يعتقد كثير من الناس أن تنظيم الطعام هو الوسيلة الوحيدة لاستعادة الرشاقة و تقليل وزن الجسم الزائد ، كما يعتقد الكثيرون أن الماء عنصر هام في حدوث مشكلة الوزن الزائد ، حتى أن البعض يتهمونه بأنه السبب الأساسي وراء تكون "الكرش" الضخم ، و البطن المترهلة . لكن الماء بريء تماما من هذه الاتهامات ، و العكس صحيح ، ذلك أن الماء عنصر ضروري للشخص الذي يحاول أن يفقد وزنا ، بل و يساعد على استمرار حالة الرشاقة بعد فقد الوزن .
——————————————————————————–
يعمل الماء بطرق عديدة على تحسين معدلات فقد الوزن و الصحة العامة أيضا . و من المدهش أن الماء قد يكون العامل الوحيد الهام الذي يعمل على خفض الوزن و الحفاظ على الوزن المثالي . بل يكاد الماء أن يكون المفتاح السحري لخفض الوزن الدائم . يعمل الماء على خفض الشهية و يساعد على اجراء العمليات الأيضية (من هدم و احتراق) للدهون المختزنة في الجسم . و يحافظ الماء على حالة العضلات الجيدة ، كما يغسل الشوائب من الدم فتخرج مع البول ، و أيضا يمنع حدوث الامساك . و الشخص السمين بالذات يحتاج الى كثير من الماء ، والاشخاص الذين يعانون من اختلال في احتجاز الملح و الماء يساعدهم مزيد من الماء على اعادة التوازن لسوائل الجسم الموزعة في انسجته بطريقة غير سليمة . و أثناء فقد الوزن فان الشخص يحتاج الى كمية كبيرة من الماء قد تصل الى حوالي 3 لتر من الماء يوميا . و يستحسن أن يتم شرب كوبين من الماء خلال ثلاثين دقيقة في الصباح ثم من كوبين الى ثلاثة أكواب من الماء في فترة الظهيرة و قبل تناول الطعام ، و مثل ذلك قبل العشاء . مع مراعاة أن يتم شرب الماء حوالي نصف ساعة قبل الوجبات لكي يساعد على ارتواء الجسم وبالتالي ارتواء جدران المعدة و تشبعها بالماء ، و و بالتالي تقليل الشهية للطعام . و من المعروف ان زيادة استهلاك ملح الطعام يساعد أيضا على احتجاز الملح و من ثم الماء في الجسم . و تلعب هرمونات الأنوثة أيضا دورا في هذا الشأن ، فتمر الفتيات البالغات و السيدات بهذه الحالة في الاسبوع الذي يسبق نزول الدورة الشهرية حيث يحتجز بعض الملح و الماء نتيجة لزيادة في نسبة بعض الهرمونات الأنثوية الدورية مما يؤدي الى زيادة الوزن و الاحساس بانتفاخ وتورم في بعض أجزاء الجسم ، كما قد يزداد التوتر العصبي و الانفعال في هذه الفترة ، و هى حالة مؤقتة تزول بعد بدء الدورة الشهرية .
و يعتقد بعض الناس خطأ أن شرب الماء الساخن على معدة فارغة في الصباح يساعد على تخفيض الوزن ، و يتم تبادل هذه المعلومة كما لو كانت حقيقة واقعة ، و في الواقع أن هذه معلومة خاطئة تماما ذلك أن شرب الماء البارد – و ليس الساخن أو المثلج – هو الذي يساعد على فقد الوزن ، و تعالوا نحسبها معا :
يرفع الجسم درجة حرارة كل ما يتناوله في جوفه من طعام أو شراب الى درجة 37 درجة مئوية وهي درجة حرارة جسم الانسان ، و عندما نشرب كوبا من الماء البارد في درجة 15 درجة مئوية مثلا فان الجسم يرفع درجة حرارة الماء الى درجة حرارة الجسم أي يرفعه 22 درجة مئوية . و كوب الماء يكون غالبا حوالى 200 جراما . هنا نقف لحظة لكي نعرف أن السعر الحراري الصغير هو كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء درجة واحدة مئوية ، و بالتالي فان الجسم يتكلف كمية من الحرارة تعادل 22 درجة مئوية x 200 جراما = 4400 سعرا صغيرا أي 4.4 سعرا حراريا مما نعرفه في حساباتنا اليومية للسعرات الحرارية في الطعام . أي أن شرب كوب من الماء البارد يجعل الجسم يفقد حوالي 4.4 سعرا حراريا . في الواقع أن هذا لا يحدث عندما نشرب ماء ساخنا حيث أن الجسم لا ينفق أية طاقة حرارية عليه . كما أن مقولة أن الماء الساخن يذيب الدهون غير حقيقية ، ذلك أن الماء الساخن يتم امتصاص سخونته في الدورة الدموية للجسم فلا يمر على أية دهون أو يذيبها بأية طريقة . لذا ، يجب أن يصبح شرب الماء البارد عادة يومية و لا مانع من استمرارها مدى الحياة .
