التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه الحسنى، أو صفة من صفاته العليا
كأن يقول المسلم في دعائه: اللهم إني أسألك بأنك أنت الرحمن الرحيم، اللطيف الخبير أن تعافيني. أو يقول: أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن ترحمني وتغفر لي. ومثله قول القائل: اللهم إني أسألك بحبك لمحمد صلى الله عليه وسلم. فإن الحب من صفاته تعالى.
ودليل مشروعية هذا التوسل قوله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}1.
والمعنى: ادعوا الله تعالى متوسلين إليه بأسمائه الحسنى. ولا شك أن صفاته العليا عز وجل داخلة في هذا الطلب، لأن أسماءه الحسنى سبحانه صفات له، خصت به تبارك وتعالى.
ومن ذلك ما ذكره الله تعالى من دعاء سليمان عليه السلام حيث قال: {وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}2.
ومن الأدلة أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم في أحد أدعيته الثابتة عنه قبل السلام من صلاته صلى الله عليه وسلم: "اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي"3.
ومنها أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول في تشهده: "اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم" فقال صلى الله عليه وسلم "قد غفر له قد غفر له"4.
وسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً آخر يقول في تشهده: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، المنان يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار" فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "تدرون بما دعا؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم "وفي رواية: "الأعظم"الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطي"5.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: "من كثر همه فليقل: "اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحد من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي" إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرجا"6.
ومنها ما ورد في استعاذته صلى الله عليه وسلم وهي قوله: "اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني.."7.
ومنها ما رواه أنس – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا حزبه8أمر قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث"9.
فهذه الأحاديث وما شابهها تبين مشروعية التوسل إلى الله تعالى باسم من أسمائه أو صفه من صفاته، وأن ذلك مما يحبه الله سبحانه ويرضاه، ولذلك استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}10.
فكان من المشروع لنا أن ندعوه سبحانه بما دعاه به رسوله صلى الله عليه وسلم، فذلك خير ألف مرة من الدعاء بأدعية ننشئها، وصيغ نخترعها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
1 سورة الأعراف: الآية 180.
2 سورة النمل: الآية 19. 3رواه النسائي والحاكم وصححه, ووافقه الذهبي, وهو كما قالا.
4 رواه أبو داود والنسائي وأحمد وغيرهم وإسناده صحيح.
5رواه أبو داود والنسائي وأحمد وغيرهم وإسناده صحيح.
6 رواه أحمد "3712" واللفظ له والحاكم "1/905" وغيرهما, وإسناده صحيح كما بينته في "السلسلة الصحيحة- 199" ورددت على من ضعفه. مكتبة المعارف للنشر والتوزيع- الرياض.
7 متفق عليه.
8 أي أهمه وأحزنه.
9 رواه الترمذي "1/267- تحفة" والحاكم "1/905" وهو حديث حسن.
10سورة الحشر: الآية .
بارك الله فيك و جزاك خيرا ..
وفيكم بارك الله