كتبه :أبو أسامة سليم بن عيد الهلالى
عن أنس –رضي الله عنه- قال: «كان رجلاً نصرانيّاً ( وفي رواية: كان رجلاً من بني النجار) نصرانيّاً فأسلم، وقرأ البقرة وآل عمران، فكان يكتب للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فعاد نصرانيّاً ؛ فانطلق هارباً حتّى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه؛ فكان يقول: ما يدري محمد إلا ما كتبْتُ له، قالوا -أي النصارى-: هذا كان يكتب لمحمدٍ، فأُعجبوا به، فأماته الله، فدفنوه، (وفي رواية لمسلم: فما لبث أن قَصَمَ اللهُ عنقه فيهم)، فأصبح وقد لفظته الأرض، (وفي رواية: قد نبذته على وجهها-، فقالوا –أي النصارى): هذا فعل محمدٍ وأصحابه لمّا هرب منهم، (وفي رواية: لمّا لم يرضَ دينهم) نبشوا عن صاحبنا فألقوه؛ فحفروا له؛ فأعمقوا، فأصبحوا وقد لفظته الأرض، فقالوا: هذا فعل محمدٍ وأصحابه نبشوا عن صاحبنا لمّا هرب منهم فألقوه، فحفروا له وأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا، فأصبح وقد لفظته الأرض»، فعلموا أنه ليس من الناس، فألقوه وتركوه منبوذاً.
1– الإستهزاء برسوله وسبه كفر مغلظ وشرك مركب
هذا الحديث يُبيِّنُ للأمّةِ ولأعدائها معاً :أنّ الطعن بالدين، والاستهزاء بالمرسلين أشدُّ من الارتداد عن دين الله -تبارك وتعالى-، بل هو كفرٌ مغلّظ، وشركٌ مركّب، فكم من الناس قد ارتدوا عن دين الله لكنّ الله لم يفعل بهم ما فعل بهذا المرتد الأفّاك الأشر عندما ارتدَّ نصرانيّاً وطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتّهمه بالجهل، وأنه لا يدري إلا ما كَتَبَ له هذا الأفّاك الأشر، وطعن في كتاب الله -تبارك وتعالى- بزعمه أنه وضع في كتاب الله ما ليس منه، فكان أن قصم الله عنقه، فلمّا دُفن نبذته الأرض، ثمّ دُفِنَ فنبذته الأرض، ثم دفن فنبذته الأرض جزاءً وفاقاً لمن طعن في دين الله ورسوله وكتا
2– الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم والإستهزاء به ، كفر أكبر ، لأنه طعن في المرسل وهو الله ، فمحمد رسول الله وطعن في الرسالة وهي الإسلام ، فمحمد هو حاملها ومبلغها للعالمين
3. الذين كفروا بعضهم أولياء بعض ، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ، ويطيعون الشيطان ، فهذا المرتد التحق بالروم ، فآووه وعظموه ؛ لأنه فارق دين الإسلام ، وطعن في النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا ديدنهم في كل عصر ؛ فقد آووا من قبل سلمان رشدي ، وروجوا لآياته الشيطانية ، وهاهم اليوم ينصرون هذه الرسومات المستهزئة برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ، ويدافعون عنها وعن صاحبها … ألا ساء ما يفعلون .
