الحمد لله الحيي الستير يحب الحياء والستر ، والصلاة والسلام على نبينا المتصف بالحياء أشد من العذراء في خدرها، وعلى آله وصحبه أهل الحشمة والحياء .
أمابعد:
كادت تغيب شمس الحشمة في بلاد الحشمة و الإسلام ، الحشمة بجميع معانيها ، الحشمة التي كانت في زمن ليس ببعيد عنا ، كنا نسمع عنها عند النساء وخوفهن من الرجال ، حتى إن المرأة في ذلك الزمن تسمى الدار لمكثها فيها وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى ، وإذا خرجت مشت وراء الرجل تحت الجدار لا تراها إلا غاضت الطرف لا ترفع رأسها ولا تعرف إلا خطى زوجها.وغابت حشمة الصغير من الكبير الذي كنا نخافه بمجرد رؤيته من بعيد، فإذا تكلم أطرقنا الرؤوس ، وإذا أمر فالبسمع والطاعة لا نتأخر. وكذلك الحشمة من المعلم ،ترتجف الفرائس عند رؤيته او سماع كلامه ، حتى أنهم كانوا يُخَوفننا به عند فعل او قول شيئ مستنكر، ومن المستغرب في هذا الزمن أن تعد الحشمة مرضا نفسيا أو تخلفا رجعيا ، وماهذا إلا بسبب إنقلاب الفهوم وتحرر العقول المزعوم.
فماهي هي الحشمة وماهي صورها المفقودة في هذا الزمن؟؟
معنى الحشمة في قاموس المعاني. حِشْمَةٌ : [ ح ش م ]. :- ظَهَرَتْ عَلَى مَلامِحِهَا حِشْمَةٌ :- : حَيَاءٌ ، اِحْتِشَامٌ . :- أظْهَرَتْ حِشْمَةً أمَامَ الضُّيُوفِ .
وفي المعجم
1 – حياء ورزانة ووقار وأدب وتواضع :- ما يمنعني إلاّ الحشمة ، – أشاحت بوجهها حِشْمَةً ، – تتَّصف النِّساء العربيَّات بالحِشمة ، عليه الحِشْمة : ظاهر الحياء من أهل الصَّلاح .
2 – مسلك وسط محمود :- افتقر إلى الحشمة في سلوكه .
……
إذا فالحشمة هي الحياء والوقار والادب والتواضع فقد جمعت معظم الأخلاق ، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لكل دين خلقاً، وإن خلق الإسلام الحياء" [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].
فالحياء خلق الإسلام وكله خير ،عن عمران بن حصين قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الحياء لا يأتي إلا بخير) [البخاري ومسلم].
قال ابن القيم-رحمه اللَّه-: «الحياء أصل كل خير وذهابه ذهاب الخير أجمعه» [الداء والدواء 96].
وقال رحمه الله: «خُلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها وأعظمها قدرًا وأكثرها نفعًا بل هو خاصة الإنسانية، فَمَن لا حياء فيه فليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة كما أنه ليس معه من الخير شيء» [***** دار السعادة 227].
وتعجب في هذا العصر ممن ينهى عن الحشمة ويصف المتخلق بها بالمعقد أو بالعامية – الجايح – لأنه لا يواجه الناس ولا يأخذ حقه بالقوة أو لا يزاحمهم في دنياهم ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، مرَّ على رجل، وهو يعاتب أخاه في الحياء، يقول: إنَّك لتستحيى حتى كأنَّه يقول: قد أضرَّ بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعه، فإنَّ الحياء مِن الإيمان)).رواه البخاري.
قال ابن بطَّال: (معناه أنَّ الحَيَاء مِن أسباب الإيمان وأخلاق أهله؛ وذلك أنَّه لما كان الحَيَاء يمنع مِن الفواحش، ويحمل على الصَّبر والخير، كما يمنع الإيمان صاحبه مِن الفجور، ويقيِّده عن المعاصي، ويحمله على الطَّاعة، صار كالإيمان لمساواته له في ذلك، وإن كان الحَيَاء غريزة، والإيمان فعل المؤمن، فاشتبها مِن هذه الجهة) شرح صحيح البخاري 9 /298.
– ومن بين صور رفع الحشمة والحياء أنك تمر في الشارع فتمر بك المرأة وسط الشارع فتنحصر أنت بالجدار وتأخذ هي وسط الطريق. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم النساء أن يتوسطن الطريق ،عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به. السلسلة الصحيح 2حديث رقم 856.
