تخطى إلى المحتوى

حديث الجارية : ( أين الله !؟ ) 2024.

  • بواسطة

فضيلة العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني :إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومنسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . أمابعد : فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليهوآله وسلم – ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثةٍ بدعة ، وكل بدعةٍ ضلالة ،وكل ضلالةٍ في النار.
إنالجواب ليس عن سؤال مكانة ولا عن مكان .
أما أنه ليس سؤالاً عن المكانة ؛فلأن مكانة الله المعنوية معروفة لدى كل المسلمين بل حتى الكافرين . وأماأنه ليس سؤالاً عن المكان فذلك ؛ لأن الله – عز وجل – ليس له مكان.

وفيالواقع أنا أشعر أن هذا السؤال من أخ مسلم يعتبر محاضرة ، والسبب أنكم لاتسمعون هذه المحاضرات ، وإنما تسمعون محاضرات في السياسة والاقتصاد ،لدرجة أن كثيرًا منكم ملَّ من تكرارها ، أما محاضرات في صميم التوحيد ،كالمحاضرة التي ستسمعونها – الآن – ، مع أني مضطر إلى أن أختصر في الكلام؛ لأنه حان وقت الانصراف ، لكن لابد مما لابد منه ، فهذا السؤال يحتاج إلىمحاضرة ، لكن نقول : إن الله منزه عن المكان باتفاق جميع علماء الإسلام ،لماذا !؟
لأن الله كان ولا شيء معه ، وهذا معروف في الحديث الذي في " صحيح البخاري " عن عمران بن حصين : ( كان الله ولا شيء معه )، ولا شك أن المكان هو شيء ، أي : هو شيء وجد بعد أن لم يكن ، وإذا قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – : ( كان الله ولا شيء معه ) . معناه : كان ولا مكان له ؛ لأنه هو الغني عن العالمين ، هذه الحقيقة متفق عليها.
لكنمع الأسف الشديد ، من جملة الانحرافات التي أصابت المسلمين ، بسبب بُعدهمعن هدي الكتاب والسنة في العقيدة في ذات الله – عز وجل – ، لو سألتاليوم – جماهير المسلمين في كل بلاد الإسلام ، علماءً وطلاب علم وعامة ،إذا سألتهم هذا السؤال النبوي : أين الله !؟ ستجد أن المسلمين مختلفون أشدالاختلاف في الجواب عن هذا السؤال ، منهم من يكاد يتفتق غيظًا وغضبًابمجرد أن طرق سمعه هذا السؤال ، ويقول : أعوذ بالله ما هذا السؤال !؟
نقول له : رويدًا يا أخي ! هذا السؤال هل تعلم أول من قاله ؟ يقول : لا ما سمعنا به إلا الآن ، فنفتح له " صحيح مسلم " ونقول له : هذا " صحيح مسلم " ، الكتاب الثاني بعد " صحيح البخاري " ، والثالث بعد القرآن ؛ لأن أصح كتاب هو القرآن ، ثم " صحيح البخاري " ، ثم " صحيح مسلم" ، وهو الذي روى هذا الحديث : أن الرسول – عليه الصلاة والسلام – قال للجارية يمتحنها: ( أين الله !؟ قالت : في السماء ، قال لها : من أنا !؟ قالت : أنت رسول الله ، فقال لسيدها : أعتقها فإنها مؤمنة )، يسمع الحديث وكأنه ليس عايشًا في بلاد الإسلام ، بل ليس عايشًا في بلاد العلم ، أو يمكن لم يمسك " صحيح مسلم " في زمانه مطلقًا ، هذا قسم من الناس ، بل من أهل العلم من لم يسمع هذا السؤال قط!
أي: ما طرق سمعه هذا الحديث ، ولسان حاله يقول : أيعقل أن هناك أناسًايقولون : أين الله !؟ ما هذا السؤال !؟ هل يجوز لأحد أن يسأل أين الله !؟لا أعرف !! ما رأيك ؟! ويأخذ البحث مجراه فتقول له : أنت تؤمن بوجود الله !؟ سوف يقول : نعم ، نقول له : أكيد أن الله موجود !؟ فيجيب : نعم ، إذًاأين هو !؟ فيفكر ولا يستطيع الجواب!
إنأقدس المقدسات هو الله ، فإذا سألته : أين هو !؟ فلا يعرف ، وهو مسلم ، مامعنى مسلم إذًا ؟ نعم هو مسلم ، وهذا أمر جميل ، لكن هل هو حقيقة أم لا ؟﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. [ الأعراف : 187 ] . لا يعلم هذا أن الله يقول : ﴿أَأَمِنْتُمْمَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَتَمُورُ . أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْحَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ. [ الملك : 16 – 17] . كأنه ما قرأ هذه الآية أبدًا ، ويمكن أنه قرأها أكثر مني ، لماذا !؟ لأنهناك أناسًا متعبدين ، ربما يختم أحدهم القرآن في كل ليلة ، أو في كلليلتين على خلاف السنة ، أما نحن فالواحد منا قد يختم ختمة واحدة في السنة؛ لأن الله فتح له بابًا في العلم ، أما ذاك المخالف للسنة فهو يقرأكثيرًا ، لكن هل فهم ما قرأ ؟ لا ، إذًا : ربنا عندما يقول له في القرآن : ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا. [ محمد : 24 ] . معنى ذلك أنه من القسم الثاني ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا.