وفي كلِّ قرنٍ يأوي إلى ديارهم، و بلادهم كلُّ من مرد على النفاق، وطعن في الدين، ولم يثبت في بلاد المسلمين يلجأ إليهم تحت مسمَّياتٍ كثيرة كلاجئ سياسيّ، وفارٍّ من الخوف والأذى، وغير ذلك من المسمَّيات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
-4 اليهود والنصارى يتّخذون من أولئك الطاعنين في دين الله، المستهزئين برسل الله سلَّماً للطعن في الدين، و رأس حربة للكيد بالإسلام والمسلمين، فهذا المرتد النجس لمّا فرَّ إلى النصارى أُعجبوا به، وقالوا: هذا كان يكتب لمحمدٍ، وهو يدري ما يقول، وليت شعري ؛ فإنه لا يدري ما يقول، ولا يدري أنه لا يدري
5- أهل الكتاب من يهود ومن نصارى ، ينسبون الأفعال المشينة،إلى الإسلام، وإلى محمدٍ، وإلى أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم. تدبر قولهم عندما لفظت الأرض هذا النصرانيّ المرتد، «هذا فعلُ محمدٍ وأصحابه»، ظنُّوا أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن ينبشوا قبر هذا الكافر ويلقوه خارج الأرض، وكذبوا؛ بل هو أمر الله و آيةٌ من آياته –تبارك وتعالى-، ولكنهم يمرُّون عن آيات الله وهم معرضون عنها ؛ وهكذا هم في كلّ عصر: ينسبون إلى الدين، وإلى المصلحين، كلَّ أمرٍ يُحرِّمه الإسلام، وٍ يُحاربه ، و يتبرَّأ منه ، لقد زعموا أنّ الإسلام إرهابياً، وأنّ المسلمين إرهابيون، وكذبوا -وربِّ العزّة – ، فهم أصل الإرهاب ومنبعه، وهم الذين صدّروا الإرهاب إلى كلّ الدنيا، أليس الطعن في رسول الله ،والاستهزاء بنبيّ الإسلام، أليس تصوير محمد صلى الله عليه وسلم بتلك التصاوير الساخرة الماكرة – ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمثله في الأرض رُبع سكانها، استخفافاً بهذا العدد الهائل من المسلمين- أليس هذا الإرهاب بعينه؟ هم أصل المسألةِ، فقد اجتمع رئيس وزرائهم بالجالية الإسلاميّة في الدنمارك، وقد هاله دخول كثير من الشباب في الإسلام، ، فطلب من الجالية المسلمة هناك أن يُغيِّروا خطابهم الإسلاميّ، فطالبته الجالية بأن يصدر أوامره لمصادر الإعلام لكي لا تستفزَّ الشباب المسلم، ولكي لا تسخر من دين الإسلام، فما لبث أن قامت رابطة رسّامي الكاريكاتير في الدنمارك برسم اثنتي عشر صورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبوا؛ فإنّ هذه الصور لا تمثّل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم لا يعرفونه في سيرته، ولا في شخصه، ولا في شمائله، فهم أجهل الناس بسيرة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم نشرتها صحفهم، وتوالت صُحفٌ في النرويج، وألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا، على نشر الصور التي تستهزئ برسول الله صلى الله عليه وسلم. إحدى هذه الصور رجلٌ معمم وعلى رأسه قنبلة؛ أي: أنه يريد التفجير والتدمير! وكذبوا؛ فإنّ محمد صلى الله عليه وسلم لم يقم مصنعاً للسلاح ، ولم يصدّر أسلحة الدمار الشامل، ولم يلق على اليابان القنابل الذريّة…، إنّ محمداً صلى الله عليه وسلم كان يُعلّم أصحابه عندما يُرسلهم إلى الفتح، قائلا: «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا "… "لا تغدروا، لا تقتلوا شيخاً، لا تقتلوا امرأةً، لا تقتلوا صغيراً» هكذا كان يُعلِّمهم، لأنه كما قال فيه ربُّ العزّة: {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين}، أمّا أولئك الأوغاد فقد صدّروا إلينا الإرهاب، والقتل، والتدمير، واستعباد الشعوب، ونهب خيراتها وتقطيع ديارها.
