مقدمة :
هناك عاملان أساسيان كان لكل منهما الأثر الأكبر في تاريخ فلسطين الحضاري والسياسي، من فجر التاريخ حتى يومنا هذا. ويمتاز هذان العاملان إنهما خارج الإرادة البشرية. وكلاهما قد أضفى على فلسطين موقعاً متميزاً لم يمتلكه أي بلد آخر في العالم عبر التاريخ كله.
العامل الأول جغرافي: وهو موقع ( كنعان : فلسطين ) همزة الوصل بين القارات الثلاث وبين الحضارات المتعددة ، إذ أضحت بحكم موقعها هذا ملتقى للطرق التجارية والقوافل، وممراً للجيوش المتحاربة. وهي كما كانت للجيوش الفارسية واليونانية قديما أصبحت للجيوش الاستعمارية حديثاً، حيث أن فلسطين هي بوابة العبور بين الشرق والغرب .
العامل الثاني ديني: فقد كان قدر فلسطين أن تكون وطن الديانات السماوية الثلاث : نحوها توجه موسى, وعلى أرضها ولد عيسى، وإليها أسرى بمحمد عليه الصلاة والسلام. فالمؤمنون من جميع أنحاء العالم يؤمونها وكذلك الطامعون فيها تحت ستار الدين، لهذا قامت الحروب الصليبية قديماً ، ولهذا قام التحالف الاستعماري الصهيوني حديثاً .
فلسطين . الحضارة :
برزت حضارتان رئيستان في فلسطين منذ أقدم العصور حتى القرن العشرين، هما الحضارة الكنعانية والحضارة العربية الإسلامية. وإن حصر الحضارات القديمة الكبرى بالحضارة الكنعانية لا يلغي أهمية الحضارات الأخرى المتعددة، التي عاشت كل منها ردحا من الزمن، وهذه الحضارات استنارت بالحضارة الكنعانية وأثرت وتأثرت فيها بل وكانت الحضارة الكنعانية شعلة أنارت بوهجها حضارات الشعوب التي استقرت في فلسطين، والذين هاجروا إليها واندمجوا معها ولم
1
يهاجروا منها قط. ولسنا هنا في مجال تعدادها، وإنما نكتفي بالإشارة إلى ثلاث حضارات بارزة هي: الحضارات الفارسية واليونانية والرومانية مع التركيز على الحضارة الكنعانية والحضارة العربية الإسلامية.
اولا": الحضارة الكنعانية:
رغم تعدد التقديرات للبدايات الزمنية للوجود الكنعاني في فلسطين, فمما لا شك فيه إطلاقا أنهم كانوا أول من سكن المنطقة من الشعوب المعروفة تاريخيا وأول من بنى على ارض فلسطين حضارة. وكانت لغة الكنعانيين اقرب ما تكون إلى اللغة السامية الأم. أي اللغة العربية البائدة, ولم يكن الحكم على ارض كنعان موحدا فقد كانت تتكون من دويلات تتقاتل فيما بينها, إلا عند مجابهة الخطر الخارجي وخصوصا من (البحثيين) أو (المصريين). لذلك اشتهر الكنعانيون ببناء القلاع والأسوار لحماية أنفسهم. وقد أرهبت قلاع أريحا الجواسيس والعيون الذين أرسلهم موسى لاستكشاف ارض فلسطين " إن فيها قوما جبارين ". وقد توصل الكنعانيون إلى بناء الصهاريج فوق السطوح, وحفر الإنفاق الطويلة تحت الأرض لإيصال المياه إلى داخل القلاع. ومن أهم هذه الإنفاق نفق يبوس ( القدس ). حيث حفر اليبوسيون_وهم فرع من القبائل الكنعانية_ نفقاً وجاءوه بالمياه إلى حصن يبوس من نبع جيحون، ولذلك صمدت القلعة ثلاثمائة سنة أمام الإسرائيليين .
وقد عرف الكنعانيون في حروبهم الحصان والمركبة الحربية وكذلك أسلحة الحديد، كما استعملوا القوس والناشب والخنجر القصير والسكين المعقوف. وقد برعوا في صناعة الأدوات الحربية وهم أول من أدخل فن التعدين مما ساعدهم في صناعة الأسلحة الفتاكة من البرونز والحديد وحتى الفولاذ .
