تخطى إلى المحتوى

الموقف العربي من الجرثوم الصهيوني 2024.

  • بواسطة
– موقف الدولة العثمانية من الحركة :
لقد كانت فلسطين معقد آمال الصهيونية في القرن 19 تقع ضمن أملاك الدولة العثمانية , والتـي كانت تعاني من الوهن والغرق في الديون في تلك الفترة , فأخذ اليهود يتقربون إلى كبار رجـال الدولة الأتراك , مصورين لهم الحركة الصهيونية , حركة إنسانية , تستهدف إنعاش الدولة العثمانية عن طريق إنشاء وطن قوي لليهود في جزء من أملاكها .
كذلك كانوا يظهرون لهم خطر الحركة العربية التي كانت قد بدأت تباشرها في أواخرالقرن19 لرجال الدولة من الأتراك ,مؤكدين لهم أن مساعدتهم على الاستقرار في فلسطـين تكون لهم عونا أمام النهضة العربية , وقد زينوا لهم كذلك ما يعود عليهم من خير من جراء المساعدات والقروض المالية التي تستطيع البيوت المالية اليهودية الكبرى أن تقدمها للدولــة العثمانية , مما يمكنها التغلب على المتاعب المالية اليهودية التي كانت تعانيها .
كما أعلنوا عن استعدادهم لتأليف فرقة عسكرية يهودية بولونية للدفاع عـــن فلسطـين , بذلك أظهر اليهود استعدادهم لإعانة الدولة العثمانية , أدبيا وسياسيا وماليا , والمقاومة للحركــة القومية العربية لتقديم العون العسكري.
وقد حاول هرتزل شخصيا إغراء السلطان عبد الحميد الثاني بخمسين جنيه ذهبا ,إذا ما سمح لليهود بأن يستوطنوا في ظل الحكم العثماني , ولكن السلطان رفض ذلك على الرغم من الأزمات المالية الحادة التي كانت تجتازها الإمبراطورية العثمانية آنذاك .
لم ييأس هرتزل , فكان يرسل ويحاول عدة مرات لإقناع السلطان العثماني , حيث أوصى هرتزل صديقه نيولنسكى الذي كان مقربا من السلطان لنقل مطالبه قبل الذهاب بنفسه إلى الأستانة ليجري أول اتصال مباشـر مع المسؤولين العثمانيين , لكن السلطان عبد الحميد ظل على إصراره في الرفض وأدرك ما كان يرمـي إليه اليهود , حتى أنه أخيرا خطب الوسطاء بقوله على رواية هرتزل نفسه في مذكراته : " انصحوا هرتزل بألا يتخـذ خطوات جديدة في هـذا الموضوع , لأنـي لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض , فهي ليست ملك لـي بل ملك شعبي , لقد ناضل شعبي في سبيل هذه الأرض , ورواها بدمه , فليحتفظ اليهـــود بملايينهـم , إلا إذا مزقت إمبراطوريتي , فلعلهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن , ولكن يجب أن يبـدأ ذلك التمزيق أولا في جثثنا , فإني لا أستطيع الموافقـة علـى تشريح أجسادنا ونحن على قيــد الحياة .".
فكانت النتيجة عكس ما اشتهاه هرتزل , فقد رفـض السلطان كل مغريات اليهود ,وذلك لأنـه تفطن إلى نوايا اليهـود الخبيثة , فوضع قانون يحتم على كل يهـودي يسافر إلى فلسطين قصـد الزيارة أو السياحة , أن يحصل على ما عرف بالجواز الأحمر .
إضافة إلـى تدابير أخرى تمنع اليهود من الهجرة إلى فلسطين ,وعلى الرغم من هذا الرفض فقد أبت طبيـعة هرتزل اليهودية أن تتوقف عن ألاعيبها ودسائسها للوصول إلى الغرض المسطر فأخـذ يتصل بكبار رجالات العرب الفلسطينيين , ونوابهم المبعوثون في البرلمان العثماني المقيمين فــي الأستانة – عاصمة الإمبراطورية – محاولا استمالتهم وإقناعهم بالفكرة,إلا أنه فشل في ذلك.
