المسلم أن يحتاط في إطعام أولاده، فلا يكتسب قوتهم من الحرام، فإن الأولاد إذا طعموا الحرام؛ خشي ألا يُبارك فيهم، وأن يميل طبعهم إلى كل خبيث، فيكونون بلاء على أهليهم، ومصدر شقاء لأوطانهم.
فلو التزم كل مسلم بتعاليم الإسلام في تربية أبنائه؛ لوجدنا جيلاً من الشباب الصالح المتدين العارف بربه المتمسك بكتاب الله وسنة رسوله، الحريص على مصلحة وطنه وحمايته من كل خطر، وصيانته عن كل منكر، لكننا نلاحظ أن كثيرًا من الآباء يهربون من هذه المسئولية، ويعرِّضون أبناءهم للضياع، ويتركونهم للانحراف، وكم من ولد جرَّ على أهله الخراب والدمار؛ لسوء أدبه، وقلة حيائه! وكم من فتاة ألحقت بأسرتها الخزي والعار؛ لأنها تُركت بلا رقيب، وسارت في ركب الشيطان بلا حسيب.
وخوفًا من فشو هذا الخطر بين الأسر والعائلات؛ فإن الإسلام يناشد الآباء والأمهات أن يلزموا أولادهم، وأن يحسنوا أدبهم؛ حتى لا يقعوا في شراك أهل الضلال، بل يريد الإسلام أن يتصف الأبناء بصفات علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، ومصعب بن عمير، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهم-، أولئك الذين أضاءوا الدنيا بأعمالهم وسيرتهم.
كما يريد الإسلام أن تكون الفتاة متدينة عارفة بربها، متمسكة بتعاليم دينها، كتلك التي كانت تقول لزوجها إذا خرج لعمله وكسب قوته: "لا تكسب إلا طيبًا، ولا تطلب إلا حلالاً، وإياك والحرام، فإنا نصبر على الجوع، ولا نصبر على النار".
فاتقوا الله -أيها الآباء والأمهات- في أولادكم، وأحسنوا تربيتهم، فإنها أمانة، فمن أداها على الوجه المشروع؛ كان من السعداء في الدنيا، الفائزين برضوان الله يوم القيامة، قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) (الطور:21).
إن الأسرة هي المحضن الأول الذي ينشأ فيه الأبناء، ورب الأسرة وزوجته كلاهما شريك الآخر في تلك المؤسسة الاجتماعية التي أمر الإسلام برعايتها والحفاظ عليها، ولا يمكن أن يتحقق النجاح للأسرة إلا إذا تعاون كل من الرجل والمرأة في تربية الأولاد، والولد يتأثر بوالديه في أخلاقه وسلوكه وتصرفاته واتجاهاته الدينية والعقائدية.
ولقد عرف الأولون ما للأبناء من دور فعال في حياة الأمة؛ إذ هم الدم الحار الذي يتدفق في عروقها، والشمس الساطعة التي تضيء جوانبها، والسلاح القوي الذي يوجه إلى صدور أعدائها، والدرع الواقي الذي يحمي حماها ويحقق لها المجد والعزة، ولذلك؛ لما سأل معاوية الأحنف بن قيس عن مكانة الأبناء ودورهم في الحياة؛ قال الأحنف: "يا أمير المؤمنين هم ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصون كل جليلة، فإن طلبوا؛ فأعطهم، وإن غضبوا؛ فأرضهم، يمنحونك ودهم، ويحبونك جهدهم، ولا تكن عليهم ثقيلاً؛ فيملوا حياتك، ويودوا وفاتك، ويكرهوا قربك".
والوالد الذي يحوط أبناءه بالحنان والرحمة مع التوجيه والتربية، ويتحرى الحلال في نفقاتهم وكسوتهم وطعامهم؛ يبارك الله في أولاده ويثيبه على قدر إخلاصه في هذه المهمة التي لا يستطيع القيام بها إلا أصحاب الهمم العالية من الرجال، وإن تربية الأبناء على هذا النحو الذي دعا الإسلام إليه لمن أسمى أنواع الجهاد.
وإذا كان الإسلام قد أمر الرجل بمراعاة أبنائه وتأديبهم؛ فقد أمر المرأة -أيضًا- بأن تساعد زوجها، وتتعاون معه في هذه المسئولية الضخمة؛ ليستقيم صرح الأسرة، ولا تؤثر فيه عوامل الفساد والانحلال.
ومِن هنا فإن المرأة التي تترك أولادها للتسكع في الشوارع والحارات، إنما ترمي بهم في الهاوية، وتحطم مستقبلهم بسبب ما يكتسبونه من عادات قبيحة، وبما تتعود عليه ألسنتهم من ألفاظ بذيئة يتعلمونها من رفقاء السوء، لذلك حض الإسلام المرأة على ملازمة أولادها ومتابعتهم في كل عمل يعملونه، فإذا رأت من ولدها انحرافًا؛ نهته وزجرته حتى لا يعود إليه مرة أخرى، وإن رأت منه استقامة في الخلق واعتدالاً في السلوك؛ كافأته وحاطته بالحب والحنان؛ ليشب على هذا الخلق، وتعوده الشجاعة والإقدام، وتحذره من الجبن والضعف، ولا تكثر من تدليله إلى الحد الذي يفسد خلقه، ويقتل فيه روح الشهامة والرجولة.
