تخطى إلى المحتوى

الخطوات الاولي في المحاماة 2024.

دراسة القضايا

وعلى المحامي متى قبل القضية أن يبدأ فورًا بتحضيرها في مكتبه فيدون وقائعها ويرسم خطة الدفاع فيها ويستوفي المستندات التي تؤيد هذا الدفاع ويشرع في البحوث القانونية التي تساعده على تدعيم مركزه في الخصومة إن اقتضى الحال ذلك.
وليعلم أن أوقاته قد تعلق بها حق موكليه جميعًا فإذا كانت القضايا الموجودة بمكتبه كافية لأن تشغل جميع أوقاته فلا يسوغ له بحال أن يقبل قضايا جديدة لا يتسع لها وقته لأنه إما أن يهملها وإما أن يأخذ لها من الوقت اللازم للعناية بالقضايا التي ارتبط بها فعلاً قبل ذلك وفي كلا الأمرين إخلال بواجبه نحو موكليه.
وليس المحامي البارع هو الذي يزدحم مكتبه بملفات القضايا بل إن المحامي البارع هو الذي لا يوجد في مكتبه سوى قضايا محضرة ومعنيًا بها.
وليفسح المحامي صدره لصاحب القضية كلما أراد أن يدلي إليه بشيء جديد في الدعوى لأنه صاحب حاجة ولرب كلمة يقولها أو واقعة يسردها تفيد المحامي في دفاعه فائدة غير منتظرة وليجعل المحامي اتصال الموكل به شخصيًا في كل ما يتعلق بموضوع الدعوى فلا يكله في شيء من ذلك إلى الكاتب لأن الكاتب لا يمكنه أن يستقصي الوقائع بالدقة الواجبة كما يفعل المحامي ولا يستطيع تقدير هذه الوقائع وتأثيرها في سير الدعوى كما تعود المحامي، مع مراعاة أن يكون عادلاً في توزيع أوقاته على موكليه بدون تفريط ولا إفراط.
وينبغي للمحامي أن يعمل على كسب ثقة المحكمة فلا يترافع في قضية إلا بعد أن يلم بموضوعها تمام الإلمام وبعد أن يستجمع نقط الدفاع فيها ويركزها تركيزًا يصون مرافعته عن الشطط والحشو والتكرار وأن يعبر عن أفكاره بعبارة بسيطة واضحة دقيقة منزهًا آراءه عن سماجة المكابرة ومنزهًا لسانه عن لوثة المهاترة، مراعيًا حرمة القضاء وكرامة المحاماة.
وعليه أن يكون للقاضي مساعدًا ومعينًا على إنجاز العمل وتعرف وجه الحق وإصدار حكمه بالعدل وأن يشعره بالفعل أنه ينتصر للمظلوم ويعمل لاستخلاص حق مهضوم فإن ذلك أدنى إلى استرعاء سمع المحكمة واهتمامها بأقواله واحترامها لآرائه مهما كان رأيها مخالفًا.
وليس كسب ثقة المحكمة بأن يتساهل المحامي في التمسك بحقه وحق موكله بل إن هذا التمسك واجب لا محيص له عنه، فالمحامى الذي يعتذر بأن المحكمة لم تثبت أقواله في محضر الجلسة مثلاً مسؤول عن هذا الإغفال إذ هو لم يلح الإلحاح كله في تدوين أقواله بمحضر الجلسة لأن واجب الكاتب أن يثبت أقوال الخصوم خصوصًا ما يرون أنه من أسس دفاعهم وعلى المحامي أن يثبت من تدوين كل ما يعتبره أساسيًا في دفاعه وليوجه المحامي خطابه في ذلك أولاً إلى القاضي باعتباره المدير للجلسة فإن عارض القاضي فليوجه خطابه للكاتب باعتباره مسؤولاً عن تحرير محضر الجلسة وعليه أن يلح في ذلك بكل أنواع الإلحاح فإذا أصر الكاتب على عدم إثبات ما يطلبه المحامي بادر المحامي فورًا بتقديم طلبه هذا كتابةً أو علانيةً إلى كاتب الجلسة ثم يرفع شكواه بعد ذلك إلى جهة الاختصاص وليكن رد المحامي على الخصم زعزعةً لا جعجعةً، وإفحامًا لا التحامًا، وإقناعًا لا صراعًا.
وليجتنب التأجيلات التي لا مبرر لها والطلبات الشكلية والدفوع الفرعية التي لا تدينه من الحق ولا تحميه من الباطل فإن ذلك مضيعة للوقت وإملال للعدل وإطالة للخصومة وتعطيل لسير العدالة.
كذلك يجب ألا يفوت المحامي أن محكمة النقض هي محكمة قانون لا محكمة موضوع وأن المبادئ الهامة التي تقررها هذه المحكمة العليا أولى بأن تشغل جميع أوقاتها بدلاً من تبديد مجهوداتها في بحث أوجه غير جدية.

