الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعد:
فإن الشباب ذُخر الأمة للأمور المدلهمة، وحامل رايتها في الحوادث الـمُلِمَّةِ، وحَجَرُ الزاوية في بناء صرحها العالي، وقَلَمُهَا الـمَشَّاقُ(1) وحِبْرُها البرّاق في رقم تاريخها الغالي.
تُعاني هذه الثُّلَّةُ الخَيِّرَةُ مِن نَكْبَةٍ عَقَدية، ونَكْسَةٍ أخلاقية، تداعياتها خطيرة على جميع الأصعدة، وآثارها وخيمة في مختلف الميادين، واتّسَعَ الخرق على الراقع من المصلحين، فلا يدري من أين يبدأُ رَتْقَ الفَتْقِ(2) ولا من حيث ينتهي، ولا بما يقدمه من الأولويات، وكلها أولويات.
أيها الشاب المسلم – ذكرا كنت أو أنثى – إنك تُقاسي مِن أعراض داء عُضال مميت، وتُعاني آلام وَرَمٍ فكريٍ خبيث، إنهالهجرة المعكوسة، والخُطوات المنكوسة)، فإليك همسات تبين لك الصراط المستقيم، من سُبُل الجحيم، من أخٍ حريصٍ على صلاحك، ومهتمٍ بفلاحك:
هُجران العقيدة الصحيحة، واستبدالها بالعقائد المنحرفة
فاعلم – رحمك الله – أنه يجب عليك تعلُّم العقيدة الصحيحة المرتكزة على معرفة الله، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ودين الإسلام بالأدلة، فتعتقد أن الله واحد لا شريك له في ذاته، وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأنه المتفرِّدُ بالعبادة، فلا معبود معه، ولا إله غيره، وأن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثَقَلَيْنِ كافّةً جاءنا بالخبر الصادق، والحكم العادل، وأنه تجب طاعته بفعل ما أمر، وترك ما عنه نهى وزجر، وأن دين الإسلام العظيم هو الحق الذي يقبل الله دينا سواه، وأنّهُ الشّرعُ الناسِخُ لما عداه.
فاحذر أيها الشاب أن تهجُر هذا المعتَقَدَ الصحيح إلى معتقدات تنقُضُ دينك، وتُخرِجُك عن دائرة الإسلام، كاعتقاد النصرانية المحرّفة التي يسعى أهلها لإيقاعك في شباكهم، بدُريهمات تفنى، أو تأشيرة تبلى، أو أن تتّبِع فِرقة من فِرَقِ الضّلال فتسقُط في شَرَكِ اللئام، كأن تعتقد دين الشيعة الروافض المحرفين للقرآن، السَّابِّين لصحابة المصطفى العدنان، أو عقيدة الخوارج المارِقين الـمُكَفِّرِينَ لأهل القِبلة من المسلمين.
فكـــــــن أيـــــــها الشاب من الموحدين لرب العالمين، المُتَّبِعين لهدي سيِّدِ المرسلين، سائرا على خُطى السلف الصالحين من الصحابة والتّابعين.
هجران العبادة والاستقامة، واستبدالها بالبدع وسُبُلِ النَّدامةِ
اِعلم – وفّقك الله لطاعته – أنّ الله خلقنا لعبادته، فقال سبحانه:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"، وهذا التّقرُّب الذي خُلِقنا لتحقيقه لا يكون إلا بما شرعه الله في كتابه، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فَصَلِّ كما صلَّى، وصُم كما صام، واذكر الله على نحو ما ذَكَر، ولا تُبدِّل ولا تُغيِّر، واعلم أن الخيرَ كُلَّه في الاتِّباع، والشّرَ كلَه في الابتداع، لا تَقُلْ هذه بدعة حسنة؛ فإن البدع قبيحة كلُّها، منهيٌ عنها جميعُها.