وبالرغم من ذلك واصل جهوده إلى أن تمكن من مقابلة السلطان للمرة الأولى والأخيرة,في 18 ماي 1901 بعد أكثر من خمس سنوات على بدأ محاولات الاتصال . وقبل السلطان أن يستقبل هرتزل لا على أنه صهيوني , بل لأنه رئيس لليهــود وصحفي ناقد,ونظر إليه على أنه واحد من الرعية إذا كان في الدولة العثمانية,وعلى أنه أحد من البشر له حق اللجوء إذا كان غريبا اضطهد كما كان السلطان يفرق بين الصهيونية واليهودية .

فدار الحديث بينهما حول مشاكل الدولة الاقتصادية ,وتصفية الدين , ثم استمرت الاتصالات بعد ذلك بين هرتزل وعزت باشا العابد – سكرتير السلطان – وإبراهيم بك – ترجمان السلطــان – وتركزت المباحثات حول حاجة الدولة إلى 4 ملايين جنيه خلال فترة قصيرة.وفي سنة 1902 ت تلقى هرتزل دعوة من إبراهيم لزيارة اسطنبول,حيث أبلغ بواسطة عزت باشا قرار السلطان غير المشجع هو أن السلطان مستعد أن يفتح الإمبراطورية لكل اليهود الذين يصبحون رعايا عثمانيين
أما المناطق التي يسكنون فيها , فإن الحكومة هي التي تعينها كل مرة على حدا ,وتستثني فلسطين منها ، لكن هرتزل رفض أي وثيقة لا ذكر لفلسطين فيها,وأنه لا يقبل إلا بالهجرة غير المقيدة , ولم ييأس هرتزل من قرار السلطان السلبي بل ضل يلـح على مواصلـة الاتصال مع المسئولين العثمانيين لكنه لم يجد آذانا صاغية لمحاولته ,إذا فقـد ظل السلطان عبد الحميد الثاني طيلة سنوات حكمه في وجه المشاريع الصهيونية اليهودية , وخاصة في فلسطين بفضل سياسته الإسلامية و من ناحية أخرى ينبغي أن نضيف الشكوك التـي ساورت السلطـان بشأن نوايا لصهيونيــــة والتي كانت قويـة جدا.
كما أن مواقف عبد الحميد المتصلب أمام المشروع الصهيوني جعلهم يوقنون باستحالة تحقيقه . طالما بقي في الحكم, وقد عبر هرتزل عن ذلك بقوله :" لقد فقدنا الأمل فـي تحقيق آمال اليهـود في فلسطين , فإن اليهود لم يستطيعوا دخول الأرض الموعودة طالما ظل عبد الحميد قائما في الحكم مستمرا فيه." وما يمكـــن قولـه في الأخير هو أن الموقف العثماني في عهد عبد الحميد الثاني من الحركة الصهيونية , والهجرة اليهودية إلى فلسطين كان وما يزال حتى اليوم موقفا مشرفا وجريئا, نظرا لرفض السلطان لجميع الإغراءات الصهيونية واليهودية المالية .
وبسبب هـذا الموقف قررت الصهيونية والقوة الدولية الماسونية، والقوى العثمانية التركيـة الثورة على السلطان تحت الحركة شعار إعادة العمل بالدستور العثماني المشروطوبالفعل قد تحالفت هذه القوى وأعلنت الثورة سنة 1908 غير أنها لم تكتف بالثورة , ورأت أن أطماعها في فلسطين لن تتحقق طالما بقي السلطان في الحكم ,حيث ضاعفت الحركة جهودها متعاونة مع الماسونية وجمعية الإتحاد والترقي , بهدف خلع السلطان عبد الحميـد الثاني عن عرشه , ومن أجل ذلك تضافرت جميع اليهــود لخلعه وإزاحته عن الحكم , وبالفعل قد نجحت المؤامــرة الصهيونية الدولية المحلية فـي خلعه سنة 1909 , وبذلك تتحقق أول أهداف الحركة الصهيونية بالهجرات الواسعة , إلى الأراضي المقدسة في فلسطين .