ومن أقدم المدن الكنعانية الباقية حتى اليوم، أريحا وأشدد ( أسدود ) وعكوا ( عكا ) وغزة والمجدل ويافي ( يافا ) ومن المدن التي تغيرت أسماؤها بمرور الزمن: يبوس ( القدس ) شكيم ( نابلس ) أشكلون (عسقلان) بيت شان (بيسان ) وصديتم (حطين ). وهناك مئات من المدن والقرى منها ما بقي حتى اليوم ومنها ما اندثر وجميعها أسماؤها كنعانية عربية قديمة, سرق اليهود هذه الأسماء الكنعانية العربية وأطلقوها على مستعمراتهم التي أنشئوها على أرض فلسطين مدعين بأنها أسماءٌ عبرية والتاريخ يؤكد أنها كانت موجودة قبل غزوهم لفلسطين .
وقد اشتهر الكنعانيون بالزراعة وخصوصاً زراعة مختلف أنواع الحبوب والعنب والتين والزيتون والرمان والنخيل والتفاح وكانوا يعرفون معظم الأشجار والفاكهة والأعشاب المعروفة اليوم. وفي الصناعة برعوا في التعدين وصناعة الخزف والزجاج والنسيج وصناعة الثياب. كما برعوا في فن العمارة فبنيت منازل الملوك والأغنياء داخل الأسوار من الحجارة المنحوتة وهي عادة تتكون من باحة في الوسط وحولها الطرق وحتى البيوت العادية فقد كان فيها آبار للمياه وعنابر القمح ونوافذها تطل على الباحة. أما بيوت الفقراء فكانت من اللّبن وكذلك الحجـــــــــــارة غير المنحوتة، وفي الداخل استعملت الاسرة والكراسي وأدوات المطبخ المتنوعة,
2
وكانت مفاتيح بيوتهم ضخمة تصنع من الخشب أو المعدن وفي كثير من قرى فلسطين والشام ومصر ما زالت المفاتيح على هذا الطراز وقد اهتم الكنعانيون بالموسيقى وقد اقتبسوا كثيراً من عناصر موسيقاهم من شعوب مختلفة توطنت الشرق الأدنى القديم، وقد استخدموا الموسيقى والغناء في طقوسهم الدينية، وقد انتشرت موسيقاهم في جميع بقاع المتوسط. إن الأدب والفن هما عنوان الحضارة وقد أبدع فيهما الكنعانيون والمتتبع للكتابات الإسرائيلية التي تحاول جاهدة إيهام العالم بأنهم هم الذين بنو الحضارة العريقة وإنهم أصحاب الأناشيد والتراتيل والغناء. إلا أن كبار المؤرخين الثقات أمثال ( برستد ) الذي وصف المدن الكنعانية المزهرة يوم دخلها العبرانيون بقوله "إنها مدن فيها البيوت المترفة، وفيها الصناعة والتجارة والكتابة والمعابد، وفيها الحضارة التي سرعان ما اقتبسها العبرانيون الرعاة البدائيون، فتركوا خيامهم وقلدوهم في بناء البيوت كما خلعوا الجلود التي ارتدوها في الصحراء وارتدوا الثياب الصوفية الزاهية الألوان، وبعد فترة لم يعد في الإمكان أن يفرق المرء بين الكنعانيين والعبرانيين بالمظهر الخارجي، فقد اقتبسوا الحضارة الكنعانية كما يقتبس المهاجرون الجدد إلى أمريكا في يومنا هذا طرق المعيشة الأمريكية ". وقد ظلت اللغة الكنعانية هي اللغة السائدة منذ فجر التاريخ المكتوب، أي منذ خمسة آلاف عام، ولم تعرف فلسطين حتى عهد الانتداب البريطاني سنة 1920 سوى لغات ثلاث: الكنعانية أولاً والآرامية ثانياً وهي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح عليه السلام والعربية ثالثاً .
نسأل الله ان يثبت أقدام أخوتنا في فلسطين
بارك الله بك أختي زهرة العرب
|
آمين
شكرا لك أخي على مثل هذا المرور
شكرا
اتمنى استفادة الاعضاء
لكي كل التقدير
|
وأنا أتمنى ذلك
شكرا على المرور أخي نورت الموضوع وصاحبته
تحياتي
بارك الله فيك
مشكور مشكور مشكور