السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يخفى عليكم اخوتي الكرام مكانة اليتيم ، في المجتمع المسلم ، وماينتظر كافله من أجر ، وجزاء ، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في معنى الحديث انا وكافل اليتيم كهاتين ، يالها من درجة وحظوة ، دونها كل غالي ، وقال لمن شكى قسوة قلبه أمسح على رأس اليتيم ، وكثيرة هى الايات التي حضت وحثت على اكرام اليتيم ، ولاشك انكم تدركونها وتتعبدون بها تلاوة وتفسيرا ، وقد يسر الله لكم تطبيقها وفتح الله لكم باب خير
فكفالة اليتيم من الأمور التي حث عليها الشرع الحنيف، وجعلها من الأدوية التي تعالج أمراض النفس البشرية ، وبها يتضح المجتمع في صورته الأخوية التي ارتضاها له الإسلام على أنه لابد أن يتنبه أن كفالة اليتيم ليست في كفالته ماديا فحسب، بل الكفالة تعني القيام بشئون اليتيم من التربية والتعليم والتوجيه والنصح، والقيام بما يحتاجه من حاجات تتعلق بحياته الشخصية من المأكل والمشرب والملبس والعلاج ونحو هذا
إذا ما نظرنا إلى المجتمعات الغربية فإننا سوف نرى انتشار ظاهرة تبنّي الأطفال، وهي في ديننا كفالة
الأيتام ليس فقط عن طريق دفع المال، وإنما أخذ الطفل إلى المنزل ومعاملته معاملة الابن .. حتى أنهم في الخارج يطلقون على الطفل لقب من تبنّاه .. وهناك الكثير من المشاهير فعلوا ذلك ..
وكذلك الحال لبعض المشاهير الذين تمّت تربيتهم بالتبنّي، وقد يكثر في الغرب باختلاف السبب، لكثرة
المجون وأولاد الحرام والعياذ بالله ..
ولكن في دولنا الإسلامية، تكون وفاة الوالدين أو طلاقهما وتشرّد الأطفال هو الداعي لهذا الأمر
هناك فروق بين التبني وكفالة اليتيم .
أ- أما التبني : فهو أن يتخذ الرجل يتيماً من الأيتام فيجعله كأحد أبنائه الذين هم من صلبه ويدعى باسمه ولا تحل له محارم ذلك الرجل فأولاد المتبني إخوة لليتيم وبناته أخوات له وأخواته عماته وما أشبه ذلك . وهذا كان من فعل الجاهلية الأولى ، حتى أن هذه التسميات لصقت ببعض الصحابة كالمقداد بن الأسود حيث أن اسم أبيه ( عمرو ) ولكنه يقال له ابن الأسود باسم الذي تبناه .
وظل كذلك في أول الإسلام حتى حرم الله ذلك في قصة مشهورة حيث كان زيد بن حارثة يدعى زيد بن محمد ، وكان زوجاً لزينب بنت جحش فطلقها زيد .
عن أنس قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله لزيد بن حارثة : " اذهب فاذكرها علي فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينهاقال : يا زينب ابشري أرسلني رسول الله يذكرك قالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتى أُوامر ربي فقامت إلى مسجدها و جاء رسول الله صلى الله فدخل عليها ".
و في هذا أنزل الله قوله : ( و إذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً) الأحزاب/37 . رواه مسلم ( 1445 ) .
ب- وقد حرم الله تعالى التبني لأن فيه تضييعاً للأنساب وقد أُمرنا بحفظ أنسابنا .
عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادَّعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار ". رواه البخاري ( 3317 ) ومسلم ( 61 ) .
ومعنى كفر : أي جاء بأفعال الكفار لا أنه خرج من الدين .
لأن فيه تحريم لما أحل الله وتحليل لما حرم .
فإن تحريم بنات المتبني مثلاً على اليتيم فيه تحريم للمباح الذي لم يحرمه الله تعالى واستحلال الميراث من بعد موت المتبني مثلاً فيه إباحة ما حرم الله لأن الميراث من حق الأولاد الذين هم من الصلب .
قد يُحدث هذا الشحناء والبغضاء بين المُتَبنَّى وأولاد المُتبنِّي .
لأنه سيضيع عليهم بعض الحقوق التي ستذهب إلى هذا اليتيم بغير وجه حق وهم بقرارة أنفسهم يعلمون أنه ليس مستحقاً معهم .
وأما كفالة اليتيم فهي أن يجعل الرجل اليتيم في بيته أو أن يتكفل به في غير بيته دون أن ينسبه إليه ، ودون أن يحرم عليه الحلال أو أن يحل له الحرام كما هو في التبني ، بل يكون الكفيل بصفة الكريم المنعم بعد الله تعالى ، فلا يقاس كافل اليتيم على المتبني لفارق الشبه بينهما ولكون كفالة اليتيم مما حث عليه الإسلام .
قال تعالى : ( … ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ، وإن تخالطوهم فإخوانكم . والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم ) البقرة/220 .
وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم كفالة اليتيم سبباً لمرافقته في الجنة مع الملازمة .
عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا – وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً – " . رواه البخاري ( 4998 ) .
ولكن يجب التنبيه على أن هؤلاء الأيتام متى بلغوا الحلم يجب فصلهم عن نساء الكافل وبناته وألا يُصلح من جانب ويُفسد من جانب آخر كما أنه ينبغي العلم بأن المكفول قد تكون يتيمة وقد تكون جميلة تشتهى قبل البلوغ فيجب على الكافل أن يراقب أبناءه من أن يقعوا بالمحرمات مع الأيتام لأن هذا قد يحدث ويكون سبباً للفساد الذي قد يعسر إصلاحه .
ثم إننا نحث إخواننا على كفالة الأيتام وأن هذا من الأخلاق التي يندر فعلها إلا عند من وهبه الله الصلاح وحب الخير والعطف على الأيتام والمساكين ، لاسيما إخواننا في كوسوفو والشيشان فقد لاقوا من الضنك والعذاب ما نسأل الله تعالى أن يفرّج عنهم كربهم و شدائدهم .
والله أعلم .
إذا أردت ذلك كله فكن لليتيم مكان والده ، أحسن إليه ، اقترب منه ، ابتسم له ، امسح رأسه ، طيب خاطره ، أدخل البسمة على روحه الظامئة.
(من مسح رأس يتيم لم يمسحها إلا الله كان له بكل شعرةًَََََ مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلي يتيمة أو يتيم عنده كنت انا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى ) رواه أحمد
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
(من عال ثلاثة من الأيتام كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله ، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه السبابة والوسطى ) رواه إبن ماجة
و جعله في ميزان حسناتك
شكرااا على المرور
موضوعك رائع حبيبتي فاطمة
و هادف جدا وضحت من خلاله كثيرا من الأمور التي يجهلها الكثير من المسلمين للأسف الشديد ، حبذا لو أن كل واحد يقرأه و يفهمه حتى لا نتجاوز كثيرا من حدود الله ؟؟؟
و قضية كفالة اليتيم في عصرنا هذا مع تخلف الفهم لهذا المفهوم بأبعاده الكثيرة خاصة الشرعية منها أصبح فعلا أمرا صعبا جدا
بوركت على النقل الجميل
دعواتي و تحياتي لك
موضوع مميز ورائع ياريت الكل يدخل ويفهم ويقدر قيمة اليتيم…