و هكذا نرى أن الماء يساعد على زيادة الطاقة المنصرفة من الجسم و من ثم حرق الدهون . و الماء يقلل من الشهية بطريقة طبيعية و يساعد الجسم على تكسير الدهون المختزنة في الجسم . و لقد أظهرت الدراسات أن الانخفاض في تناول الماء يؤدي الى زيادة تخزين الدهون في الجسم ، في حين أن زيادة استهلاك الماء تقلل فعليا من المخزون الدهني.
و السبب في ذلك أن الكليتين لا تستطيعان العمل بصورة مرضية بدون الماء الكافي . و عندما لا تعمل الكلي الى حدود طاقتها الطبيعية فان ذلك سينعكس على عمل الكبد حيث ستؤول اليه بعض أعباء عمل الكلى . و من المعروف أن واحدة من أهم وظائف الكبد هى تكسير الدهون المختزنة و تحويلها الى طاقة قابلة للاستخدام بواسطة الجسم ، و لكن اذا كان الكبد منشغلا بأداء بعض وظائف الكلى فانه لن يستطيع أن يعمل بكامل طاقته في وظائفه الطبيعية . و نتيجة لهذا فانه سوف يكسر دهونا مختزنة أقل ، وستظل هذه الدهون في الجسم وبذلك سيتوقف وزن الجسم عن النزول .
وفي حالة احتجاز الماء في الجسم فان العلاج الناجع هو شرب المزيد من الماء ، و رغم ما يبدو في هذه المقولة من مفارقة فان التفسير سهل وواضح ، ذلك أن الجسم عندما يعاني من نقص الماء فانه يعتقد أن هناك تهديدا للحياة ، و بالتالي فانه يبدأ في التمسك بكل قطرة ماء ، مع سوء توزيع سوائل الجسم في انسجته المختلفة . و يظهر هذا في أعراض مثل تورم القدمين و الساقين و اليدين . ان شرب الماء بكمية كافية سيحل هذه المعضلة كما أنه سيزيد من ادرار البول و خلال ذلك يتم أيضا التخلص من بعض أملاح الصوديوم الزائدة والتي يؤدي احتجازها في الجسم الى مضاعفة المشكلة .
والماء مهم أيضا لليونة و طبيعية عمل عضلات الجسم ، و من ثم انقباضها و انبساطها بطريقة سلسة و طبيعية ، و أيضا لمنع جفافها . كما أن الماء هام جدا لمنع ترهل الجلد و ظهور التجاعيد به ، و هو شيء قد يحدث مع نزول وزن الجسم ، ذلك أن الماء يشكل جزء كبيرا من أنسجة الجلد .
و للماء وظيفة هامة أخرى أثناء علاج البدانة و لوزن الزائد ، ذلك أنه خلال نزول وزن الجسم فان الجسم ينتج كثيرا من النفايات و الفضلات التي يجب التخلص منها ، اذ أن الدهن الذي تم تكسيره خلال عملية النزول ينتج عنه مواد سامة و نفايات مثل الأجسام الكيتونية و غيرها ، و هنا يكون دور الماء الذي يذهب بهذه الفضلات الى خارج الجسم عن طريق الكلي و ادرار البول .
تلخيصا لما سبق فان الجسم لا يستطيع أن يعمل بطريقة طبيعية بدون ماء كاف ، و هو لن يستطيع تكسير الدهون المختزنة بطريقة فعالة بدون الماء . أيضا الماء المختزن قد يزيد من وزن الجسم الزائد أصلا . و لكي نتخلص من الماء الزائد يجب ان نشرب كمية أكبر من الماء . و يمكن بكل ارتياح الاقرار بأن الماء ضروري جدا لفقد الوزن الزائد .
