لقد تناولت في رسالتي هذه قضية معقدة في حياة الشعب الفلسطيني وهي، الجدار الذي تم بناء أكثر من نصفه على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد أن تعرضت في فصل تمهيدي إلى الجذور التاريخية لهذا الجدار؛ وذلك لأثبت أن فكرة الجدار لم تكن حديثة، ولم تأتي لمحاربة الإرهاب والهجمات التفجيرية التي تحدث داخل إسرائيل –كما تدعي إسرائيل- وإنما لأهداف أخرى أكبر وأوسع من ذلك أهمها خلق واقع وحدود يصعب أو ربما يستحيل تغييرها.
وقد خصصت الفصل الثاني للجانب القانوني للجدار، وهذا هو جوهر الموضوع؛ لأنني أظهرت أن تشييد الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو عمل مخالف للقانون الدولي وكافة المواثيق والأعراف الدولية، لا سيما ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف لعام 1949، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وغيرها من الاتفاقيات الدولية ذات علاقة بموضوع الجدار، وأيضاً تناولت في هذا الفصل موقف الأمم المتحدة من موضوع الجدار وخاصة (مجلس الأمن والجمعية العامة) ووجدت أن موقف الجمعية أقوى من موقف مجلس الأمن المحاصر دوماً بحق النقض (الفيتو) عندما يتعلق الأمر بمصلحة الجانب الفلسطيني.
أما الفصل الثالث فخصصته للمواقف الدولية من الجدار، وقد لاحظت الاختلاف والفرق الواضحين بين هذه المواقف، فمنها المؤيد ومنها المعارض، ومنها ما كان معتدل في موقفه، فمثلاً الدول التي تجمعها المصالح المختلفة مع إسرائيل كان موقفها مغاير تماماً للدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية، أما عن الموقف الفلسطيني فقد كان الأقوى لأنه صاحب القضية، وبالنسبة للموقف الإسرائيلي فكان أيضاً بين اتجاهين المؤيد والمعارض، فالموقف الرسمي الواحد المتمثل بالحكومة كان مؤيداً لبناء الجدار إلا أنه لم تخل الساحة الإسرائيلية من بعض المعارضين.
كما تناولت في الفصل الرابع، دور محكمة العدل الدولية في لاهاي حول الجدار المقام على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد كان دور هذه المحكمة قوي جداً، إذ أصدرت فتوى تتضمن هدم الأجزاء المقامة في الجدار، وتعويض الفلسطينيين المتضررين من الجدار من مصادرة أراضي وأملاك، ووقف أعمال البناء التي تقوم بها إسرائيل وهكذا تكون هذه الفتوى لصالح الفلسطينيين، وتتألف هذه الفتوى من مئة وخمسون صفحة، لذا لم أعرضها بالتفصيل وذلك لضيق المقام واكتفيت بذكر –صلب القرار- وهي النقاط التي تحث إسرائيل على إزالة هذا الجدار.
وفي الفصل نفسه أيضاً تناولت مدى اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر بمثل هذه القضية لأن الإدعاءات الإسرائيلية وبعض الدول كانت ضد هذه المحكمة وشككت باختصاصها لعدة أسباب ذكرتها بالتفصيل في المطلب الثالث من هذا الفصل، وفي نهاية الفصل الرابع تحدثت عن الأهمية السياسة والقانونية للفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية التي اعتبرها نصراً للشعب الفلسطيني –إذا ما استغلت بالشكل الصحيح والسليم-.
وقد وضعت خاتمة عرضت فيها استخلاصاتي العامة على معظم مناحي البحث.