2- موقف الدولة الهاشمية :
لقد كانت المناطق في شرق الأردن قطعـة من بادية الشام تتبع في أيام الحكم العثماني ولاية دمشق ولم يكن حتى في المشروعات الاستعمارية مشروع لجعلها دولة خاصة, لفقر المنطقة وقلة سكانها , وقد فتحتها الجيوش العربية أثناء الحرب العالمية الأولـى , وهي في طريقها إلى دمشق وكانت قطعة من مملكة فيصل التي أقيمت في سوريا 1920 , ولم يبد الإنجليز الذين كانوا يحتلون فلسطين أي اهتمام بشأنها . فلما كان تقسيم مناطق الانتداب بينهم وبين فرنسا في مؤتمر" سان ريمو " وكان جنوب الشام من حصتهم لم يسرعوا إلى احتلالها, بل وعدوها بالاستقلال إثر دخول الفرنـسيين دمشق , وتركوها تخضع لأربع حكومات محلية منفصلة بعضها عن بعض في أربد وعجلون , عمان والكرك تحت إدارة المندوب السامي فـي القدس , وحين رأوا الأمير عبد الله بن الحسين في جنوب المنطقة يريد بها الثأر لأخيه فيصل,الذي أخرجه الفرنسيون من دمشق . أرادوا أن يجعلوا من شرق الأردن منطقة فاصلة , ويستفيدوا من موقعها ذي الأهميـة الخاصة لمراقبة الشرق العربي كله منها , سواء سـوريا وفلسطين من جهة,أو العراق والسعودية من جهة أخرى ، كما رأى الإنجليز أيضا منها فرصة للتعويض عن عهـــودها المنكوثة , مـع الحسين بن علي الهاشـمي , والتصدي لأي هجمة يقوم بها الهاشميون في الحجاز لأنه يقلقهم انتدابهم فـي الشام .
وهكذا أرضى الإنجـليز الملك فيصل بعرش العراق , وأقنعوا عبد الله بجعــــل شرق الأردن إمارة له . وقصد تشرشل وزيـر المستعمرات القاهــرة ثم القدس سنة 1921 , وبعث إلى عبد الله فاجتمع معــه وكان معه الفرنسيون . على أن يقوم في شرق الأردن حكومـة تتمتع بالاستقلال الإداري , علــى شرط التعهد لعبد الله بالمحافظة على فلسطين وسوريا من كل اعتداء , وقصدهم في نلك هو قطـع الطريق على أي مطالبة هاشمية بأرض الشام , وفي مقابل ذلك تدفع للإنجليز معونة مالية لتأمين مصاريف الدولة ، وقد اتخذنا الملك عبـد الله كنموذج للهاشميين لأنه عرف أطول فترة حكم , وكذلك موقفه كان واضحا من الحركة الصهيونية .

2- 1 موقف الملك عبد الله من الحركة الصهيونية :
إن قضية عبد الله مع الصهيونيين مأساة , مثلما كانت قصة فيصل معهم,لأنه كان معقد آمال الأمـــة لكنه تخلى عنها , وانحاز إلى جانب عدوها , وقد جاء عبد الله في البداية منقذ الأردن من سطوة الإنجليز والفرنسيين , فتوافد عليه الوطنيون من أماكن مختلفة , وخاصة وطنيوا فلسطيـن والتفوا حوله,يدافعون عنه آملين منه الخير , حيث قابلوه بالترحيب أثناء أول زيارة رسميـة له ولمندوبه في القدس,لكن عبد الله كان غير ما توقعت فلسطين العربية,حيث أسقط الأمير الهاشمي الشعب من حسابه منذ الوهلة الأولى ,حيث رفض حتى النزول من سيارته , ليتقبل تهاني الشعب الذي حضر للترحيب به , وأمر سائقه بالسير بسرعة وعدم الالتفات إلى أولئـك المزعجين . ولما وصل أمام المسجد الأقصى وجد الشعب يتظاهر, وينادي بإسقاط الصهيونية و الإسعمار من جهة وتمجـيده من جهة أخرى , الأمر الذي دفع به إلى تهديدهم بالانسحاب إذا لم يتركوا الصهيونية وشأنها ويقصروا هتافاتهم على تمجيده فقط,كما رفض حمل مطالب الهيئات الوطنية , ونقلها إلى تشرشل وهربرت صموئيل الذي قابلهما في تلك الزيارة في القدس,إذ اقتصر اجتماعه معهم على قبول إمارة شرق الأردن .