المحامي وزملاؤه

وليحافظ المحامي على كرامة زملائه وليتجنب تحميلهم المغارم بحجة الغيرة على حقوق موكليه فلا يطلب إبطال المرافعة مثلاً في قضية يعلم أن الخصم وكل فيها محاميًا لأن الغائب في هذه الحالة هو المحامي للخصم وليس من حق المحامي الحاضر أن يتولى بنفسه تأديب زميله الغائب بتعريضه لخسارة ربما كانت فادحة لا تحتملها كل ثروته في حين لا يخسر الخصم شيئًا متى كان المحامي مليئًا مع أن هناك طريق خاص لتأديب المحامي بسبب إهماله.
ويعمل المحامي أيضًا على كسب ثقة زملائه بأن يحسن الاستماع إليهم وينزه لسانه عن العيب فيهم أو استفزازهم وليعلم أن كرامته من كرامتهم وعزته من عزتهم.
وليترفع المحامون من تلقاء أنفسهم عن مخالفة واجباتهم سرًا وعلانية فإن ذلك أولى بهم وأليق بكرامتهم.

المكاتب الفرعية

وإذا قضيتم مدة التمرين فإياكم والمكاتب الفرعية فإنها تعرض عملكم للفساد وتعرض عيشتكم للكساد لأنها تدار بمعرفة كتبة يقبلون فيها قضايا لم تسمعوا أربابها ولم تعرفوا قبل الارتباط بها حلالها من حرامها.
إياكم وهذه الحوانيت فإنها مقابر المحامين وبلاء المتقاضين تُنتهك في كثير منها حرمات الحق وتُدبر المؤامرات على العدل لأنها ليست تحت إشراف المحامين الفعلي ليصونوها عن هذه المفاسد ويحاربوا فيها وقوع هذه الجرائم.
ولها فوق ذلك أسوأ الأثر في تقدير أتعاب المحامين حتى ضج أكثر المحامين بالشكوى منها وتحمسوا لإعلان الحرب عليها وهي نتيجة طبيعية لشعورهم بكرامتهم واهتمامهم لوضع حد لهذا الاعتداء الصارخ على شرف مهنتهم.
ولي وطيد الأمل في أن يتعاون حضرات المحامين مع نقابتهم على استئصال هذا الداء وتطهير جو المحاماة من هذا الوباء وأنه لا تمضي مدة طويلة حتى تكون جميع المكاتب سعيدة باستقرار حضرات المحامين فيها حتى إذا ما سعى إليها أرباب القضايا وجدوا أمامهم الهداة المرشدين وخدام العدالة الصادقين.
ولا شك عندي في أن ذلك من شأنه أن يوزع العمل على مكاتب المحامين توزيعًا طبيعيًا عادلاً في مصلحة العدالة وفي مصلحة أرباب القضايا وفي مصلحة المحامين أنفسهم فتتخلص العدالة من المنتجات الرديئة التي تنتجها المكاتب الفرعية ويتصل أرباب القضايا بالمحامين رأسًا في كل ما يتعلق بالعمل الفني الذي يهمهم ويرتفع مقابل أتعاب المحامي إلى الحد الذي يكافئ مجهوده ويليق به.
فمتى تعاون حضرات زملائي المحامين على تنفيذ هذه الخطة في وقت واحد جاءت النتيجة وفق مصلحتهم جميعًا.
هذه أيها السادة هي الكلمات التي رأيت أن أدلي بها الآن لإخواني المحامين المبتدئين متمنيًا لهم كل التوفيق راجيًا لهم من الله سبحانه وتعالى كل سعادة.

وفيت وكفيت أخي
جزاك الله خيرا على الإفادة
وجعله الله في ميزان حسناتك
بارك الله فيك اخي شمس الدين
والمزيد من المواضيع الهامة انشاء الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.