السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخت المكرمة (ن.س.ر.خ) سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
فأشير إلى استفتائك المقيد في إدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 4312 وتاريخ 23/ 11/ 1407 ه الذي تسألين فيه عن ختان البنات وحلق شعر البنت بعد ولادتها..؟
وأفيدك أن السنة حلق رأس الطفل الذكر عند تسميته في اليوم السابع فقط، أما الأنثى فلا يحلق رأسها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عند يوم سابعه ويحلق ويسمى)) خرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن الأربع بإسناد حسن.
وأما الختان للنساء فهو مستحب وليس بواجب؛ لعموم الأحاديث الواردة في ذلك، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((خمس من الفطرة: الختان، وإلاستحداد، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة)) متفق على صحته، وفق الله الجميع لما فيه رضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صدر من مكتب سماحته برقم 3398/ ب وتاريخ 24/12/1407 هـ – مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد العاشر.
بارك الله فيه وجزاك خيرا على ماتفيدنا به
وجعله في موازين حسناتك اخي حكيم
وجزاك عنا خير الجزاء
فقد اختلف الفقهاء في حلق شعر المولود الأنثى فذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا فرق بين الذكر والأنثى لما جاء عن محمد بن علي بن الحسين أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتصدقت بزنة ذلك فضة .
والحديث رواه مالك في الموطأ (2/501) ورواه أبو داود في المراسيل ( ص279 ح 380) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (9/304) والحديث مرسل والمرسل من أقسام الضعيف .
ولأن هذا حلق فيه مصلحة من حيث التصدق ومن حيث حسن الشعر بعده وعلة الكراهة من تشويه الخلق غير موجود .
وأما الحنابلة فيرون عدم حلق شعر المولود الأنثى لحديث سمرة بن جندب مرفوعا : كل غلام رهينة بعقيقته تذبح يوم السابع ويحلق رأسه . وهذا الحديث صححه الألباني – رحمه الله – في الإرواء (4/385ح1165) .
واستدلوا أيضا بما رواه أبو رافع قال : لما وَلَدَت فاطمة حسنا ، قالت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعُقُّ عن ابني بدم ؟ قال : لا ، ولكن احلقِي شعره ، وتصدقي بوزن شعره من فضة على المساكين والأوفاض . وكان الأوفاض ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجين في المسجد أو في الصُفة .
وهذا الحديث رواه أحمد (6/390 ،392) بإسنادين الأول فيه شريك القاضي وهو سيء الحفظ .
قال المرداوي في الإنصاف ، كتاب المناسك ، باب الهدي والأضاحي :
الظاهر : أن مراده بالحلق : الذكر . وهو الصحيح من المذهب . وعليه الأكثر . وقدمه في الفروع . وقال الأزجي في نهايته : لا فرق في استحباب الحلق بين الذكور وللإناث . قال : ولعله يختص بالذكور إلا الإناث يكره في حقهن الحلق قال ابن حجر في شرح البخاري : وعن بعض الحنابلة يحلق .
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ، كتاب العقيقة ، باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة :
وحكى الماوردي كراهة حلق رأس الجارية , وعن بعض الحنابلة يحلق .
وقال النووي في المجموع ، باب العقيقة :
يستحب حلق رأس المولود يوم سابعه , قال أصحابنا : ويستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبا , فإن لم يفعل ففضة , سواء فيه الذكر والأنثى , هكذا قاله أصحابنا , واستدلوا بحديث رواه مالك والبيهقي وغيرهما مرسلا عن محمد بن علي بن الحسين قال : " وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة " . ورواه البيهقي مرفوعا من رواية علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة أن تتصدق بزنة شعر الحسين فضة . وفي إسناده ضعف , وفي رواية أخرى ضعيفة : تصدقوا بزنته فضة فكان وزنه درهما أو بعض درهم .
وجاء في مطالب أولي النهى :
( ويحلق فيه ) أي : السابع ( رأس مولود ذكر ويتصدق بوزنه ورقا ) لحديث سمرة بن جندب مرفوعا : " كل غلام رهينته بعقيقته تذبح يوم سابعه , ويسمى ويحلق رأسه " رواه الأثرم وأبو داود . وعن أبي هريرة مثله , قال : إسناده جيد . وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة لما ولدت الحسن : " احلقي رأسه , وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين والأوقاص " يعني : أهل الصفة .
وقال ابن قدامة في المغني :
فصل : ويستحب أن يحلق رأس الصبي يوم السابع , ويسمى ; لحديث سمرة . وإن تصدق بزنة شعره فضة فحسن ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة , لما ولدت الحسن : احلقي رأسه , وتصدقي بزنة شعره فضة على المساكين والأفاوض . يعني أهل الصفة . رواه الإمام أحمد . وروى سعيد , في سننه , عن محمد بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بكبش كبش , وأنه تصدق بوزن شعورهما ورقا , وأن فاطمة كانت إذا ولدت ولدا , حلقت شعره , وتصدقت بوزنه ورقا .
حـلق شعـر المولـود
السؤال: هل حلق شعر المولود شامل للذكر والأنثى، أم أنّه خاص بالذكر لا يتعدى إلى الأنثى؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالظاهر من الأحاديث التي تأمر بحلق شعر المولود أنّها تشمل الذكر والأنثى على حدٍّ سواء، من غير تفريق، لأنّ لفظ المولود يعمهما، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم » النّساء شقائق الرجال»(١) فما يثبت للرجال يثبت للنّساء، خاصة إذا كان لفظ الحديث عامّاً شاملاً لهما، ولا تخرج النّساء من اللفظ العام إلاّ بدليل، وهو مذهب بعض الحنابلة(٢) ويؤكد هذا العموم ما أخرجه الإمام عبد الرزاق في مصنفه أنّ فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم »كانت لا يولد لها ولد إلاّ أمرت بحلق رأسه، وتصدقت بوزن شعره ورِقاً»(٣) وأولادها كما هو معلوم الحسن والحسين وأمّ كلثوم وزينب. ويجدر التنبيه هاهنا إلى أنّ الحلق ينبغي أن يعم الرأس كله، فلا يجوز حلق بعض الرأس وترك البعض الآخر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن القزع كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: » نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع»(٤) والقزع مأخوذ من تقزع السحاب أي تقطعه وهو على أنواع منها:
١- حلق مقدمة الرأس وترك مؤخرته.
٢- حلق الجوانب وترك الوسط، وهذا فعل الأوباش والسفلة.
٣- حلق وسط الرأس وترك الجوانب كما يفعله خدام الكنيسة من النصارى.
٤- حلق مواضع من الرأس.
كلّ ذلك يدخل في عموم القزع، ولذلك إذا حلقه يحلقه بكامله ولا يترك موضعا ويحلق موضعاً آخر(٥).
والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
١- أخرجه أبو داود في: «الطهارة»، باب في الرجل يجد البلة في منامه (236)، والترمذي في: «أبواب الطهارة» باب ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللا ولا يذكر: (113)، وأحمد: (25663)، وأبو يعلى: (4694)، والبيهقي: (818)، من حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «صحيح الجامع»: (2333)، وفي «السلسلة الصحيحة»: (2863).
٢- الإنصاف للمرداوي : (4/102).
٣- مصنف عبد الرزاق: (4/257).
و«الورِق» : الفضة ( النهاية لابن الأثير: 5/175 ).
٤- متفق عليه أخرجه البخاري: (5921،5920) ومسلم: (2120) وأبو داود: (4193) والنسائي: (8/130) من حديث ابن عمر رضي الله عنه
٥- انظر تحفة المولود لابن القيم 55،54).