-6في هذا الحديث بشرى للكئيب بنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، فإذا لم يستطع المسلمون أن يُقيموا الحدّ على هذا المشرك – وحدّ من استهزأ برسول الله أو شتمه، أن يضرب بالسيف من قبل الحاكم المسلم، كما أجمع على ذلك العلماء، فقد نقل ذلك القاضي عياض في كتابه «الشفا»، الإجماع على أنّ الساب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل وإن تاب، وإن اختلف العلماء في توبته – فإن عجزوا لضعفهم، أولتقصيرهم، أو لتفرُّقهم فإنّ الله يتولّى ذلك، ولذلك فقد قصم الله عنقه وهو في معقلهم، قصم الله عنق هذا المرتد، وهو بين ظهرانيّ أهل الكتاب ولم يستطيعوا وبجيوشهم وعددهم وعدَّتهم أن يمنعوا أمر الله فيه …، فإذا ضعف المسلمون عن نصرة رسول الله فإنّ الله –تبارك وتعالى- يتولّى نصرته {إلا تنصروه فقد نصره الله}، {إنّا كفيناك المستهزئين}، {إنّ شانئك هو الأبتر} ؛
-7 إنّ هذا الحديث يُبيّن أنّ لله في هؤلاء المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم آياتٍ لا يعلمها إلا هو، فهذا الكاذب على رسول أماته الله ، فدفن فألقته الأرض ، ثمّ دُفِنَ فنبذته الأرض، ثمّ دفن له في قبرٍ أعمق من الأول ، فنبذته الأرض، ثمّ دفن في قبرٍ ثالث أعمق من ذلك فنبذته الأرض ولم تقبله ، وبقي في العراء مذموما مدحورا
-8هذا الحديث يُبيّن حالاً من أحوال الكافرين، ومنهجاً للمستهزئين أنهم يُصرُّون على كفرهم، ويُعاندون في شركهم، فلو رأوا آيات الله تترى ما آمنوا، فهؤلاء قد رأوا هذا المرتدَ الذي نبذته الأرض، فأسندوا الفعل إلى الإسلام وأهله، فقاموا باحتياطاتٍ واحترازاتٍ وحراساتٍ، فأعمقوا له في الأرض فنبذته الأرض، ثمّ فعلوا ذلك فنبذته الأرض، فعلموا عندئذٍ أنّ هذا ليس من الناس. إذا لا بدّ أن يكون من ربّ الناس، ومع ذلك لم يؤمنوا، ولم يعتبروا، ولم يرعووا.
}بل جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلُوَّاً}، فهؤلاء يعرفون محمداً، كما يعرفون أبنائهم، فقد ورد ذكره في التوراة، وفي الزبور، وفي صحف إبراهيم، وورد في الإنجيل، ورد ذكره وذكر أصحابه : ) {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَازَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ امَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما{ً (29) "
ولكنّهم يُحرِّفون آيات الله في كتبهم لكي لا تظهر على الملأ، ولكنّ الله قد أظهرها رغم أنوفهم.
-9 هذا الحديث يُبيِّنُ لنا أمراً مهمّاً ، ويُشير بوضوحٍ جلي وبيان علي إلى جنديٍّ من جنود الله، " وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ "…إلى الأرض، وأنّ أمرها بيد الله، هذه الأرض أمرها الله أن تلفظ هذا المشرك فلفظته، وأمرها ثانية فنبذته، وأمرها أن لا تستقبله فتركوه منبوذاً على وجهها للسباع والطير، أمر ها بيد الله، يأمرها متى شاء، وكيف شاء، وينصر بها من شاء، فعندما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في طريقه إلى المدينة، جعلت قريش لمن يأتي برسول الله حيّاً أو ميتاً مئة من الإبل فسمع به سراقة بن مالك، فركب فرسه، وأعدّ رمحه، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، يُريد النوق العصافير، و حُمُرَ النعم، والإبل يومئذٍ كانت خير أموال العرب وأنفسها، فلمّا اقترب سراقة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله أعزل، يُريد أن يُلقي القبض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعود به إلى أبي جهلٍ ، أمر الله الأرض فغارت فرسه إلى ركبها، فعلم أنّ الرسول معصومٌ منه، وأنه لا يستطيع ذلك، فعاد ذابَّاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يردّ عيون قريشٍ، و جواسيسها لكي لا يلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم… هذه الأرض هي جنديّ من جنود الله مأمورة، وآية من آيات الله منظورة.
من الموقع الرسمى لفضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالى
جزاك الله خيراً
بارك الله في جهودك أختي
ام انس السلفية
و أثابك الجنة وما فيها
جزاك الله خيرا على موضوعك اختي الغالية جعله الله في ميزان حسناتك