ولكن .. ما هي الكمية الكافية المطلوبة من الماء ؟ في المتوسط يجب أن يشرب الانسان ثمانية أكواب من الماء كل يوم . لكن الشخص السمين يحتاج الى كوب اضافي من الماء لكل 10 كيلوجرامات من الوزن الزائد . و يجب مراعاة زيادة كمية الماء المستهلك أيضا في حالة القيام بتدريبات رياضية عنيفة أو في حالة الطقس الحار . و لايحتسب شرب القهوة من هذه الكمية على الاطلاق ، كما يجب الا تزيد مشروبات الشاي و الدايت و العصائر عن ثلث الكمية التي يجب استهلاكها ، أذ انها لا تؤدي الى التوازن المائي الذي يقوم به الماء العذب .
أن الجسم يقوم بوظائفه بطريقة جيدة عندما تكون سوائله في حالة طيبة ، فلا يكون هناك احتجاز للماء في الجسم ، كما يحترق المزيد من الدهون حتى يمكن للجسم استخدام الطاقة الكامنة فيه . و هنا يشعر الانسان بالعطش بصورة طبيعية كما أن الجوع سيقل بالتدريج . و لو توقفت عن شرب كمية كافية من الماء ، فان سوائل الجسم ستكون في حالة غير متوازنة مرة أخرى ، و عندها سيتم احتجاز الماء ، و يزيد الوزن مع فقد حقيقي لاحساس العطش الطبيعي . لذا لا تعتمد على احساسك بالعطش بل تناول ثمانية اكواب من الماء يوميا .
و الماء هام جدا لحياتنا ، فهو يكون حوالي 60 % من وزن جسم الانسان ، و يتكون 70 % من وزن المخ من الماء ، فيما يكون الماء 82 % من الدم و 90 % من الرئتين . و هو المكون الرئيسي للسائل الذي يحيط بالخلايا الحية و الداخل فيها . ولا يعادل الماء في أهميته للحياة سوى الأكسجين .
وكما أسلفنا فان الجسم فانه يحتاج الى حوالي 3 لتر من الماء يوميا لاستبدال الماء المفقود منه . و عندما يتعرض الجسم للحرارة فان 2 مليون غدة عرقية تفرز العرق الذي يتكون من 99% من الماء . كما تفقد كمية ضئيلة من الماء بصفة منتظمة خلال اليوم في عملية الزفير ، و أيضا في دموع العين الذي تحتاجها العين للتليين . و تؤدي التمرينات الرياضية و تناول الملح و أيضا السكني في المناطق العالية الى مزيد من استهلاك الماء .
ومن المهم هنا الاشارة الى أن الاحساس بالعطش قم يتم تفسيره بواسطة الجسم خطأ على أنه شعور بالجوع . و أحيانا كثيرة عندما تشعر بالجوع يكون المطلوب هو الشرب فقط ، أي أنك قد تكون عطشانا أو في حالة احتياج للماء ، فيتعرف المخ على المستوى المنخفض من الماء في الجسم و يسجل اشارة الاحتياج ، و هنا قد لا نستطيع ان نفرق بين اشارة الاحتياج الى الطعام أو الى الماء ، اذ أن الجسم يميل غالبا الى تفسير اشارة الاحتياج على انها احتياج للطعام ، فيتناول الشخص الطعام بدلا من أن يشرب الماء ، مما يؤدي الى تفاقم مشكلة الوزن الزائد .
ان تناول الماء بصورة منتظمة و بكمية لا تقل عن ثمانية أكواب يوميا ، و بدون انتظار لاحساس العطش ، قد يكون هو الحل لمشكلة السمنة التي لا تستجيب للأنظمة الغذائية المختلفة . و نختم بملاحظة أن الماء له وظيفة هامة اضافية ولو انها تتم خارج جسم الانسان ، رغم صلتها الوثيقة بالصحة و الرشاقة ، فالماء هو الوسط الذي تمارس فيه واحدة من أهم رياضات الرشاقة ، وهي رياضة السباحة . فالسباحة تؤدي الى معدل صرف طاقة عال اذ أن دقيقة السباحة تكلف الشخص البالغ من الوزن 70 كيوجراما 11.2 سعرا في الدقيقة ، فيما يكلفه المشي 5.2 سعر في الدقيقة ، بينما يكلفه الجلوس 1.3 سعرا في الدقيقة .