ثم إنَّا نذكره بحديث فنقول له : يا أخي ! هذا الحديث تعرفونه جميعًا لا ننفرد وحدنا بمعرفته ، هذا الحديث يقول : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . هذا حديث بالتعبير العصري : حديث شعبي ، أي : كل الناس يعرفون هذا الحديث . إذًا( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) من هو الذي في السماء !؟ هل المقصود به غير الله ؟ لا ، إذًا : لماذاتستنكر السؤال : أين الله !؟ وأنت تقر بهذا الحديث ، أنا سألتك : هل اللهموجود !؟ فقلت : نعم ، إذًا أين هو ؟ أجبت أنك لا تعرف ، لماذا لا تعرف ؟لا تقرأ القرآن ولا تسمع الحديث !؟
إن المشكلة هي دخول علم الكلام في الموضوع فأفسد العقول ، كل من قرأ : ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ. [ الملك : 16 ] . ليس عنده شك أن الله – عز وجل – في السماء ، كلنا سمع ذاك الحديث : ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )، ليس هناك شك أن الله – عز وجل – في السماء ، لكن دخل علم الكلام فصرفهمعن هذا الإيمان ، ماذا قال لهم ؟ قال لهم : لا يجوز أن نقول : الله فيالسماء ، لماذا ؟ لأن الله ليس له مكان ، صحيح نحن نقول : ليس له مكان ،ولعلكم ما نسيتم بأننا بدأنا الكلام عن هذا السؤال ببيان أن الله – عز وجلغني عن المكان ، وأن الله كان ولا مكان ، فادعى الجهلة من الناس أن معنىالآية والحديث هو إثبات المكان لله – عز وجل – ، وأن معنى حديث الجارية : ( الله في السماء )أن الله له مكان في السماء ، هذا الجهل أدى بهم إلى جهل مطبق ، ولا يعنيأن المسلم حينما يعتقد أن الله في السماء : أن الله مثل إنسان في الغرفة ،لماذا ؟ لأن هذا تشبيه ، وقد سمعتم من جملة خصال ومزايا الدعوة السلفيةأنها وسط في كل شيء بين الإفراط والتفريط ، بين المشبهة الذين يشبهون اللهبخلقه ، وبين المعطلة الذين ينكرون أشياء من صفات ربهم ، فـالسلف وسطيؤمنون بما جاء في الكتاب والسنة ، وينزهون الله : ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. [ الشورى : 11 ] .
فحينمايعتقد المسلم أن الله في السماء كما هو في النص القرآني والأحاديث كثيرة ،لا يعني أنه في السماء أنه كالإنسان في الغرفة ، وكدودة القز في الشرنقةمحصورة بهذا البيت الطويل ، حاشاه – عز وجل – أن يكون كذلك!
إذًا : ما المعنى الصحيح للفظة( في السماء )؟ السماء لها معانٍ في اللغة لا نتفلسف كثيرًا بذكرها ، لكن من هذهالمعاني : السماء الدنيا الأولى ، والثانية ، و … إلخ ، ومن هذه المعاني : العلو المطلق ، كل ما علاك فهو سماء ، فالسماء الأولى والثانية هذهأجرام مخلوقة ، فإذا قلنا : الله في السماء ، معناه حصرناه في مكان ، وقدقلنا : إنه منزه عن المكان ، إذًا : كيف نفهم ؟
الجوابمن الناحية العلمية : ( في ) في اللغة ظرفية ، فإذا أبقيناها على بابهاوقلنا : الله في السماء ، وجب تفسير السماء بالعلو المطلق ، أي : الله فوقالمخلوقات كلها حيث لا مكان ، بهذه الطريقة آمنا بما وصف الله – عز وجلبه نفسه بدون تشبيه وبدون تعطيل . فإن التشبيه أن أقول : كما أنا في هذاالمكان ، وحاشاه ! والتعطيل أن نقول كما تقول المعطلة : الله ليس فيالسماء ، وإذا كان ربك يقول : ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ. [ الملك : 16 ] . وأنت تقول : ليس في السماء ، هذا هو الكفر . هذا معنى الآية فيما إذا تركنا ( في ) على بابها.
أحيانًا في اللغة العربية تقوم أحرف الجر بعضها مكان بعض ، فـ ( في ) هنا ممكن أن تكون بمعنى ( على ) ، فحينئذً : ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾ . [ الملك : 16 ] . أي : من على السماء ، فتكون السماء في الآية بمعنى الأجرام التي خلقها ربنا – تعالى – ، فهو عليها وفوقها ، وليس في شيء منها ؛ لأنه منزه عن المكان ، هذه هي عقيدة السلف ، ومن أجل ذلك نحن ندعو المسلمين إلى أن يرجعوا إلى عقيدة السلف ، وإلى منهج السلف حتى يستقيموا على الجادة ، وحتى يصدق فيهم أنهم رجعوا إلى الوصفة الطبية النبوية ، التي جعلها المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – وصفة لخلاص المسلمين من الذل الذي ران ونزل عليهم( … حتى ترجعوا إلى دينكم ) ، فالرجوع الرجوع معشر المسلمين جميعًا إلى الله ، وإلى كتابه ، وإلى حديث نبيه وعلى منهج السلف الصالح !

