ما هو دور محور الأخلاق فى الإطار العام للإسلام ، وهل يعتمد الإسلام على الجانب التعبدى فقط ؟ أم ان الأخلاق تحتل دورا بارزا فى محاور الإسلام وكذلك فى التأثير على دخول الغرب للإسلام؟ وهل تمثل الأخلاق فضائل أم فرائض؟ ولقد قامت إدارة الموقع بإلقاء هذه الأسئلة على د. عمر عبد الكافى الذى قام بالرد عليها كما قام بشرح دور الخلق فى الإسلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هو المقصود بخلق أو سلوك المسلم؟
نحن نقصد بسلوك المسلم أخلاقه المرتبطة والمتزنة والمتوازية والمنبثقة من كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم ، بحيث أن المسلم الذي نعول عليه والذي يصير قدوة للناس هو المسلم الذي تمثل أخلاقه صورة واضحة لخلق الإسلام والتي تنبثق من كتاب الله وسنة رسوله، وهو المسلم الذي يتصف بما أمر الله به من فضائل ، ويجتنب ما نهى رب العباد عنه سبحانه وتعالى
ما هو القدر الذي يمثله كل من العبادات والخلق في الإسلام
الإسلام عبارة عن محاور فالإسلام عقيدة وشريعة فالعقيدة تتصل بالتوحيد والاتصال بالله عز وجل وثقة فيه وتوكل عليه وثقة فيما عنده ، والخوف منه والرجاء فيه وهذا هو جانب العقيدة. أما جانب الشريعة فيختص بالمعاملات من أخذ وعطاء ، وبيع وشراء ، وحقوق أحوال شخصية وحقوق الغير ثم مسألة الخلق فهذه أيضا تخص الشريعة لأن خلق المسلم منبثق من شريعة الله عز وجل ومن أوامر الدين لأن الخلق عند الغربي هو خلق نفعي وخلق مؤقت أي أنه خلق يتوقف على الحالة التي يكون عليها الإنسان . وإذا ظن الإنسان أن الأخلاق مجرد فضائل يتحلى بها فقط فإن ذلك يعد نظرة ضيقة جدا لحقيقة ما يجب أن يكون عليه خلق المسلم فالخلق في الإسلام فرائض فرضها الله سبحانه وتعالى ، وليست فضائل . كما أن الخلق يمثل أوامر ونواهي حيث نهى الله عن الغيبة ، والكذب ، وغش الناس، وشهادة الزور وهذه النواهي تعادل الأوامر حيث أمر الله بحسن التعامل مع الناس والأمانة ، وكذلك الصدق معهم وبالتالي فإن خلق الإسلام عبارة عن أوامر ونواهي وهذا هو الجانب الذي تأخذه من إطار الإسلام العام.
ما هو رأى فضيلتكم في الدافع الذي يجب أن يشتق منه المسلم خلقه وسلوكه ؟ هل هو العادات والتقاليد والعرف أم الدين؟
العرف والتقاليد جزء من تكوين شخصية المسلم وجزء من الشريعة ولكنه ذلك العرف الذي لا يتعارض مع كتاب الله أو سنة نبيه ، فالكتاب والسنة أولا ثم تأتى الأعراف والتقاليد إذا اتفقت مع أوامر الله ونواهيه ، وكذلك أوامر الرسول ونواهيه . أما إذا اختلفت مع ما في دين الله سبحانه وتعالى من كتاب وسنة فتلغى تماما ولا تكون و إلا كانت عصبية وجاهلية ، كما يقول الله عز وجل " إنا وجدنا آباءنا على أمة".
