الــصمــت الــزوجــي و علاجه
خطوات نحوة العلاج
الصمت الزوجي كالجرثومة اللعينة تسرى في جسد الحياة الزوجية شيئا فشيئا حتى تطرحها في الفراش قبل أن تقضى عليها .ولذلك يأتي الحاجة إلى الوقاية ثم العلاج قبل أن تدخل العلاقة إلى العناية المركزة أو إلى القبر .
أولا/ الوقاية
تعتمد الوقاية على توعية الشباب المقبلين على الزواج بمفهوم الزواج والغاية منه وإصلاح المفاهيم والمعتقدات الخاطئة وخاصة المتعلقة بالجنس الآخر ثم باكتساب المهارات المعرفية والحوارية والتي تساهم في المحافظة على قدر معقول ومرضى من الحوار الزوجي الناجح .
ثانيا/ العلاج
1-لعلاج هذه المشكلة على مستوى الأسرة لابد من النظر إلى عدة أمور :
-التشخيص الجيد لأسباب المشكلة : ومعرفة هل الأسباب تتعلق بطرف واحد أم من الطرفين معا .
-تحديد نوع المشكلة :هل هو صمت عرضي طارئ أم أنه صمت مزمن .
-والتفرقة بين المشكلة ومضاعفاتها :هل كانت سببا لحدوث مشكلات أخرى أم أنها في طورها الأولي فضعف الحوار قد يولد مشكلات عديدة أخرى ويكون السبب الرئيسي فيها .
-التفرقة بين المشكلة و أعراضها : مثل خروج الزوج إلى أصدقائه …هروب الزوجة إلى الأصدقاء ..أو إلى التليفون أو التلفزيون أو الانترنت …هل وجد أحدهما أو كلاهما متنفسا آخر لحل مشكلته ؟
-وهل إرادة الحل متوفرة لدى الطرفين أم لدى واحد منهما ؟
هذه كلها أمور لابد من النظر إليها عند حل المشكلة .
2-أما العلاج بشكل عام فهو يحتاج إلى علاج فردى لكل طرف من أطراف العلاقة (الزوج و الزوجة ) ثم علاج للطرفين معا ثم يأتي الدور الاجتماعي لعلاج المشكلة من جذورها .
أ-الدور الفردي
– التنمية الذاتية
لابد أن يعلم الزوجان أن الزواج ليس معناه ذوبان كل منهما أو احدهما في الآخر بل لابد أن يعنى كل من الزوجين بتنمية شخصيته من الناحية الإيمانية والثقافية والعلمية والعملية وأشير بشكل خاص إلى الزوجة الأم التي تكرس حياتها لبيتها وأطفالها وتنسى هويتها وذاتها ومع النمو الذاتي للزوج تزيد الهوة بينهما وتزيد مساحة الصمت ويصعب الحوار .
فحين تكون المرأة قادرة على تثقيف نفسها وتنمية قدراتها ومهاراتها فهي بذلك تزيد من ثقتها بنفسها وتزيد من قدرتها على التعبير عن مشاعرها وأفكارها وفي التعبير عن احتياجاتها .فتكون بذلك قادرة على انتزاع احترام زوجها لحديثها ورغبته في ذلك عندما ترقي اهتماماتها وفكرها ولغتها .
كذلك لابد أن نغرس في نفوس الأزواج ما أسميه ( إرادة التغيير ) عملا بقول الله تعالى ((إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) بدل من ثقافة الاستسلام والصبر والصمت .
-تعلم الثقافة الزوجية
ففي ظل التطور الاجتماعي والانفتاح العالمي تظهر الحاجة إلى تنمية الثقافة الزوجية التي لابد أن تشمل تنمية المهارات في العديد من المجالات منها :مفهوم الزواج والغاية منه ,وسائل الحفاظ وتنمية الحب بين الزوجين , تنمية الذكاء العاطفي ,والثقافة الجنسية وفن التعامل مع الآخر ، فن الحوار، طرق حل المشكلات ،طرق اتخاذ القرارات , فن إدارة الأسرة، فنون التربية السليمة أما الاعتماد على الثقافات الموروثة والتي تعتمد على الفطرة وعلى الخبرة البسيطة فلا يغنى ولا يسمن من جوع ولا يحل المشكلات المعقدة في عالمنا اليوم.
-التفهم الجيد لشخصية الطرف الآخر
وهذا يشمل التفهم لكونه رجل والتفهم الجيد لكونها امرأة وتفهم الاختلافات الطبيعية بين الجنسين واليقين بأن هذه الاختلافات ليست نقائص لكل منهما بل هي تأهيل إلهي للدور الاجتماعي لكل منهما ولإحداث نوعا من التكامل والانجذاب بين الطرفين .
كما يشمل التفهم الكامل لشخصيته المميزة له كتفهم أفكاره ومعتقداته …مشاعره وأحاسيسه …أحلامه وطموحاته ….سلوكياته وأثر البيئة عليها ثم تقبل الآخر كما هو …بلا محاولة إصلاحه …فهو ليس طفل صغير نربيه ….بل نحاول تطوير سبل الاتصال معه بما يوافق شخصيته .
أن بقدر تقبلك للآخر والرضا به والتوقف عن محاولة إصلاحه. بقدر ما سيحمله في قلبه من مشاعر الحب والرضا ….بقدر ما يسعى هو إلى التغيير رغبة في إسعادك وإرضائك .
ب-الدور التفاعلي من الزوجين
وهذا الدور يقع على عاتق الزوجين لكسر حاجز الصمت بينهما وهو أن يتعلما فنون الحوار والتواصل وأن يعالجا أسباب انعدام الحوار بينهما .
وهنا لابد أن أشير لعدة أمور
1-لابد أن يتعلم الزوجان أن يقاوما الرتابة والفتور في العلاقة الزوجية ولا يستسلما لها …كالتغيير في البيت أو في المكان أو في سبل الترفيه
2-أن يتعلما كيف يحكيا عن قصصهم اليومية ومشاكلهم الصغيرة فإنها قد تفتح مجالات نقاش .
3-لابد أن يكون للزوجين اهتمامات مشتركة أو هوايات …فإن لم يكن فلا أقل من الحوار حول سبل تنمية العلاقة بينهما وطرق تربية أبنائهما .
4-ألا يكون الفارق بينهما الثقافي أو العلمي أو العمري سببا لقطع الحوار …لابد أن يتعلم الطرف الأكثر علما كيف يسعى في محاورته إلى تعليم وتنمية الآخر بدون تعالي .ويتعلم الطرف الأقل علما كيف يثير عند الآخر الرغبة في التحدث والتكلم بالاستفسار والاهتمام
5-أن يتعلم الزوجان عند مواجهة مشكلة يصعب عليهم حلها كيف يتجهان إلى المتخصص كالمريض يذهب إلى الطبيب المتخصص ولا يعتمد على نصائح الأصدقاء أو الأهل مع الاحترام لهم والتي قد تزيد المشكلة ولا تحلها .
ج-الدور الاجتماعي
السؤال الذي يطرح نفسه بشدة
هل يتم تأهيل الزوج والزوجة لممارسة الأدوار الاجتماعية المترتبة على الزواج تأهيل كافي لإكسابهم الخبرات اللازمة لممارسة هذه الأدوار بنجاح؟
وهنا تأتى المسؤولية الاجتماعية والتي تبدأ من دور الآباء و المربين في التربية القويمة القائمة على أسس تنمية الثقة بالنفس وحرية إبداء الرأي إلى دور الإعلام بكل وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية في إتاحة الفرصة للتعبير عن الرأي وفي تنمية الوعي بمفهوم الزواج والقضاء على المفاهيم السلبية وكبح ثقافة الجنس والعري .
ثم يأتي دور المؤسسات التعليمية والتي لابد أن تحرص على تعليم الأبناء المفاهيم الرئيسية لبناء أسرة وتربية الطفل حرصها على تعليمهم نظريات وقوانين الطبيعة والرياضيات .
كذلك دور المؤسسات الاجتماعية والتي تساهم في توعية الشباب المقبل على الزواج وفى حل المشكلات وتقديم الاستشارات الزوجية والنفسية والتربوية
ثم يأتي دور القيادات الفكرية والسياسية في نشر الوعي وحرية التعبير عن الرأي ومحاربة الثقافات والمفاهيم السلبية , إنها منظومة اجتماعية كاملة نحن في أمس الحاجة إليها من أجل صيانة وحماية وسلامة البنيان الأسري.
م/م/تصفحت