قال المناوي في فيض القدير:بل يمشين في الجنبات ويجتنبن الزحمات والطريق فعيل من الطرق لأن نحو الأرجل تطرق وتسعى فيه لأن المشروع في حقّ المرأة أن تكون بجانب الطّريق لا في وسطه، لما يحدث من فتنة بسبب بروزها وتعرّضها للرّجال.
قال العلامة الالباني في سلسلة الهدى والنور .
اليوم المرأة -ما شاء الله ! – يعني ماذا أقول؟ أشجع؟! ما يجوز أن أقول أشجع!
أقول: أقل حياءً من الرجال! فإنَّها تستلمُ صدرَ الطريقِ، وتدخل بين الشَّباب والرِّجال ولا تبالي! هذا ما يجوز؛ يجب أن تأخذ جانب الطريق -يمينًا ويسارًا-.
هذه المرأة ذات الحياء الذي ذكرتْها السيدة عائشةُ، ووصفت الأنصار بهذه الخصلةِ الحَميدة: "الحياءُ خيرٌ كلُّه"، "الحياءُ مِن الإيمان"؛ قالترحمَ اللهُ نساءَ الأنصار، لم يَمنعهنَّ حياؤُهنَّ أن يتفقَّهنَ في الدِّين)، كنَّ ذات حشمة وذات حياءٍ ووقار، مع ذلك في الدِّين ما كان عندهم حياء.
اليوم طُلِّق الحياء مِن صدور النساء إلا القليل منهنَّ!
نسأل الله أن يُصلحنا، وأن يُصلح نساءَنا وأولادنا، ويُلهمَنا رُشدَنا . ["سلسلة الهدى والنور"، الشريط (190)، الدقيقة: (1:21:53)].
ومن صور رفع الحشمة عدم احترام الكبير:
أصبحت الحشمة فعل ماضي أو قل لا محل لها من الأخلاق في هذا العصر ، فكم سمعنا في بلاد المسلمين من تعدي على الرجال الكبار من أحداث صغار لا يرعون شيبة ولا تأخذهم رحمة وعطف على عجوز أو شيخ هرم ، يرفعون أصواتهم عليهم ولا يخفضون لهم جناح الذل من الرحمة ، بل ربما وصل الأمر إلى ضربهم أو أكثر من ذلك…
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا و يوقر كبيرنا " السلسلة الصحيحة. و قريب منه حديث أبي أمامة مرفوعا بلفظ : من لم يرحم صغيرنا و يجل كبيرنا , فليس منا “ . أخرجه البخاري في “ الأدب “ ( 356 ) عن الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عنه . و هذا إسناد حسن.
وتوقيرنا للكبير وتعظيمه هو تعظيم للخالق العظيم وإجلاله ،عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط . [حسنه الألباني سنن أبي داود 4842].
فالكبار فيهم البركة كما يقال عندنا البركة في الكبير
قال صلى الله عليه وسلم : ( البركة في أكابركم ). السلسلة الصحيحة4 / 380
ومن الأدب تقديم الكبير إكراما له.
عن عائشة قالت : “ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن و عنده رجلان فأوحي إليه : أن أعط السواك الأكبر “ . قال ابن بطال : فيه تقديم ذي السن في السواك , و يلتحق به الطعام و الشراب و المشي و الكلام . و قال المهلب : هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس . فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقديم الأيمن , و هو صحيح.
لابد أن نتعلم هذا الادب ونعلمه غيرنا ونحترم الكبير ونوقره بتقديمه فيما لابد تقديمه فيه.
وكذلك من صور الحشمة احترام العلماء وإجلالهم :
الحشمة ذبحت بسكين الجفاء من بعض طلاب العلم عند ركب العلماء، وسلخت من قلوبهم فلم يبقى حاجز اسمه التقدير والتوقير ، يتكلم مع العالم بنبرة المتعالم دون معرفة لمنزلته ومكانته ، وما أكثرهم اليوم في عالم الانترنات ولولها لما عرف هذا الصغير ، يكتب في منتداه ويرد على العالم وكانه هو المحيط ، ولو عرف قدر نفسه لعلم أنه لا يساوي قناة صرف مياه المرحاض .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) . صحيح الترغيب والترهيب رقم 101.
نفتقد هذه الحشمة من بعض طلاب العلم لأنهم لم يتأدبوا قبل أن يتعلموا ، وكذلك لم يعرفوا قدر العلماء ، فكفى للعلماء شرفا أن ذكرهم الله وأعلا مكانتهم فقال سبحانه {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة : 11] وقال عزوجل {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر 9 ]
وكذلك هم ورثة الأنبياء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة و إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع و إن العالم ليستغفر له من في السموات و من في الأرض و الحيتان في جوف الماء و إن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب و إن العلماء ورثة الأنبياء و إن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر. ( صحيح ) 6297 صحيح الجامع.