بعدها خرج عبد الله على قرار الوطنيين الفلسطينيين بمقاطعــة احتفالات الحلف الاستعماري الصهيوني بمولد الانتداب ,وحضرها في القدس (2) وعمان 1922,وكانت الاحتفالات أشبه بمأتم تشييع جثمان عروبة فلسطين ,واستقلال شرق الأردن , وأصبحت العلاقة بين صموئيل وعبد الله حسنة , غضب العرب وتألموا مــن تصرفات عبد الله , في حين نجد الصهيونيين والبريطانيين راضين عليه , وبدأت قصة الصداقة التي استمرت 30 عاما.
بدأت هذه القصــة عندما أعلنت الجنة التنفـيذية لعرب فلسطين 1922 ,أن عبد الله لا يمثل فلسطين إطلاقا,حيث أنه في هذه السنة بدأت الاتصالات الرسمية بين عبد الله والصهيونيين,حيث ركز هؤلاء اهتمامهم عليه , وبعد أن أصبح أمير أقرب كيان إلى فلسطين,وبعــد أن انعزل فيصل على الأحداث , ولم تعد لحسين أهمية في الوطن العربي .
بدأ الإتصال في لندن, حيث قابل عبد الله وايزمن وعدد من مسؤولي الحركة الصهيونية,وقد أفهم عبد الله مفاوضيه أنه مستعــد أن يحالفهم إن هم أضافوا إلى أرضه أرضا غير صحراوية في فلسطين أو سوريا أو العراق , وخوفا مـن غضب الشعب عليه , طلب عبد الله أن تكون مباحثاتهم سرية,إلا أن بعض الصحف اليهودية فضحت تلك الاجتماعات هارس في عام 1922 , فقابل عرب فلسطيـن عبد الله باللوم , إلا أنه كذب الخبر وما نشرته الجريدة , وأخبرهم أن وايزمن تخلى عن تطرفه , وسلم بالمطالب إلا أنهــم لم يثقوا به , ورفضوا في مؤتمرهم السادس الذي عقد في 1923 مشروع المعاهــدة بين الحسين والانجليز, لأن المؤتمرين اعتبروها امتـدادا لمباحثات عبد الله ووايزمن , وتحققت مخاوف الوطنيين بزيارة الحسين عاصمة ابنه في الأردن سنة 1923,وذلك لأن الحسين أحس بتزعزع عرشه في الحجاز جراء ضربات آل السعود , فلجأ إلى ولده قصد تمنيته في الحصول على جديد في القدس,ولتدعيـم عرشه المتساقط في الحجاز,ودب النشاط بين عبد الله وأبيه في البلاد,وفضل الحسين أن لا تكون بريطانيا طرفا في النشاط,لأنها سوف تخدعه كما خدعته سابقا , فاتصل الملك حسين بعرب فلسطين والصهيونيين في آن واحد , وعرض عليهم فكرة ضم فلسطين إلى اتحاد عربي آسيوي . يجلس هو على عرشه , ويعترف هو بوعد بلفور , وفتح أبواب هذا الإتحاد أمام المهاجرين اليهود,وعقد ابنه سلسلة اجتماعات مع ممثلي الفريقين في عمان,وبدأت الاجتماعات مع الجانب الصهيوني .
