– خبراء: اللعب مع الأقران أداة سحرية لتنمية المهارات
– لا بد من إحياء قيمة اللعب الطبيعي للأطفال
– ألعاب الحاسوب تعلم الأطفال "الاتكالية والإحباط"
استبدلوا بالأصدقاء والأقران ألعاب الفيديو و"البلايستشن"؛ حيث لا شجار أو مشاحنات أثناء اللعب… هذا هو حال كثير من أطفال اليوم، وهو أمر قد يفضله الآباء أحيانًا للراحة من الصخب والضوضاء التي قد يسببها اللعب مع الأقران، وهو أمر جد خطير؛ حيث يخفى على الآباء حقيقة مهمة للغاية؛ وهي أنه بجانب الأخطار الجمة التي تلحق بالأطفال جراء ألعاب التكنولوجيا الحديثة، والتي أقلها أن تكون سببًا في عزلتهم واغترابهم، وأيضًا إصابتهم ببعض الأمراض العضوية؛ مثل الصداع وآلام الظهر وضعف البصر، فهناك فوائد لا حصر لها يفتقدها الطفل وأسرته معًا بعزوفه عن اللعب التقليدي واللعب مع الأقران؛ حيث إنه أداة سحرية لتنمية مهارات الطفل المختلفة؛ حيث يؤكد خبراء التربية أن اللعب مع الأقران يزيد من المهارات التفاعلية الاجتماعية واللغوية والفكرية للأطفال؛ مما يساهم في تكوين مفاهيم إيجابية لديه، تمكنه من التمييز بين السلوكيات الخاطئة والصحيحة.
في بحث أعده الدكتور خالد عبد الرازق أستاذ علم النفس بكلية رياض الأطفال جامعة القاهرة حول أهمية لعب الأطفال، أكد فيه أن لعب الأطفال له فوائد عظيمة ومميزات كثيرة، فهو يحافظ على توازن الأطفال النفسي؛ حيث يضمن اللعب في كثير من الأحيان تفريغًا للشحنات العدوانية وغير المقبولة اجتماعيًّا؛ سواء كان بشكل مباشر أو بشكل رمزي، مشيرًا إلى أن الطفل القادر على إخراج وتفعيل أحاسيسه المضطربة من خلال أنشطة اللعب يكون أكثر قدرة على التحرر من صراعاته الذاتية، أما الطفل الزاهد في اللعب أو الذي تنحصر ألعابه في موضوعات معينة كالفيديو والحاسوب؛ فإن هذا يعني أن طبيعة الصراعات والاضطرابات التي يعيشها الطفل قد حدت من تلقائيته، وعطّلت من قدرته على التعبير عن مشاعره، وبالتالي يفقد اللعب أهم وظائفه وأهدافه، وهي تنمية مهارات الطفل بكافة أنواعها، خاصة المهارات الاجتماعية؛ حيث إن اللعب مع الأقران يساهم في انخراط الطفل في العلاقات الاجتماعية من خلال ممارسته لأدوار الأشخاص المحيطين به، والذي يكون أكثر شغفًا بهم، وهو أمر يساهم في تكوين مفاهيم اجتماعية جديدة لديه، كما تساهم في بناء قيمة الضمير لقدرته على التمييز بين السلوك القويم من المعوج، هذا فضلاً عن المهارات اللغوية والفكرية التي يساهم اللعب الصحي في تنميتها بشكل كبير.
