السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
الشيخ محمد هذه رسالة وردتنا من جمهورية السودان الديمقراطية من حامد عبد الله الجور من مدينة كبوشية يقول في رسالته ما رأيكم في نشرة الأحوال الجوية وكل التنبؤات الجوية التي نسمعها يومياً في نشرات الراديو وفقكم الله؟
الجواب
الشيخ: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد فإن نزول المطر من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) فمن ادعى علم الغيب فيما ينزل من المطر في المستقبل فإنه كافر لأنه مكذب لقول الله تعالى (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) وأما من أخبر بنزول مطر أو توقع نزول مطر في المستقبل بناءً على ما تقتضيه الآلات الدقيقة التي تقاس بها أحوال الجو فيعلم الخبيرون بذلك أن الجو مهيأ لسقوط الأمطار فإن هذا ليس من علم الغيب بل هو مستند إلى أمر محسوس والشيء المستند إلى أمر محسوس لا يقال إنه من علم الغيب والتنبؤات التي تقال في الإذاعات من هذا الباب وليست من باب علم الغيب ولذلك هم يستنتجونها بواسطة الآلات الدقيقة التي تضبط حالات الجو وليسوا مثلاً يخبرونك بأنه سينزل مطر بعد كذا سنة وبمقدار معين لأن هذه الوسائل الآلات لم تصل بعد إلى حدٍ تدرك به ماذا يكون من حوادث الجو بل هي محصورة في ساعات معينة ثم قد تخطئ أحياناً وقد تصيب أما علم الغيب فهو الذي يستند إلى مجرد العلم فقط بدون وسيلة محسوسة وهذا لا يعلمه إلا الله عز وجل وبهذه المناسبة أود أن أقول إنه يجب أن يعلم بأن ما جاء في كتاب الله أو فيما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم من الأمور الإخبارية فإنه لا يمكن أبداً أن يُكَذِّبها الواقع لأن الواقع أمر يقيني وما جاء به كتاب الله أو ما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم فهو أيضاً أمر يقيني إذا كانت دلالاته على مدلوله غير محتملة ولا يمكن التعارض بين يقينين لأن اليقيني قطعي ولا تعارض بين قطعيين وعلى هذا فإذا وجدنا آيةً في كتاب الله ظاهرها كذا ولكن الواقع يخالف الظاهر فيما يبدو لنا فإنه يجب أن نعرف أن هذا الظاهر ليس هو ما أراده الله عز وجل لأنه لا يمكن أبداً أن يكون الواقع المحسوس مكذباً للقرآن أبداً بل إن القرآن نزل من عند الله عز وجل وهو العليم الخبير الصادق فيما يقول فبعض الناس يظن أن هذه التنبؤات مخالفة لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) والحقيقة أنها لا تعارضها لأنه كما أشرنا إليه إنما يعارضها لو كانوا يحكمون بهذه الأمور بمجرد العلم ولكنهم هم يحكمونها بواسطة آلات محسوسة يتبين بها حال الجو وهل هو مهيأ للأمطار أو ليس بمهيأ ومثل هذا ما نُقل أخيراً من كونهم يعلمون ما في الأرحام من ذكر أو أنثى يعرفون أنه ذكر أو أنه أنثى فإن بعض الناس يظن أنه معارض لقوله تعالى (ويعلم ما في الأرحام) وفي الحقيقة أنه إذا ثبت ذلك فإنه لا يعارض هذه الآية لأن قوله ويعلم ما في الأرحام ما اسم موصول يقتضي العموم وهو شامل لكل ما يتعلق بهذا الجنين ومن المعلوم أن أحداً لا يستطيع أن يدعي أنه يعلم أن هذا الجنين سيخرج حياً أو ميتاً أو أنه إذا خرج حياً سيبقى مدة طويلة أو يموت بعد زمن قصير أو أن هذا الجنين إذا خرج إلى الدنيا وعاش هل يكون غنياً أو فقيراً وهل يكون صالحاً أو فاسداً وهل هو شقي أو سعيد ثم لا يدعي أحد أن يعلم هل هو ذكر أو أنثى قبل أن يُخلًّق وتتبين ذكورته وأنوثته فمتعلق العلم بما في الأرحام ليس خاصاً بالذكورة والأنوثة بعد أن يُخلَّق الجنين في بطن أمه لأنه إذا خُلَّق فإنه يمكن أن يعلم به والملك الذي يؤكل بالأرحام يقول أذكر أو أنثى ويعلم أنه ذكر أو أنثى فتبين بهذا أنما ذكر إذا صح أنهم استطاعوا أن يعرفوا كون الجنين ذكراً أم أنثى فإنه لا يعارض الآية لسعة متعلق علم ما في الأرحام لأنه ليس خاصاً بكونه ذكراً أو أنثى
الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله