عن أبي هريرة قال : قال :" كان جريج رجلاً عابداً فاتخذ صومعة فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي فقالت : يا جريج . فقال : يا رب أمي وصلاتي . فأقبل على صلاته فانصرفت . فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت : يا جريج . فقال : يا رب أمي وصلاتي (أيهما أجيب وأيهما أفضل)(*) ـ الكلمات التي بين قوسين ليست من الحديث وإنما هي من إضافة المؤلف لتوضيح المعنى ـ فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت : يا جريج . فقال : يا رب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته . فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات . فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته . وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها (جمالها) فقالت : إن شئتم لأفتنه . فتعرضت له فلم يلتفت إليها . فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت : هو من جريج . فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك . قال : أين الصبي ؟ فجاءوا به فقال : دعوني حتى أصلي ، فصلى . فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه ، وقال : يا غلام من أبوك ؟. قال : فلان الراعي . فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا أعيدوها من طين كما كانت ففعلوا ".(رواه البخاري ومسلم) .
ويؤخذ من هذه القصة :
1- إن حق الأم عظيم وأنها يستجاب لها في ولدها إذا تغير قلبها عليه ، فجريج مع عبادته واعتزاله تغير قلب أمه عليه إذ دعته ولم يجبها لأنه كان في صلاته فدعت عليه
فاستجيب لها فما الظن بمن تدعو عليه لأهانتها .
2-ان التجاء الي لله بصدق ينفع عند وقوع الشدائد كما التجأ جريج وليس بينه وبين الموت إلا سويعات فأنطق الله له الرضيع أفمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مه الله قليلاً ما تذكرون.
3- قوة الإيمان وصدق التوكل تصدر عنهما العجائب كما أنطق الله الرضيع لهذا الرجل المبارك . بل أنطق له فروع الشجرة . ذكر السمرقندي أن المرأة اتهمته أنه زنا بها عند شجرة فذهب إلى الشجرة يسألها
وقال : يا شجرة أسألك بالذي خلقك من زنى بهذه المرأة ؟ فأجاب كل غصن منها : راعي الغنم . 4- نهاية الكذب والزور والفشا والخيبة كما حصل لهذه المرأة