" الأدب مع الله تعالى "
القدماء يقولون في النحو : باب ما لم يُسَمَّ فاعله
، والمتأخرون يقولون : باب المبني للمجهول .
واصطلاح القدماء أفضل بلا شك
، وهناك نكتةٌ من الأدب الرفيع ، انتبه لها السَّلف ولم ينتبه لها الخلف ؛ وهي
عندما نُعرب فعلاً في القرآن الكريم ، مثل : أُوحي ، في قوله تعالى :
{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا }
[سورة الجن : 1 ] .
فهل يُقال مبني للمجهول ؟!
وهل يستسيغ المؤمن أن يُوصف الله تعالى بالمجهول ؟! .
هذا سِرُّ اصطلاح السَّلف ، وقولهم :
باب ما لم يُسَمَّ فاعله .
ومن ذلك ما استحدثه ابن هشام وتبعه فيه الأزهري والآثاري من مصطلحات إعراب الأدب مع الله تعالى
، كقوله في لفظ الجلالة من قولنا: دعوتُ الله: "منصوب على التعظيم"، بدلا من "مفعول به".
وقد خصص الآثاري فصلا من آخر ألفيته " كفاية الغلام " عقده باسم: " خاتمة الفصول "، تحدث فيه عن مسائل وضوابط في إعراب الأدب مع الله تعالى، وذلك في قوله رحمه الله
خاتمةُ الفصول: إعرابُ الأدبْ .. مع الإلهِ، وهو بعضُ ما وجبْ
فالربّ مسؤول بأفعال الطلبْ .. كـ(اغفرْ لنا)، والعبدُ بالأمر انتدِب
وفي : (سألتُ الله) في التعليمِ .. تقولُ منصوبٌ على التعظيمِ)
فقسْ على هذا، ووقعْ بلعلّْ .. منه، وحققْ بعسَى تُعطَ الأملْ
بالله طالبٌ ومطلوبٌ عُلمْ.. "قد يعلمُ الله" بمعنى : قد عَلِمْوامنعْ من التصغير ثم التثنيهْ .. والجمعِ والترخيمِ خيرَ التسميهْ
وحيثما قيل (الكتابُ) انهضْ إليهْ .. كتابُ ربي، لا كتابُ سيبويهْ
لأنه بكل شيء شاهدُ .. ولا تقلْ: (ذا الحرفُ منه زائدُ)
بل: هو توكيدٌ لمعنًى، أو صِلهْ .. للفظِ في آياتِه المفصلهْ
أو لمعانٍ حُققتْ عمن رَوَى .. كهلْ، ونحوُ: بلْ لمعنى، لا سِوى
ومنْ يقلْ بأنَّ ما زاد سقطْ .. أخطأ في القول، وذا عينُ الغلط
كمثل "أنْ" مفيدةِ الإمهالِ .. وكافِه نافيةِ الأمثالِِ
ولا تكن مستشهدا بـ"الأخطلِ *** فيه، ولا سواه كـ"السموألِ"
وغالبُ النحاةِ عن ذا البابِ .. في غفلةٍ، فانحُ على الصوابِ
تكنْ كمنْ بلغة العدناني .. أعربَ، وهْي لغة القرآنِ
والأخذُ فيه عن قريشٍ قد وجبْ .. لأنهم أشرفُ بيتٍ في العربْ
فكنْ كمنْ بقولِهم قدِ اكتفى .. وحسبُنا الله تعالى، وكفَى