تخطى إلى المحتوى

التعامل مع النصوص الواردة عن السلف 2024.

يرد كثيراً آثارٌ عن السلف الصالح – رضوان الله عليهم – ويروى عنهم كلمات في مناسبات؛ فهم يطلقونها – أحياناً – عفو الخاطر, وعلى السجية, ومع ذلك تأتي حاملة في طياتها عُمْقاً وعبراً مع اختصارها وقصرها.
وما ذلك إلا أثر من آثار الاتباع الصحيح, وقرب العهد, وحسن التلقي من مشكاة النبوة.
وقل أن تجد كتاباً من كتب السير إلا وقد خلَّد لأولئك السَّراة كلماتٍ خالدةً يتردد صداها إلى يومنا هذا.
ومن الناس من لا يحسن التعامل مع تلك الآثار؛ إذ منهم من يخالها بمنزلة النصوص الشرعية التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
ومنهم مَنْ لا يعتدُّ بها, ولا يقدرها قدرها؛ فيفوته خير كثير, وتجارب نافعة.
ومنهم يسير بها على وَفْق طبيعته؛ فقد يكون ذا شدة وصرامة وإفراط في الحزم؛ فتراه يأخذ منه بحسب ما يوافق هواه, وما جبل عليه؛ فيجعلها مستنداً لِمَا هو بصدده.
ومنهم من هو متساهل مُفَرِّط مُغَلِّبٌ جانبَ اللين في شتى أموره؛ فتراه يجر تلك الآثار لما هو ملائم لطبيعته جراً, وهكذا…
ولعل الأنسب في التعامل مع تلك الآثار أن تؤخذ بمجموعها وإطارها العام؛ فيكون من جرَّاء ذلك منهج متكامل معتدل.
ولقد تواطأت وصايا السلف , وتتابعت كلماتهم في أمور يمكن أن يستخلص منها المنهج العام الواضح الذي يمكن الأخذُ به, والسير على منواله مما هو محل اتفاق, وإجماع, ومن ذلك ما يلي:

1- آثار تحث على تعظيم الشريعة, واتباع السنة, والتحذير من البدعة.
2- آثار تحث على الإخلاص لله, والمتابعة لرسوله -صلى الله عليه وسلم-.
3- آثار تحث على مكارم الأخلاق, وتنهى عن سفسافها, ومرذولها.
4- آثار تحث على العزة والقناعة, وتحذر من الذلة والمهانة والشَّرَه.
5- آثار تدعو إلى حسن السيرة, وصفاء السريرة, ومراقبة الخلوات.
6- آثار تحذر من الكسل وطول الأمل, والاغترار بالدنيا, وتدعو إلى التشمير والاستعداد للرحيل.
7- آثار جرت مجرى الحكمة, والأمثال السائرة كالتي تنتج عن تجربة, وحسن نظر في مجاري الحياة، وتقلبات الأحوال كالنظر في العواقب, وحسن التدبير للمال, وكيفية التعامل مع الناس على اختلاف طبقاتهم، وما جرى مجرى ذلك.
فما كان من هذا القبيل فهو محل القدوة, والاتفاق.

أما بعض الاجتهادات الواردة عن السلف مما قد يظهر فيها مخالفة لنص, أو ما قد يلائم وقتاً دون وقت, أو ما قد ينزل على أشخاص دون أشخاص,أو ما كان مجملاً محتملاً – فإن ذلك يحتاج إلى نظر في صحة نسبته, فإذا صح فإنه يحتاج إلى تأويل سائغ, وإلى أن يخرج تخريجاً ملائماً.
وإذا لم يمكن ذلك عُدَّ اجتهاداً خاصاً بصاحبه, ولا يلزم قبوله والأخذ به على كل حال.

كيف وقد تواطأت وصاياهم – رحمهم الله – على أن كُلاً يؤ خذ من قوله ويرد إلا النبي-صلى الله عليه وسلم-.
وبذلك يحفظ للقوم أقدارهم, وتُنَزَّل آثارُهم على أحسن المنازل, وأنفعها بلا وكس ولا شطط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.