ولدينا تفاصيلها في مذكرات رئيس الوفد الصهيوني الكولونيل كش الـذي كان آنذاك رئيس اللجنة التنفيذية في الوكالة اليهودية ، وكانت تلك المباحثات نصرا للصهيونيين , والتي تمت بدعوة مـــن الهاشميين , وفي عاصمة عربية وبدون ضغط أو تدخل أي فريق آخر , وكانت تعنـي أن الهاشميين يعتبرون أن الصهيونيين أصحاب كيان وحق شرعـي,وزاد في النصر اليهودي أن الحسين رفض طلب الحركة الوطنية في فلسطيـن . بأن يكذب الأخبار التـي تناقلها الناس عـن تلك الاجتماعات السرية , كما رفض استنكار أهداف الصهيونية استنكارا علنيا حاسما .
وبذلك فشلت مساعيه مع الزعماء العرب الوطنيين مـن قبل أن تبدأ رسميا,ورفض معظمهم أن يباحثه إلا بعــد أن يتبرأ مــن اتصالاته بالعــد, ولكن بعض الأفراد الذين أقصوا من الحـزب الوطني كالنشاشبي والدجاني , قاموا باجتماعات معهم , وسر الصهيونيون بذلك ، وبعدها عاد الحسين إلى الحجاز مستغلا فرصة إلغاء الخلافة في تركيا وادعائها لنفسها,وبالتالي فقد قطع علاقته بالصهيونية عام 1924,لكن الصهيونيين حافظوا على صداقته لهم إلى أواخر أيامه حيث زاره كش 1931 في قبرص . أثناء مرضه ومعـه الأطباء اليهود الاختصاصيين الذين تولوا علاجه على حساب الوكالة اليهودية.
وأحيت تلك الزيارة آمال العاهلين الهاشميين , وحاولا أن يستعيدا المفاوضات القديمـة , حيث قاموا بدعوة وايزمن 1931 أثناء زيارته للقدس,لكن اكتشاف شعب الأردن لتلك الدعـوة . جعلهم يخرجون في مظاهرات , الأمر الذي دفع بعبد الله على إرساله للوكالة اليهودية بالقدس . يشرح لها الوضع ويطلب تأجيل الدعـــوة , ثم سافر إلى القدس هو نفسه في الشهر التالي , لتقديم اعتذاراته. وشجعت هذه العلاقات على تركيز أنظار الصهيونيين على شرق الأردن بالذات .
وكانت هناك اتصالات بين عبد الله والصهيونيين مـن أجل استغلال الأردن , وموارده الاقتصادية والزراعية والصناعية,في الوقت الذي كان عرب فلسطين وشرق الأردن يقاطعون فيه الصهيونية مقاطعة واسعة النطاق وبهذا فإن الملك عبد الله كان مسؤولا , وإن لم تكن المسؤولية تقع علـى عاتقه فقط , بل على عاتق دول عربية كثيرة , في تمكين الكيان الصهيوني من احتلال الأراضي الفلسطينية,وقيام دولـة إسرائيل سنة 1948.
3- موقف عرب فلسطين :
إن المقاومة الفلسطينية العربيــة للصهيونية والهجـرة اليهودية بدأت منذ أواخر القرن 19 ومطلع القرن العشرين 20,لعوامل وأسباب كثيرة , أبرزها العملان الاقتصادي و السياسي والديني فعلى الصعيد الاقتصادي أدت الاستيطانية والهجــرة إلى تهديد الفلاح العربي بالإجلاء , وبانقطاع موارد عيشه , أما بالنسبة للفلاحين والمتعلمين والتجار في المدن , فإن المنافسة اليهودية كانت على أشدها خوفا من هيمنة اليهود على المناطق المقدسة , واغتصاب الأراضي العربية.