وأضاف أنه على الجانب الآخر قد يعكس لعب الأطفال العادي بعض السلبيات التي ترتبط بالحالة النفسية للطفل، فعلى سبيل المثال حينما يكون لعب الطفل ملتصقًا بمرحلة عمرية معينة أو بحدث واحد بمعنى أن لا يتلاءم لعبه مع المرحلة السنية التي يعيشها؛ حيث إن هذا يمثل نكوصًا إلى مرحلة سابقة، ويكون مؤشرًا لوجود مشكلة نفسية يعانيها الطفل، وكذلك حينما يكون اللعب وسيلة مباشرة للإشباع الفوري للطاقات العدوانية، بمعنى أن يقوم الطفل بضرب طفل آخر أو تدمير ألعابه؛ حيث إن هذا لا يسمى لعبًا بقدر ما هو عدوان تم تفريغه بهذا الشكل، وأيضًا حينما يكون جسم الطفل هو محور اهتمامه، وليس أدوات اللعب بمعنى أن يقتصر استخدام الطفل لأدوات اللعب فقط؛ لكي تثير لديه أحاسيس جسمية بلذة؛ مثل مص الأصابع أو عضها وغيرها، ويضاف إلى ذلك حينما يكون اللعب تكراريًّا، ويكون الطفل غير قادر على أداء غير لعبة واحدة، ويكون اللعب بدون هدف؛ حيث إن هذا مؤشر لوجود مشكلة نفسية لدى الطفل، كما أن اللعب التنافسي الذي يقتصر فيه هدف الطفل على إفشال الآخرين في الوصول لأهدافهم فقط يكسب الطفل سمات شخصية سيئة؛ مثل التمركز حول الذات وعدم تقدير مشاعر الآخرين.
وأكد أنه بالرغم من وجود هذه النماذج السلبية من لعب الأطفال، إلا أنها تنطوي على ميزة مهمة تفتقر إليها الألعاب الإلكترونية، وهي خضوعها للملاحظة من قِبل الآباء وأفراد الأسرة؛ مما ييسر أمر العلاج النفسي للأطفال، أما الألعاب الأخرى فبجانب أنها غير ملاحظة من قبل الآباء؛ فإنها أيضًا تزيد من التوترات النفسية لدى الأطفال، وتزيد من اضطرابهم، وبالتالي تفقدهم أهم مميزات اللعب، وهي إدخال حالة من السعادة وبهجة لديهم؛ مما يساهم في توازنهم النفسي.
ويرى د. محمد العطار الأستاذ بكلية التربية جامعة طنطا أن لعب الأطفال مع الأقران هو خير وسيلة لتصريف انفعالاتهم المكبوتة، وهو ما يفتقر إليه بشكل كبير في ألعاب التكنولوجيا؛ حيث إن من شأنها أن تزيد من الانفعالات العدوانية لدى الأطفال، مشيرًا إلى أنه من أهم الألعاب التي يمارسها الأطفال مع أقرانهم على سبيل المثال؛ ما يسمى باللعب الإيحائي؛ حيث يجسد فيه الأطفال روح العصر الذي يعيشون فيه والثقافة السائدة في مجتمعهم من خلال قيامهم ببعض الأدوار وتمثيلهم لبعض الأحداث؛ حيث إن هذا النوع من اللعب له فوائد عظيمة؛ حيث يتيح فرص التنفيس الانفعالي عن التوترات التي تنشأ عن صراع أو إحباط سابقين، فيعبر الطفل عن انفعالاته وينفس عنها، وقد يجد أثناء لعبه حلاًّ لمشكلاته فنجده أحيانًا يهمل دمية معينة، تمثل من وجهة نظره شخصية ما غير محببة إليه، وعلى جانب آخر قد يتقرب من أخرى تمثل شخصية محببة إليه فيناجيها ويضمها، وما إلى ذلك من وسائل تفريغ الانفعالات التي تؤثر بالإيجاب على نفسية الطفل.