واحذر أن تهجُر هذا النَّهْجَ القويم، فتكونَ متَّبِعا لهواك، أو مقلِّداً شيخَك أو أباك، فتعبُدَ اللهَ على خلاف الهَدْيِ،
وتتقرَّبَ بما ليس في الوَحْيِ، فتخسر الدنيا والآخرة:" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا". [الكهف: 103، 104].
هُجران الأخلاق الحسنة، والآداب المستحسنة، واستبدالها بالصفات القبيحة، والخِلالِ المستهجنة
فاعلم – غفر الله ذنبك – أن الله امتدح نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، فقال:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، بل أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنه بُعِثَ ليتمِّمَ مكارم الأخلاق،[السلسلة الصحيحة: 45]، من صِدق وأمانة، وحِلم ورزانة، وعفوٍ وتسامح، وتعاون وتناصح، وطِيبِ مَنطِقٍ وحُسن كلام، وهشاشةِ وجهٍ ودوام ابتسامٍ، وبذل وإيثار، وحسن ظن بالأخيار،..الخ، فاحرص على هذه الخصال الحميدة إن كنُتَ من الأكابر؛ لتدرك بحسن خلقك درجــة السَّاهِرِ باللَّيل الظَّامِئِ بالهواجِر.(3)
واحذر أن تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، فتكون كذوبا خوّانا، حقودا جبانا، بذيء اللسان، عِربيدَ الجنان، على كل شَيْنٍ مِقداما، وعن كل زَيْنٍ مِحجاما:{ وَإِذَا تَوَلَّى سَـعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْـــسِدَ فِيـــــهَا وَيُهْلِكَ الْحَـــرْثَ وَالنَّــسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِـــبُّ الْفَسَادَ }،[البقرة: 205].
هجران اللسان العربي المَهيب، واستبداله باللسان العجمي الغريب
اعلم – قوم الله لسانك – أن العربية لغة القرآن المنزّل، ولسان النبي صلى الله عليه وسلم الـمُبَجَّل، حفظها الله بحفظ كتابه، وورثناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بروايتنا لحديثه وخطابه، فالتفريط فيها تفريط في القرآن، والجهل بها جهل بمعانيه وأحكامه، واعتيادها يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بَيِّنًا، ومعرفتها فرض واجب؛ لأن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يُفهَمُ إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب (4)، فعليك أن تتعلم من لسان العرب ما بلغه جَهْدُك، حتى تتلوَ به كتاب الله، وتنطقَ بالذكر فيما افترض عليك من التكبير، وأُمِرْتَ به من التسبيح،..الخ (5)
واحذر – أيها الشاب المسلم – أن تغترّ بدعاة التغريب، وجُفاة التعريب، الذين يسعون إلى سلخك من دينك بتجريدك من لغتك، ومَحْوِ هُوّيتك بإبعادك عن لسان أُمّتِك، واعلم أنّ التكلّم بلغة الأعاجم من غير حاجة منهي عنه، قال صلى الله عليه وسلم:"..مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ"، [ أخرجه أحمد، ر: 5114، الإرواء، ر: 2691 ]، وقال الإمام مالك:"من تكلم في مسجدنا بغير العربية أُخرِج منه" (6)، ولله درّ القائل:"لأن أُهجى بالعربية، أحبُّ إليّ من أن أُمدَح بالفارسية"(7).
هجران الرزق الحلال، واستبداله بما يؤول من الحرام إلى الزوال
اعـــلم – أغـــناك الله بالحلال عن الحرام – أنّ رزقك قد كُتب لك وأنت في بطن أمك، ولـمَّا تَرَ الدُّنيا، قال صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ، فَيَنْفُخُ فِيهِ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ: يَكْتُبُ رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ،..» الحديث،[الترمذي: 2284]، وقد فتح الله لعباده من أبواب الرزق ما يُغني ويُقني، من حِرَفٍ، وتجاراتٍ، ووظائفَ، وصناعاتٍ، ولا أقلَّ من أن يتكسّب العبد من عمل يده، فيستغني عن المسألة، قال صلى الله عليه وسلم:« لأن يأخذ أحدكم حبلا فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها، فيَكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ، خير له من أن يسألَ النّاس أعطوه أو منعوه ». [البخاري: 1402].
فإياك، إياك، وسُبــــل الهلاك، من بيع للمحرمات الواضحات، أو الدخول في عقود لا تخلوا من الشُّبهات، مما استحله أهل الدنيا بتغيير أسمائه، فيسمون الربا فائدة، والعينةَ تقسيطا (8)، بدعوى تشغيل العاطلين، وتشجيع العاملين.
هجران البقاع الطيبة الزكية، واستبدالها بأوكار النجاسة الروحية
كنُ على ذُكْرٍ أن الطيبين للطيباتِ، والطيباتِ للطيبين، فطيِّبْ بدنك وروحك بلزوم البقاع الزكية، والمجالس الرضية، أعني بيوتَ الله، ومَجَالِسَ أهلِ الإيمان، وكُنْ ممن تعلّق قلبه بالمساجد، وأسَرَتْ روحَهُ حِلقُ الذكر، فلا يحيى إلا بلزومها، ولا تطمئن نفسه إلا بِثَنْيِ الرُّكب فيها، ليستفيدَ من العلم ما يُصحِّح عقيدته، ويُقوّمُ عبادته، ويحصّل من الأخلاق ما يرفع مقامه عند الله جل وعلا، قال صلى الله عليه وسلم:«سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله:..، ورجل قلبه معلق في المساجد،..» [البخاري: 1357]، وقال صلى الله عليه وسلم:« مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ تَعَالَى، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»، [أبو داود: 1457].
واحذر أُخيَّ من أن يراك الله في أوكار الرذيلة، ومستنقعات الفواحش، أو أن تَسمعَ منادي الفلاح بالصلاة، فتستبدلَ السجود في بيت الله بالجلوس في المقاهي، أو تُفضِّلَ الـمُثولَ أمام القنوات والشاشات على القيام بين يدي ربِّ البريات.
هجران اللباس الإسلامي العربي الأصيل، واستبداله بِزِيِّ الفِرَنجةِ الدّخيل
اعلم – كساك الله بلباس التُّقى – أن الله امتن على عباده بنعمة اللباس، فقال:{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [ الأعراف: 26]، وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ »، [ابن ماجه: 3736، صحيح الترغيب: 2145]، فأدِّ شُكر هذه النعمة بصرفها فيما يرضي باريها، ويوجب الزُّلفى عند مُولِيها، بستر العورة التي أمر الله بتغطيتها، واجتناب لباس الكفار، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:" رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين(9)، فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها "، [رواه مسلم: 2077]، والحذرِ من التشبه بالنساء، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ". [رواه البخاري: 5546]، وأن يكون اللباس فوق الكعبين في حق الرجال؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار ". [رواه البخاري: 5450].
وإياك أيها الشاب المسلم وألبسةَ الفِرنْجة التي غزت أسواقنا بما تحمله من شعارات وثنية، أو نعرات طائفية، فضلا عن
العبارات الساقطة، والمعاني الهابطة، أو تلك الألبسة التي لا يرتديها إلا أراذل الكفار – وكلهم أراذل – من سراويلَ
ضيقة، أو بناطيلَ بالِيةٍ في جِدَّتها ومُمزقة، تزري بصاحبها، وتُبِينُ عن حُمْقِ من تزيا بها.
هجران الأسوة الحسنة المبتغاة، واستــــــبدالها بالأسوة الســــيئة الـمُزدرات
اعلم أنّ الصاحب ساحب، وأنّ:« الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ »، [الترمذي: 2552]، وأن:« مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة»، [البخاري: 5214].
فينبغي أن يكون من تُؤثَرُ صحبتُة عاقلا، حسن الخلق، غير فاسق، ولا مبتدع، ولا حريص على الدنيا، فكن للصالحين مصاحبا، ولأهل التقى مرافقا، مقتديا بخيار الأمة من الصحابة الكرام، والأئمة الأعلام، ولا تكن مقلدا للسِّفْلة اللئام من الفجار، أو منخدِعا بسراب الطَّغَامِ من الكفار، اقتد بأبي بكر وعمر، لا بالأعاجم من رعاة البقر، تأسَّ بابن عباس وأنس، لا بالأنذال من النَّجَس.
هجران صلة الأقارب والأرحام، واستبدالها بوصل رحمِ الأوهام
اعلم – وصلك الله بإحسانه – أن صلة الأرحام من أجل الطاعات، وأزكى القربات، قرنها الله بتقواه، وجعل رضاها من رضاه، فقال سبحانه:{ وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ }، [النساء: 1]، وعن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصِلَ مَن وصَلكِ، وأقْطعَ مَن قطعَكِ؟ قالت :بلى يا رب، قال: فهو لك "، وقطيعة الرحم جمع الله بينها وبين بالإفساد في الأرض فقال:{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}، فصل رحمك أصولا، وفروعا، وحواشٍ، وابدأ بالأقرب فالأقرب، الأمَ والأبَ، ثم الأخَ والأختَ، ثم العمَّ والعمةَّ، ثم الخالَ والخالةَ، وهكذا دواليك.
واحذر أن تكون ممن استبدل زيارة أقاربه، وصلة أرحامه، بوصل أقرباءِ خيالاته وأوهامه، فيما يسمونه بشبكات التواصل الاجتماعي؛ فإنها رحم أوهام تصلك غالبا بشر الفئام، وتهبك الأدواء القلبية والأسقام، فكم من مغرور تنصر أو ألحد، وكم من جاهل خاض غمارها فتاه وأبعد، ومات قلبُه ولـمَّا يُلْحَدْ.
هجران العمل لدار البقاء، واستبداله باللهث وراء دار الفناء
احرص – ملأ الله قلبك بحب الآخرة – على التزود من الفانية للباقية، والإكثار من الصالحات لنيل أسمى الدرجات وأعلى المقامات، وذلك بالاجتهاد في العبادات فرضا ونفلا، من صلاة وصيام، وذكر قيام، وتلاوة للقرآن، ومُناجاةٍ للرحمن، وطلب للعلم النافع، وذل وخضوع، وبكاء وخشوع، وتوبة واستغفار في الدُّجَى والأسحار.
واحذر أُخَيَّ أن تكون عبدا للدينار والدرهم، فتجلب لنفسك الغم والهم، أو تكونَ حِلْسَ الدنيا وشهواتها، فتعلِق بين لهواتها(10)، واعلم أن: « مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهَ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا قُدِّرَ لَهُ ». [صحيح الجامع: 6510].
وفقني الله وإياك للبر والتقوى، والعملِ بما يُحب ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه،
وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
الهامش:
(1) أي: سَريعُ الجَرْيِ في القِرْطاسِ، انظر: تاج العروس 26/ 397، مادة: مَشَقَ.
(2) أي: شدُّ ما تمزّق، وأعني إصلاح أحوالهم.
(3) قال صلى الله عليه وسلم :" إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الساهر بالليل الظامئ بالهواجر"، السلسلة الصحيحة، رقم: 794
(4) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم 1/ 207
(5) انظر: الرسالة للشافعي، ص: 48
(6) انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 32/ 255
(7) انظر: تغريب الألقاب العلمية لبكر أبو زيد، ص: 30
(8) العينةُ صورة من صور الربا، وهو: ِأَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَيُسَلِّمَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ منهُ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ نَقْدا بأَقَل مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ.
(9) المعصفر: المصبوغ بالعصفر، وهو نبات أصفر اللون.
(10) اللَّهاةُ اللحمة المتدلية في أَقْصى الفم
منقول من موقع تصفية و التربية كاتب الأخ أحمد بوزيان