3- 1 موقفهم على الصعيد السياسي والثقافي :
جاء الغزو الصهيوني مع بدايــة اليقظة القومية للعرب , وبالتالي فقد نظر عرب فلسطين إلى الصهيونية , على أساس أنها خطر قومي يهدد كيانه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي, ومن هنا شاركت مختلف الطبقات بوسائل مختلفة للتعبير عن معارضتها للصهيونية والهجرة اليهودية .
فقــد امتنع معظم الملاك الفلسطينيين عن بيع أراضيهم للصهيونيين , ومن هنا اضطر هؤلاء لشراء الأراضي من الملاك الغائبين من العائلات اللبنانية. كما قام الوجهاء بمحاولات عدة لإقناع حكام اسطنبول بضرورة معارضة الحركة الصهيونية, كما قام المثقفون من أبناء الطبقة الوسطى بالتحريض الإعلامي والكتابي ضد الصهيونية , ولجأوا إلى تشكيل جمعيات للتحريض مـن أجل الظفر بحق تقرير المصير والحكم الذاتي والاستقلال .
أما فلاحوا فلسطين فكثيرا ما يلجأون إلى العنف كرد فعل لإقدام الصهاينة على طردهم مــن الأراضي التي كانت مصدر رزقهم كما كان نشوب الحرب العالمية الأولـى فرصـة تاريخية لقيام العرب بثوراتهم ضد الأتراك وقدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسام,غير أن الحرب العالمية الأولى أسفرت على قيام تحالف رسمي قوي , يحظى بموافقة دولية استعمارية ملزمة بين الصهيونيـة والإمبريالية البريطانيـة ,وتجسد ذلك في وعد بلفور الذي تم التطرق إليه سابقا .
وعموما فقــد كان موقف عرب فلسطين واضحا مـن الغزو الصهيوني الاستعماري , فقـد رفضوا وعد بلفور,والانتداب البريطاني,فعلوا كل ما يستطيعون لإحباط المؤامرة الاستعمارية الصهيونية وبذلوا قصار جهدهم في المجالات السياسية والاقتصادية والثورية,دفاعا عن وطنـهم وحاولوا بوسائلهم المحدودة أن يحافظوا على حقوقهم ووجودهم وكيانهم ,وفي المجال السياسـي عقدوا المؤتمرات التي كانت وسيلة لاتخاذ القرارات,والتعبير عـن أمانيهم القومية , والدفاع عن حقوقهــم الشرعيـة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى , فعقدوا أول مؤتمر في القدس 1919 وقـرروا فيه رفض وعـد بلفور والهجـرة اليهودية والانتداب , والمطالبة بوحـدة فلسطين مع سوريا والاستقلال التام والوحــدة العربية الكبرى , ورفض أي احتلال أجنبي بأي شكل مــن أشكال الوصاية والحماية والانتداب , وتقدموا إلى لجنة الاستفتاء الأمريكية التي قدمت في أواســط 1919 بهذا الميثاق , الذي لم يشر إليه أحد من العرب.
كما أنشأت الأنــدية العربية فـي مدنهم , وأخذت تنشط نشاطا كبيـرا فـي بث الروح الوطنـية الكفاحية في نطاق الميثاق المقرر , بعدها أوفد ممثلهم إلى المؤتمــر السوري . حيث كانوا شديدي الحماس في المؤتمر بالإضافـة إلى بعثهم لوفــود متعددة إلى أنحاء العالم العربي والإسلامي , إلى بريطانيا نفسهـا وألفوا اللجان القومية التي كانت تتمثل فيها وحدتهم الوطنية . أما فـي المجال الاقتصادي فقد قاطعوا المنتجات اليهوديـة , وقاوموا بيع الأراضي بمختلف الوسائل , وظلوا متفوقين على اليهود في الناحية الزراعية إلى اللحظة الأخيرة .

بارك الله فيك وجزاك الف خير وخير على المعلومات القيمة

شكراااااااااا
بارك الله فيكم جميعا وشكرا على المرور
القعدةmile:
مشكور على هذا الطرح القيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.