ويضيف د. العطار أن اللعب التقليدي من أفضل الوسائل التي تمكن الطفل من تقبل واقعه وظروفه؛ حيث يمارس الطفل أثناء لعبه الخيال بشكل كبير، وهو أمر بجانب أنه مفيد من ناحية تنمية المهارات الفكرية لدى الطفل؛ فإنه مفيد أيضًا من الناحية الاجتماعية، فعلى سبيل المثال يستطيع الطفل تقبل بعض الأحداث المرعبة بالنسبة له من خلال تكرارها أثناء لعبه، وعن طرق تخيله لها أقل تخويفًا؛ مما يقلل من شعور الخوف لديه، أو عن طرق تخيل نفسه ماردًا شجاعًا فهو أمر يمكنه من التغلب على مخاوفه، وبهذا يكون اللعب هو أنفاس الحياة بالنسبة لأطفالنا؛ لذلك لا بد من أن يدرك الآباء هذه الأهمية، ويشجعوا أبناءهم عليه، مع ضرورة ملاحظة سلوكياتهم أثناء اللعب؛ حيث إن اللعب الصحي يساهم وبشكل مباشر مع الآباء في تربية الأبناء بشكل سوي وصحي.
ويتفق مع الآراء السابقة د. إلهامي عبد العزيز أستاذ علم نفس الطفولة جامعة عين شمس، وأضاف أنه على الرغم من التحذيرات المتعددة حول خطورة إدمان الأطفال لألعاب الكمبيوتر، والتي تتمثل في عدة أمور منها أنها قد تعلم الطفل الاتكالية والسهولة في الحياة؛ حيث يستطيع تحطيم أصعب الأشياء، ويصبح بطلاً بمجرد الضغط على زر الكمبيوتر، وقد تعلمه الإحباط والفشل إذا لم يستطع إحراز أهداف في لعبته، فضلاً عن تشبع الطفل بالسلوك العدواني، إلا أننا نجد أن إقبال الأطفال على هذه الألعاب في تزايد مستمر، وأن لعبهم مع الأقران في انحسار وتقلص؛ وهو أمر يحتاج في البداية للبحث عن أسبابه، والتي لا تخرج عن أمرين؛ أولهما عدم وعي الآباء بأهمية اللعب التقليدي للأطفال إلى الحد الذي أصبح بعض الآباء يشجعون أبناءهم على ألعاب الكمبيوتر؛ خاصة إذا كان لعبهم مع الأقران غالبًا ما يسبب شجارًا أو مشاحنات، وهو لا شك قصور في إدراك الآباء؛ لأنه حتى لعب الأطفال الذي قد ينطوي على مشاحنات ومشاجرات لا تصل إلى حد العدوان، ففيه فائدة للطفل؛ أما السبب الآخر فيتمثل في ذلك الغزو التكنولوجي، والذي سيطر على عقول أطفالنا، وأوجد فجوة كبيرة بين الآباء وأبنائهم، فبما يحمله من عناصر التشويق والمتعة أصبح البديل المثالي للأطفال عن اللعب مع الأقران؛ حيث أصبح اللعب الجماعي بين الأطفال أيضًا قاصرًا على الكمبيوتر.
ومن ثم يرى د. إلهامي أن إدراك الآباء لأهمية اللعب التقليدي ومساوئ اللعب الإلكتروني؛ أمر بالرغم من أهميته إلا أنه لا يكفي؛ حيث يجب على الآباء في البداية أن يتدربوا على طرق إقناع الأطفال بذلك، وعدم حرمانهم بشكل كلي؛ منها كأن يحددون لهم وقتًا معينًا لا يزيد عن الساعة يوميًّا، مع الحرص على اكتشاف مواهبهم؛ حيث إنها الأداة السحرية التي من خلالها نستطيع أن نشغلهم عن هذه الألعاب دون عناء.
موضوع رائع
المهم عندنا أن يفهم الأولياء هذا
و يطبقون ما يقرؤون
أو أن نفكر في وسائل أكثر نجاعة في توصيل المعلومات
و جزاك الله خيرا
وواجبنا نحو المجتمع التوعية أو على الأقل محاولة تمرير مثل هذه المواضيع الى الاولياء وتقديمها لهم على شكل تحذير
فربما يستجيبوا مع صعوبة هذا
تحيات اخوك