هل حث الإسلام على ضرورة إتباع الخلق الحسن ؟ ولماذا ؟ وكيف يكون المسلم حسن الخلق؟
الإسلام دائما يحث المسلم على إتباع الخلق الحسن كما قال الله عز وجل في كتابه الكريم " خذ العفو وأؤمر بالعرف واعرض عن الجاهلين" لأنه عندما يكون الأمر من الله سبحانه وتعالى يكون أمر إلهي ، وبالتالي يقتضى ذلك من المسلم أن يتبعه وأن يطيع أمر الله سبحانه وتعالى وأن ينفذه حتى يتصف بالخلق الحسن . ولكن إذا ترك الاتصاف بالخلق الحسن لمقدرة الإنسان في أن يأخذ الأمر أو لا يأخذه أو أن يطبقه أو لا يطبقه فهنا تسوء القضية لأن الخلق الحسن يمثل أوامر ونواهي من كتاب الله سبحانه وتعالى وكذلك من السنة المطهرة. والمسلم يكون حسن الخلق من خلال مراعاة بعضا من الأمور بحيث ينظر بما مدح الرسول صلى الله عليه وسلم عباد الله الصالحين من أخلاق حميدة ويتصف به وبما ذمهم من أخلاق ذميمة فيبتعد عنه. وبالتالي فإن ميزان المسلم يجب أن يكون الكتاب والسنة بحيث يضع الكتاب والسنة في أحد جوانب الميزان وأخلاقه في الجانب الآخر حتى تحسن أخلاقه بإذن الله . وذلك بالإضافة إلى أنه يجب أن ينظر في أخلاق الناس ويتصف بما يستحسنه من أخلاق حميدة عند الناس ،ويبتعد عما يكرهه ويبغضه من أخلاق ذميمة ولا يتصف به طالما أن المنهج والميزان هو الكتاب والسنة.
ما هو رأى فضيلتكم في المسلمين الذين يعتبروا أن الإسلام يقتصر على العبادات فقط ولم يتناول حسن الخلق وبالتالي فان موضوع الخلق مسألة تختلف باختلاف المجتمعات والمعتقدات والأعراف بدون أن يكون لذلك علاقة بالدين؟
هذا كلام ليس من الإسلام في شيء فالأخلاق في الإسلام جزء من تكوين المسلم نفسه وجزء من تركيبته وتصرفاته ..
ما هو انعكاس الالتزام بكل من العبادات والخلق الحسن فى التأثير على الدعوة للإسلام وفى نظرة الإسلام للغرب؟ وأيهما يكون أشد تأثيرا؟
إن الغرب لا يتأثر بالعبادات ولكن يتأثر بالخلق فالخلق لغة عالمية يجب أن يتصف الإنسان بها. وبالتالي فإنها أكثر تأثيرا لأن الغربي لا يأخذ من صلاتي شيء و لا من زكاتي شيء ولكن عندما يرى تراحمي مع المسلمين في قضية الزكاة ويفهم هذا المحور ينشرح صدره للإسلام ، وكذلك عندما يرى أنى أحسن التعامل مع أهل البيت ومع الجيران ومع الرفاق في العمل من إيثار وتفضيل الغير وحب الخير لهم فكل هذا بلا شك يمثل الأخلاق التي تدعو غير المسلمين للإسلام أكثر مما تدعو إليه العبادة . وعندما يتصف المسلم بالتميز في الجانب التعبدي وفى جانب الخلق يكون هذا هو المسلم الحق.
كيف نشجع أنفسنا ونربى أولادنا على حسن الخلق ؟ وما هو تأثير ذلك على الأمة الإسلامية في الحاضر والمستقبل؟
أهم ما في السلوك أن نكون قدوة عملية دون كلام فيمكن أن أجلس يومين أو ثلاثة أو أربعة بدون الكلام في أوامر أو نواهي مع الأولاد والبنات ولكن أجعلهم يرونني خلقا يمشى على قدمين فهنا يكون التأثير إن شاء الله وسوف نحصد خيراً إذا ربينا أولادنا على الخلق الحسن، كما سنحصد شراً إذا أهملنا تربيتهم أو تركناهم ليشبوا على خلق السوء.