وهذه التربية لا بد أن تشمل جوانب الشخصية كلها، فلا بد أن ينشأ الأولاد على عقائد سليمة، وعبادات صحيحة، وأخلاق وسلوكيات قويمة، وعلى التزام الحلال واجتناب الحرام، كما دلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فأول وصية لقمان لابنه: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (لقمان:13).
وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: (يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ؛ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ؛ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ؛ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ؛ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ؛ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ؛ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، فهذه مسائل عظيمة في العقيدة والتوحيد يعلمها النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا الغلام.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) (رواه أبو داود، وقال الألباني: حسن صحيح).
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للحسن لما أخذ تمرة من تمر الصدقة: (كِخْ كِخْ)؛ لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قَالَ: (أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟!) (متفق عليه، وهذا لفظ البخاري).
وقال الله -تعالى- في وصية لقمان لابنه: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ . وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ . وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (لقمان:17-18).
فما أحوج الآباء والأمهات إلى هذا الهدي القرآني والنبوي في تربية الأجيال، فإنه من أهم وأخطر ما تحتاج إليه الأمة في حاضرها ومستقبلها، وهو أهم ما تبذل فيه الحياة، وتنفق فيه الأوقات، وهي مهمة كل راعٍ فيما استرعاه الله، ومهمة الآباء في أبنائهم وبناتهم وأهليهم، ومهمة الأمهات كذلك، فاحرصا -أيها الأب وأيتها الأم- على أن ينشأ ولدكما على الإسلام والأخلاق النبيلة، ولا تعتذرا ولا تتنصلا عن دوركما بحجة كثرة المشاغل، أو كثرة من يهدم وقلة من يبني أو بالمثيرات والمؤثرات السلبية في حياتنا، فلعل ولدك يكون أمة، أو يهدي الله به أمة، أو يكون واحدًا ممن يعيد للأمة مجدها وعزها، بل يكفيك قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ؛ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) (رواه مسلم).
فهذا الذي ينفع بعد الموت ويوم الحشر ويوم الحساب، وفي الحديث: (.. وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لاَ يُقَوَّمُ لَهُمَا الدُّنْيَا، فَيَقُولاَنِ: بِمَ كُسِينَا هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ) (رواه أحمد والحاكم، وقال الألباني: حسن لغيره).
وليعلم الآباء والأمهات أن من العوامل الأساسية في صلاح الأبناء: أن تكتحل أعينهم برؤية صلاح والدهم وأمهم -هذه هي التربية بالقدوة- في زمن غابت فيه القدوة الطيبة، ولم يعد هناك قدوة أمام أبنائنا إلا الممثل الفلاني أو لاعب الكرة الفلاني أو المغني الفلاني، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فأحرص -أيها الوالد الكريم وأيتها الأم الحنون- أن تكونا قدوة لأولادكم، فالابن الذي يرى أباه يحافظ على الصلاة في الجماعة في المسجد، ولا يفتر لسانه عن ذكر الله، ويعامل الناس معاملة حسنة، ويتخلق بالأخلاق الكريمة، ويتخلى عن الأخلاق الرذيلة، يتأثر الابن بذلك حتى تصير سجية فيه.
وهذه البنت التي ترى أمها ساترة لبدنها، حافظة للسانها، ولا تكثر الخروج من بيتها، ولا تسمع الغناء، ولا تتلفظ بغيبة ولا بنميمة، بل تتخلق بأخلاق الإسلام، وتحسن إلى الجيران، ولا تؤذي أحدًا، قائمة بمهام بيتها، وتؤدي حق زوجها، فهذا -بلا شك- من أهم العوامل في صلاح البنات.
قال الشاعر:
فيا أيها الآباء، ويا أيتها الأمهات، اعلموا أنكم مسئولون عما يصدر من أبنائكم وبناتكم، واعلموا أن خير ما تتركونه لأولادكم هو تقوى الله: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا) (النساء:9).
وكذلك بصلاح الآباء؛ يحفظ الأبناء من كل سوء، كما قال -تعالى-: (أَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا…) (الكهف:82).
فاتقوا الله أيها المسلمون، واحرصوا على تربية أبنائكم -الذكور منهم والإناث-، ذخيرة الغد وآمال المستقبل، ولكم عند الله الثواب الوفير، والأجر الكريم.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
موقع صوت السلف
و يرحم ابنك و يسكنه فسيح جنانه
شكرا على المرور
ﺟﺰﺍﻛﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺧﺘﻲ ﻛﻞ ﺧﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻴﻪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻓﻮﺍﺋﺪ
ﻭﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻜﻲ ﻭﻓﻲ ﻣﺠﻬﻮﺩﺍﺗﻚ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ
ﺩﻣﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﻔﻆ ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻥