تخطى إلى المحتوى

النظام الإقتصادي و التنظيم الإقتصادي. 2024.

لابد من التفريق بين مفهوم النظام الاقتصادي ومفهوم التنظيم الاقتصادي من خلال تعريف كل منهما: فالنظام الاقتصادي كما أسلفنا هو مجموعة العلاقات والمؤسسات التي تميز الحياة الاقتصادية لمجتمع معين في الزمان والمكان أما التنظيم الاقتصادي فهو وسيلة يستخدمها النظام الاقتصادي لتنظيم النشاط الاقتصادي والفعاليات الاقتصادية المختلفة. وتختلف طبيعة التنظيم الاقتصادي من نظام اقتصادي لآخر. ويمكننا على سبيل المثال ذكر نوعين من التنظيمات الاقتصادية:

1 – التنظيم الاقتصادي الحر، وهو وسيلة النظام الاقتصادي الرأسمالي في تنظيم فعاليات النشاط الاقتصادي التي تقوم على حرية النشاط الاقتصادي. ويتصف هذا التنظيم باللامركزية والعفوية، ومن أهم خصائصه: اقتصاد يقوم التوازن فيه على آلية السوق، ويعتمد المشروع الخاص ولا تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي إلا بصورة غير مباشرة.

2 – التنظيم الاقتصادي الموجه، الذي يعتمده النظام الاقتصادي الاشتراكي لتحقيق أهدافه الاقتصادية، حيث يقوم التخطيط الإلزامي والمركزي والشامل بتحقيق التوازن في النظام الاقتصادي وفعالياته. ومن أهم خصائص هذا التنظيم: وجود خطة مركزية شاملة وتتصف بالإلزامية توجه كافة الأنشطة والفعاليات الاقتصادية لتحقيق أهداف النظام الاقتصادي الاشتراكي. وتفقد آلية السوق فاعليتها في هذا التنظيم الاقتصادي لتحل محلها الخطة وتتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي من خلال ملكيتها لوسائل الإنتاج (الملكية العامة). ويصبح المشروع هنا وحدة اقتصادية في جسم اقتصادي متناغم، فالمشروع وحدة اقتصادية منفصلة من الناحية القانونية فقط.

– تصنيف الأنظمة الاقتصادية:

يتم تصنيف الأنظمة الاقتصادية بالاستناد الى عدد من المؤشرات والمعايير أهمها:

1 – التصنيف الذي يعتمد مجموعة عوامل للتفريق بين الأنظمة الاقتصادية أهم هذه العوامل: شكل الملكية، نظام العمل، دور الدولة وغير ذلك.

2 – التصنيف الذي اعتمد شكل الملكية على أنه العامل الوحيد الذي يتم بواسطته التفريق بين الأنظمة الاقتصادية.

* ووفقا للتصنيف الأول نلاحظ وجود أنظمة اقتصادية أساسية وأخرى ثانوية (هامشية). ومن أهم الأنظمة الاقتصادية الأساسية: نظام الاقتصاد المغلق، نظام الاقتصاد الحرفي، النظام الاقتصادي الرأسمالي، النظام الاقتصادي الاشتراكي. أما الأنظمة الاقتصادية الثانوية فيمكننا أن نذكر: نظام الطوائف، النظام التعاوني الخ….

1 – نظام الاقتصاد المغلق: وهو يقوم على مبدأ الاكتفاء الذاتي ويتميز بتدني مستوى تطور وسائل الإنتاج والتقانة، وقلة كميات الإنتاج.

2 – النظام الاقتصادي الحرفي: الذي نشأ وتطور مع نشوء وتطور المدينة،ويتميز بتزايد مهارة الحرفي الذي أجاد صناعة السلعة. ويقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وخضوع الحرفيين إلى قوانين غير مكتوبة نابعة من العرف والتقاليد. ويعتمد الحرفي في عمله على استخدام المعدات اليدوية البسيطة وينتج كميات قليلة من السلع وبناء على طلب مسبق.

3 – نظام الطوائف الاقتصادي: يعتمد هذا النظام على تنظيمات مهنية تسمى بالطوائف تضم كل العاملين في مهنة واحدة. وهو يهدف إلى خلق الانسجام بين الطبقات التي تكون المجتمع وجمع العمل ورأس المال في حركة واحدة. وبذلك فهو يعتمد على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونلاحظ تطور المستوى التقاني لوسائل الإنتاج في هذا النظام.

* أما التصنيف الثاني الذي أخذت به النظرية الماركسية والذي يعتمد على نوع أسلوب الإنتاج المرتبط بشكل ملكية وسائل الإنتاج فهو يميز بين أنظمة اقتصادية تقوم على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان نتيجة لذلك، ونظام اقتصادي آخر يقوم على الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج ينتفي فيه الاستغلال. ويوحد هذا التصنيف بين مفهوم النظام الاقتصادي ـ الاجتماعي ومفهوم التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية. وقد طورت النظرية الماركسية مفهوم النظام الاقتصادي حيث أصبح يعني تشكيلة اقتصادية اجتماعية تتحدد من خلال نمط أسلوب الإنتاج والذي يتحدد بدوره من خلال شكل ملكية وسائل الإنتاج وعلاقات الإنتاج. وبذلك فان مفهوم النظام الاقتصادي قد تأثر مباشرة بمفاهيم أسلوب الإنتاج والتشكيلة الاقتصادية الاجتماعية. وقد ميزت النظرية الماركسية استنادا إلى هذا التصنيف بين خمسة أنظمة اقتصادية اجتماعية. وتتفق هذه الأنظمة اتفاقا تقريبيا مع مراحل تطور تاريخ البشرية الاقتصادي ولكن في فترة الانتقال من نظام اقتصادي إلى نظام آخر لابد من مرحلة انتقالية فيتعايش أكثر من نظام اقتصادي اجتماعي في وقت واحد،وهذه الأنظمة هي:

1 – النظام الاقتصادي الاجتماعي البدائي، حيث تكون ملكية وسائل الإنتاج وبخاصة الأرض ملكية جماعية، وكميات الإنتاج قليلة والتوزيع عادل.

2 – النظام الاقتصادي الاجتماعي العبودي، حيث تكون ملكية وسائل الإنتاج ومستخدميها للسادة مالكي العبيد ووسائل الإنتاج.

3 – النظام الاقتصادي الاجتماعي الإقطاعي، حيث تكون ملكية الأرض وسيلة الإنتاج الرئيسية ملكية خاصة للسادة الإقطاعيين، ويرتبط الفلاحون بالأرض كأقنان لا يستطيعون مغادرتها بمحض أرادتهم.

4 – النظام الاقتصادي الاجتماعي الرأسمالي، ويتم الإنتاج في هذا النظام من أجل التبادل، وهو ما يسمى بالإنتاج البضاعي وتعود ملكية وسائل الإنتاج إلى فئة قليلة من المجتمع هم الرأسماليون أما باقي أعضاء المجتمع وهي الأكثرية لا تملك سوى قوة عملها فهم يشتغلون عمالا أجراء يشغلون وسائل الإنتاج التي يملكها الرأسماليون. ويتميز هذا النظام بحرية النشاط الاقتصادي. ويتم تخصيص الموارد الاقتصادية في النظام الرأسمالي عن طريق آلية السوق، وتتخذ القرارات الاقتصادية في إطار من اللامركزية. ولا تتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي الذي تقوم به المؤسسات والأفراد إلا بصورة غير مباشرة. كما يفترض النظام الرأسمالي أن الوحدات الاقتصادية تسعى دائما لزيادة كمية الربح في حالة المنتج وزيادة المنفعة في حالة المستهلك. فالفرد يلعب دورا مزدوجا في النظام الاقتصادي مرة كمنتج ومرة كمستهلك ولكنه دائما مدفوع بالدافع الاقتصادي أو تحقيق مصلحته الشخصية وذلك لأنه يتصف بالرشاد والعقلانية. ويقوم النظام الاقتصادي الرأسمالي على آلية السوق التي لا يمكن أن تؤدي وظائفها بكفاءة إلا إذا اتصفت بالحرية والمنافسة التامة وعدم تدخل الحكومة، عندئذ لا يكون في مقدور أي من المنتجين أو المستهلكين بصفته المنفردة التأثير على الأسعار السائدة في السوق.

ومن أهم عيوب النظام الاقتصادي الرأسمالي:

– يسمح هذا النظام بالتفاوت الكبير في الدخل والثروة، بل وتقود آلية السوق إلى مزيد من تمركز الثروة.
– تحت ضغط التطورات التقانية الحديثة وتمركز الثروة تؤدي آلية السوق إلى انحسار المنافسة وانتشار الاحتكار.
– يتسم النظام الاقتصادي الرأسمالي بالتقلبات الدورية في النشاط الاقتصادي وحدوث الأزمات الاقتصادية والمتمثلة بظاهرتي التضخم والبطالة.
– لا يحقق النظام الاقتصادي الرأسمالي عادة المستوى الأمثل للادخار كما أنه يعاني من صعوبات كثيرة في توجيه الادخار نحو الاستثمار المنتج.
– يركز النظام الاقتصادي الرأسمالي على السلع والخدمات الخاصة دون العامة لأنها أكثر ربحية وأسرع من حيث المردود.

5 – النظام الاقتصادي الاجتماعي الاشتراكي، الذي تعود ملكية وسائل الإنتاج فيه للمجتمع بكامله (الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج) والهدف الرئيسي من النشاط الاقتصادي هو السعي من أجل تلبية حاجات المواطنين المتنامية. ويترتب على ذلك انعدام التفاوت الكبير في الدخول والثروة بين الأفراد إذ أن التفاوت الاقتصادي في النظام الاشتراكي يرتبط بتفاوت المواهب الإنتاجية وليس بنظام الملكية والإرث.

يعتمد النظام الاقتصادي الاشتراكي على أسلوب التخطيط المركزي والشامل في الإدارة الاقتصادية،حيث يتم رسم أهداف طموحه والسعي لتحقيقها عن طريق حصر الموارد المتاحة وتوجيهها توجيها واعيا وكفؤا. ويتصف التخطيط في الاشتراكية بالشمول والمركزية والإلزامية.ويتصف النظام الاقتصادي الاشتراكي بهيمنة الدولة على الاقتصاد وهي تلعب دورا رئيسيا في عمليات الإنتاج والتوزيع من خلال سيطرتها على وسائل الإنتاج (الملكية العامة). ويستهدف النشاط الاقتصادي عادة السعي لتحقيق الأهداف التي تتبناها الدولة.

ومن أهم عيوب النظام الاقتصادي الاشتراكي:

– إهمال الحوافز المادية، إذ من غير المتوقع أن يبذل الفرد بصفته أجيرا عند الدولة قصارى جهده من أجل زيادة الإنتاج وتخفيض التكاليف.
– إن مبدأ المركزية يضفي على العملية التخطيطية درجه عالية من عدم المرونة والبيروقراطية. وهذا يؤدي بدوره إلى تدني مستويات الإنتاجية.
– تؤدي مركزية التخطيط إلى عدم قدرة الاقتصاد على مواجهة التغيرات الطارئة في الحياة الاقتصادية وبخاصة التي يصعب التنبؤ بها مواجهة سريعة وفاعله.
وهذا يوضح لنا أن بنى النظام الاقتصادي الكلي هي ليست بنى متجاورة أو مضافة لبعضها هكذا وببساطة بل أنها تشكل ترابط عضوي (متابعة البنى) ومجمع متوافق (يعبر عن علاقات مستقرة). وهذا يعني تطور مفهوم النظام الاقتصادي ليوضح لنا العلاقات الداخلية في المجتمعات الإنسانية.ويكون للبنى التي يتكون منها النظام الاقتصادي طابع عام وعلى عدة مستويات.لهذا فان النظام يستلزم بنية قانونية وسياسية وبنية معنوية وهذه البنى تستلزم أيضا ضرورة إظهار الجانب المسيطر في المستوى المطلوب معرفته. فإذا كانت التقانة هي المسيطرة (تسيطر الآلة داخل النظام)،أما إذا البنية الفوقية هي المسيطرة يظهر السعي لتحقيق الربح في النظام الرأسمالي كقانون أساسي.إن السمتين الرئيسيتين للنظام الاقتصادي هي ضرورة انسجامه ودوامه النسبي وتنتج هاتان السمتان من الميزتين الرئيسيتين لمكونات النظام وهما مرونة البنى ومقدرتها على التوافق.ولأن البنى الفوقية أتبنى التحتية مرنة ومتغيرة يمكن للنظام الاقتصادي أن يتطور فعلا ويتحول.ولكن التحول يحدث بشكل لا تستطيع معه البنى التوافق فيما بينها،وهذا يؤدي إلى الانتقال من نظام اقتصادي إلى نظام اقتصادي آخر.

تظل الأنظمة الاقتصادية دائما في حركة تطور،والعوامل المسؤولة عن هذا التطور تنقسم إلى عوامل ذاتية ترتبط ارتباطا عضويا بالمتغيرات الاقتصادية كازدياد الإنتاجية وتطور مستوى وسائل الإنتاج التقاني،وعوامل خارجية لا تتصل اتصالا مباشرا بالظواهر الاقتصادية كالاكتشافات الجغرافية والعلمية والحروب والنزاعات السياسية بين الأنظمة المعاصرة.

موضوع مميز و طرح جميل جدا

بوركت أخي و جزيت عنا كل الخير

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rafik_875 القعدة
القعدة
القعدة

موضوع مميز و طرح جميل جدا

بوركت أخي و جزيت عنا كل الخير

القعدة القعدة
شكرا أخي رفيق على الرد الجميل، بارك الله فيك.

مشكور الاخ
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abedbarça القعدة
القعدة
القعدة
مشكور الاخ
القعدة القعدة

العفو أخي عابد

بارك الله فيك
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة miimi القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيك
القعدة القعدة

شكرا على المرور الطيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.