القعدة

جزاك الله ألف خير في ميزان حسناتك , أريد الجواب على أحد الأسئلة شبيه بهذا السؤال إن كان هذا من علمكي فأبلغيني لأطرح سؤالي سلام …

بارك الله فيك
جزاكي الله كل خير
بارك الله فيك اختنا على الموضوع المهم الذي يعلم اهم شيئ للناس وهي القيدة الصحية
التي يجب علينا ان نكون عليها ونربي عليها ابنائنا وهذا الحديث يبين لنا عكس عقيدة الصوفية والجهمية والمعطلة الذين يضنون ان الله في كل مكان بذاته
وللاسف قد اضبحت هذه العقيدة اكثر من منتشرة في مجتمعاتنا اذ لو سالت اي انسان بهذا السؤال
لقال لك الله في كل مكان
نعم في كل مكان ولكن بعلمه ليس بذاته
نسال الله ان يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا وان يرزقنا الهدى والتقى والعفاف في الدنيا والاخرة

بارك الله فيكي يا عفيفة على الطرح القيم..حقا كما قال الاخ عبد الرحمن الاثري -حفظه الله –
كثير من الناس من يعتقد ان الله في كل مكان وهذه هي عقيدة الاشاعرة
وهذا الحديث دليل على ان الله على العرش استوى …حفظكي الباري يا طيبة

وليتفضل الاخ هشام حفظه الله ان يطرح سؤالهم لعل وعسى نستفيد منه
بارك الله فيكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.