ولقد كانت الحشمة والحياء عند سلفنا الصالح مع العلماء تضرب لها الامثال :
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى : وينبغي أن يقعد بينَ يدَي الشيخِ قِعدةَ المُتَعَلِّمين لا قِعدةَ المُعَلِّمينَ وأن لا يرفع صوتَه رفعًا بليغًا، ولا يضحك، ولا يُكثرِ الكلامَ مِن غيرِ حاجة، وألا يَعْبثَ بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شِمالاً مِن غير حاجة، بل يكون متوجهًا للشيخ، مصغيًا إلى كلامه . كتاب التبيان
عن الربيع بن سليمان قال : " والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليَّ هيبة له ".
وقال الإمام أحمد : " لزمت هشيمًا أربع سنين ما سألته عن شئ إلا مرتين هيبة له ".
قال عبدوس :" رآني أبو عبد الله (يقصد الإمام أحمد) يومًا وأنا أضحك ، فأنا أستحييه إلى اليوم". قال إسحاق الشهيدي : " كنت أرى يحيى القطان يصلي العصر ، ثم يستند إلى أصل منارة مسجده ، فيقف بين يديه علي بن المديني و أحمد بن حنبل و يحيى بن معين وغيرهم ، يسألونه عن الحديث وهم قيام على أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب لا يقول لواحد منهم : اجلس ، ولا يجلسون هيبة له وإعظاما " . فأين هؤلاء الذين زالت عنهم صفة الحشمة والحياء ممن يطعن في العلماء بوصفهم تارة بعلماء السلطان وأخرى بعلماء البلاط ، ويصفونهم بالمرجئة مع الحكام ،ويصفونهم بغلاة التجريح ، بل وصل الحد لتكفيرهم.
نقول لهولاء :كما قال بعض السلف : من تكلم في الأمراء ذهبت دنياه ومن تكلم في العلماء ذهب دينه .
ونختمها بحديث نذكر به من فقد الحشمة وساء أدبه وقل حياؤه.
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت ) رواه البخاري .
نسال الله أن يجعلنا من الحريصين على هذا الخلق العظيم الحشمة ويهدينا لأحسن الأخلاق .
—————————–
الثلاثاء 9 صفر 1445 هجرى.
نقلا عن منتديات التصفية و التربية.
لكن غالباً تجده في البدو اما مدن الحضاري فقليل
لا اعلم هل التطور أثر عليهم واصبح الرجال يحبون ذلك أم ماذا
الحشمة تجى من الوالدين أخى الفاضل
والله ابدا لن يكون السبب الابناء بل الاباء
لانهم هم الورقة المسطورة فالابناء الى اوراق بيضاء فقط
أما اليوم في النت يمكنك معرفة عروق أصول المرأة مباشرة
إذا كانت تدخل بين رجلين وتتكلم تعرفها غير متأدبة مهما كان حجم الموضوع
خاصة في موضوع ضيق ..
لا اعرف هل تحب الثرثرة أو إيجاد المتعة فيها ياريت على الاقل يفيدهم ويفيد الغير
يجب أن تكون العليلة ساعية لاهداف نبيلة
فهل هذا يليق بحفيدات فاطمة وعائشة؟
لا بل يجب ان يكون على المرأة وقار عظيم
فهى أصل المجتمع
الحمد الله فيه الاصيلة لكنهم قليلون
صدقتـ فيمـآ قلتـ انتحر الحياء لدى النسآء وماتتـ الغيرة فـ قلوب الرجال
لاادري لمـآ الكل استـآذي يلوم الاوليـآء ع اخطـآء لابنـآء
استـآذي الا توافقني الراي ان هنـآكـ منبتـ حسن ولكن الفرع يخرج احيانا شاذ و احيانا نرى ان المنبتـ شاذ ويخرج منه ائمة وعلمـآء
لما دومـآ نلوم الاوليـآء
نورني انتـ استـآذي احقا كما يقول البعض ويلعن الاوليـآء حينما يخطآ احد مـآ ؟ هنـآ الطفل بعقوقه يجلب اللعنه لاوليـآءه دون سبب
عذركـ استاذي ولكن الرد الذي قبلي جعلني اسالكم كل هـآته الاسئلة واكثر
سلامي و احترامي
|
أسعى دائما للاجابة، وهي اجتهاد شخصي لا ينمو الا عن قلة علم و فهم، أسأل الله أن يفقهني في دينه و يرزقني رضاه، و ما كان من حق فمنه وحده و ما كان من خطئ فمني و من الشيطان.