من أبرز رجالات السياسة في الوطن العربي،خلال النصف الثاني من القرن العشرين،ومن أهم قادة ثورة التحرير الخالدة،(1954-1962)،أعتلى سدة الحكم على اثر التصحيح الثوري يوم السبت 19يونيو 1965م، عرفت فترة حكمه(1965- 1978م)،تطورات عديدة على المستوى الوطني خاصة والعالم العربي والعالم الثالث عامة،فكان له في كل منها بصمة.
إنصافا للرجل وأمانة للتاريخ نقول:أن جهد الرجل أكثر 24عام لا يمكن حسره في سطور أو صفحات بل يتطلب مجلدات،ونحن اليوم نعيش إحداثا خطيرة على المستويين العربي و الإفريقي،بعد29سنة من وفاته ارتأيت أن نسترد الصورة الجميلة لأيامه من خلال التعرض لمميزات أفكاره وملخص عصارة جهده، خلال مساره : مدرب للجيش عام 56فائدالولاية الخامسة57حين عرف باسم هواري بومدين،قائد الأركان الغربية 58 منظم جبهة التحرير عسكريا وقائد الأركان العامة 60، وزير الدفاع 62 نائب رئيس المجلس الثوري وزير الدفاع 63،رئيس مجلس الثورة ورئيس الحكومة 65 ،رئيس الجمهورية 1975 ،كان خلال عهدة حكمه عنصرا فعالا في منظمة الوحدة الإفريقية وحركة عدم الانحياز وذو مواقف متميزة في الجمعيات العامة للأمم المتحدة،.
هذه الرحلة الطويلة لشخصية هواري بومدين المتميزة ، تدعونا لنجلو مميزات أفكاره ومصدر الهامة،كانت البداية، المدرسة القرآنية بمسقط رأسه قالمة، المدرسة الابتدائية بها،ثم المدرسة الكتانية بقسنطينة،وجامع الزيتونة بتونس سنة49، وأخيرا جامع الأزهر الشريف بالقاهرة عام 50،. وقد أظهر في كل هذه المراحل تفوقا في الدراسة ،وتمسكا بالقيم الروحية والوطنية،مما مكنه مننيل ثقة رفاقه و الارتقاء في سلم المهام منذ التحاقه بالثورة كما أسلفنا،وبرهن على قدرته القيادية سواء على المستوى العسكري أو السياسي ميدانيا،وإذا كان من الصعب تحديد أفكاره من انجازات الثورة التحريرية لأن بعض الجوانب التاريخية ما تزال محجوبة، فالتاريخ لم يكتب بعد جميعه ،فإننا نرى صورة أفكاره في منجزات أيام حكمه خاصة.
تولى هواري بومدين بومدين رئاسة البلاد في ظل فوضى سياسية كبيرة، وعنف، وحتى الاقتتال بين الإخوة أحيانا ،فوضع العنف جانبا وانطلق لمواجهة التحديات،فاستقطب القوى المتناحرة إلى ترتيب البت وتقوية الدولة على المستوى الداخلي، الفكرة إذا،(لا يمكن العمل في غياب الأمن)،واتجه بعد ذلك لخض التحديات،فكان أول اهتمامه الفلاحة لأنه أدرك إنها ثروة لا تزول وثمارها للجميع فوزع الآلف الهكتارات من الأراضي الزراعية على الفلاحين، جاءت بعدها الثورة الزراعية ، حافظت على الأراضي الصالحة وتوجهت لاستصلاح الأراضي البور، والشروع في انجاز السد الأخضر لحماية البيئة ومحاربة التصحر( ازدهرت الفلاحة وصار الخماس سيدا ،ومصدر الغداء محددا)،بالموازاة مع ذلك انطلق بثورة زراعية ،وبناء ألف قرية مما مكنه القضاء على البيوت القصديرية في القرى،والمداشر، والمحتشدات التي أنشأها الاستعمار ليقمع ويفصل المواطنين عن الثورة.وللنهضة الصناعية بني المئات من المصانع شارك في انجازها خبراء من المحوريين الاشتراكي والرأسمالي،(مما أدى إلى التقليل من الاسترشاد وتوقير مناصب الشغل وساعد على تأميم الثروات وتأمينها)،كما أن تأميم المناجم والمحروقات وفر ت سيولة مالية هامة، ساعدت على دعم باقي القطاعات ،لم بهمل بومدين القطاع الثقافي،بل وضع له أسسا قوية حيث انشأ المدارس والمعهد في كل فج وجعل التعليم إجباريا ومجانيا، وهو يردد في كل مرة شعب متعلم ،شعب لا يستعبد،وقد أدى ذلك إلى توقير اليد العاملة المؤهلة والتقليل من الاحتياجات للتقنيين والفنيين الأجانب،حفاظا على كرامة الأمة، وكان ذلك عبر مخطط ثورة ثقافية تقضي على الأمية والجهل وتدعم التحكم التكنولوجي،.
إضافة إلى السياسة التنموية أهم الرئيس هواري بومدين بالإصلاح الاجتماع والسياسي،و وضع أسس الدولة الجزائرية،بدا بقانون التأميم،ثم وضع ميثاقا وطنا شاركت جميع فئات الشعب،وانبثق عنه دستور كل ذلك بأسلوب ديمقراطي بالمعنى العلمي الكلمة(شعاره لا نريد تقبيل اليد)،ثم انتخاب المجلس التشريعي من طرف الجماهير الواسعة.
هذا هذه الخطوط العريضة لسياسة الرجل على المستوى الداخلي،استقطب الكل لخدمة الوطن و مدا خيل الدولة في صالح المواطن،و على المستوى الخارجي ابرز الوجه الجميل للجزائر شعبا ودولة أمام الرأي العام فكانت العلاقات جد سنة مع كل الدول عدا إسرائيل بسبب احتلالها لفلسطين واهانة الفلسطينيين وتشريدهم،وفرنسا بسبب انزعاجها من تأميم المحروقات ومواقف بومدين الدولية التي كثير ما جابهت مواقفهم.ثم فتور العلاقة مع المغرب بسبب موقف الجزائر المؤيد لاستقلال الصحراء الغربية،(تحسين العلاقات مع الحفاظ على السيادة و حرية القرار جلب للجزائر احتراما كبيرا).
هذه هي الصورة العامة لمميزات أفكار الرئيس الراحل ،هواري بومدين، منها ما يجلو عينيا،ومنها يتجلى من نشاطه طيلة حياته وأيام حكمه،باختصار،حاكم كان فيلسوفا أو فيلسوفا حاكما كما قال أفلاطون.أفكاره مبنية على حب السلم، والعدالة و السيادة والكرامة للأمة والوطن ينفذ مسارع أفكاره بالحكمة بعد الدراسة والمشورة.شارك برأيه بل كان أول من دعا إلى إقامة نظام عالمي جديد يحترم الإنسان وينبذ الاستغلال بجميع أشكاله، لو بقي الراحل اليوم حيا لحمل الرشاش في وجه الأمريكان والصهاينة في العراق وفلسطين ولبنان والصوما