الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
يقول الله تعالى: ﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار} ﴾ ، وقال تعالى في وصف المؤمنين: ﴿ أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ﴾ ، ويقول تعالى في مجاهدة الكفار: ﴿ وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد… ﴾ الآية ويقول تعالى: ﴿ ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوٍّ نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح… ﴾ الآية.
إن كل عصر وزمان له أسلحته الجهادية والحربية المستخدمة ضد الأعداء، وقد استخدم المسلمون أسلحة جهادية متنوعة في ذلك ضد أعدائهم بقصد هزيمتهم وإضعافهم.
قال الشوكاني: (وقد أمر الله بقتل المشركين ولم يعيّن لنا الصفة التي يكون عليها ولا أخذ علينا ألا نفعل إلا كذا دون كذا) [1] اهـ.
وهذا يوافق عموم قوله تعالى: ﴿ وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ﴾ الآية.
ومن الأساليب الجهادية التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأعداء بهدف إضعافهم أسلوب الحصار الاقتصادي وهو ما يسمى اليوم بالمقاطعة الاقتصادية.
ومن الأمثلة على أسلوب حصار النبي عليه الصلاة والسلام الاقتصادي، ما يلي:
1) طلائع حركة الجهاد الأولى وذلك أن أوائل السرايا التي بعثها الرسول صلى الله عليه وسلم والغزوات الأولى التي قادها صلى الله عليه وسلم كانت تستهدف تهديد طريق تجارة قريش إلى الشام شمالا و إلى اليمن جنوبا، وهي ضربة خطيرة لاقتصاد مكة التجاري قُصد منه إضعافها اقتصاديا.
2) قصة محاصرة يهود بني النضير – وهي مذكورة في صحيح مسلم – أنهم لما نقضوا العهد حاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وقطع نخيلهم وحرقه فأرسلوا إليه أنهم سوف يخرجون فهزمهم بالحرب الاقتصادية، وفيها نزل قوله تعالى: ﴿ ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزى الفاسقين ﴾ ، فكانت المحاصرة وإتلاف مزارعهم ونخيلهم التي هي عصب قوة اقتصادهم من أعظم وسائل الضغط عليهم وهزيمتهم وإجلائهم من المدينة.
3) قصة حصار الطائف بعد فتح مكة، وأصل قصتهم ذكرها البخاري في المغازي ومسلم في الجهاد، وفصّل قصتهم ابن القيم في زاد المعاد.
وذكرها ابن سعد في الطبقات [2]، قال: (فحاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بقطع أعناب ثقيف وتحريقها فوقع المسلمون فيها يقطعون قطعا ذريعا).
قال ابن القيم في فوائد ذلك: (وفيه جواز قطع شجر الكفار إذا كان ذلك يضعفهم ويغيظهم وهو أنكى فيهم).
4) قصة المقاطعة الاقتصادية للصحابي ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه، وقد جاءت قصته في السير و المغازي، ذكرها ابن إسحاق في السيرة وابن القيم في زاد المعاد والبخاري في المغازي ومسلم في الجهاد، وقصته كانت قبل فتح مكة لما أسلم ثم قدم مكة معتمرا، وبعد عمرته أعلن المقاطعة الاقتصادية لقريش قائلا: (لا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم) – وكانت اليمامة ريف مكة – ثم خرج إلى اليمامة فمنع قومه أن يحملوا إلى مكة شيئا حتى جهدت قريش، وقد أقره الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه المقاطعة الاقتصادية، وهي من مناقبه رضي الله عنه.
وهذه الحوادث و أمثالها تشريع من الرسول صلى الله عليه وسلم لأصل من الأصول الجهادية في مجاهدة الكفار في كل زمان ومكان.
وهذا الأمر اليوم في مقدور الشعوب الإسلامية أن يجاهدوا به، قال تعالى: ﴿ فاتقوا الله ما استطعتم ﴾ ، وهو من الجهاد الشعبي النافع المثمر حينما تخلى غيرهم عن مجاهدة الكفار بأصنافهم
ولذا فإننا نحث إخواننا المسلمين إلى جهاد الأمريكان والبريطانيين واليهود واستخدام سلاح المقاطعة الاقتصادية المضعفة لاقتصادهم.
وإذا كانت الشعوب الإسلامية ليس لديها قوة في الجهاد المسلح ضدهم فليس أقل من المقاطعة الاقتصادية ضدهم وضد شركاتهم وبضائعهم، قال عليه الصلاة والسلام: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم) رواه أحمد وأبو داود من حديث أنس.
كما أحث إخواننا المسلمين إلى المثابرة في هذا الجهاد و المصابرة، قال تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا ورابطوا ﴾ ، وأن لا يملوا أو يتكاسلوا فإن النصر مع الصبر، وأن يجتهدوا في مقاطعة الشركات والبضائع الأمريكية والبريطانية واليهودية مقاطعة صارمة و قوية وشاملة، قال تعالى: ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى… ﴾ الآية، وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم) رواه أحمد من حديث على بن أبى طالب.
وقد لمسنا – ولله الحمد – فيما سبق وفيما تناقلته وسائل الإعلام أثر المقاطعة الشعبية السابقة على الاقتصاد الأمريكي والبريطاني واليهودي.
وقد انتشر في الأيام الماضية قائمة ولائحة تحوي مئات المنتجات للشركات الأمريكية و البريطانية واليهودية، فنحث إخواننا على التجاوب والتضامن مع هذه القائمة، قال تعالى: ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ﴾ ، وقال عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا).
وأمريكا وبريطانيا وراء محاربة الجهاد في كل مكان وهم وراء دعم الصهاينة في فلسطين ووراء الحصار الاقتصادي على دولة طالبان الإسلامية في أفغانستان ووراء دعم الروس في الشيشان ودعم النصارى ضد إخواننا المجاهدين في الفلبين وإندونيسيا وكشمير وغيرها، وهم وراء دعم أي توجه لإضعاف الجهاد الإسلامي و إضعاف المسلمين، ووراء محاصرة شعب العراق المسلم وشن الغارات اليومية عليه منذ عشر سنين ظلما وعدوانا مع قطع النظر عن حكامه.
وقد صدق فيهم وفي غيرهم قوله تعالى: ﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم… ﴾ الآية.
اللهم عليك بالأمريكان والبريطانيين واليهود وأعوانهم وأشياعهم، اللهم اشدد وطأتك عليهم، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أملاه فضيلة الشيخ؛ أ.حمود بن عقلاء الشعيـبي 28 / 11 / 1421 هـ
______________________________ _______