ويقول عن السياسة الانجليزية تجاه الخلافة: (قالت صحيفة ستاندرد الانكليزية ما نصه: (يجب أن تصبح الجزيرة العربية تحت الحماية الانكليزية، ويجب على انكلترا أن تسيطر على مدن المسلمين المقدسة) … إن إنجلترا تعمل لهدفين : إضعاف تأثير الإسلام وتقوية نفوذها و لذلك أراد الانجليز أن يكون الخديوي في مصر خليفة للمسلمين ولكن ليس هناك مسلم صادق واحد يقبل أن يكون الخديوي أميراً للمؤمنين لأنه بدأ دراسته في جنيف وأكملها في فيينا وتطبع بطابع الكفار).
وعندما ظهر اقتراح انكلترا (لإعلان الشريف حسين أمير مكة خليفة المسلمين) و يعترف السلطان عبد الحميد الثاني بأنه لم يكن لدية الطاقة ولا القوة لمحاربة الدول الأوروبية .. ولكن الدول الكبرى كانت ترتعد من سلاح الخلافة، وخوفهم من الخلافة جعلهم يتفقون على إنهاء الدولة العثمانية) ، و(أن الدولة العثمانية تضم أجناساً متعددة من أتراك وعرب وألبان وبلغار ويونانيين وزنوج وعناصر أخرى، ورغم هذا فوحدة الإسلام تجعلنا أفراد أسرة واحدة).
ويُعبر عبد الحميد الثاني عن ثقته في وحدة العالم الإسلامي بقوله: (يجب تقوية روابطنا ببقية المسلمين في كل مكان، يجب أن نقترب من بعضنا البعض أكثر وأكثر، فلا أمل في المستقبل إلا بهذه الوحدة. ووقتها لم يحن بعد لكنه سيأتي. سيأتي اليوم الذي يتحد فيه كل المؤمنين وينهضون فيه نهضة واحدة ويقومون قومة رجل واحد وفيه يحطمون رقبة الكفار).
كانت فكرة الجامعة الإسلامية في نظر السلطان عبد الحميد يمكن بها أن يحقق أهدافاً منها:
-مواجهة أعداء الإسلام المثقفين بالثقافة الغربية، والذين توغلوا في المراكز الإدارية والسياسية الحساسة، في أجهزة الدول الإسلامية عموماً، وفي أجهزة الدولة العثمانية خصوصاً، عند حدهم، عندما يجدون أن هناك سداً إسلامياً ضخماً وقوياً يقف أمامهم.
– محاولة إيقاف الدول الاستعمارية الأوروبية وروسيا، عند حدها عندما تجد أن المسلمين ، قد تكتلوا في صف واحد، وقد فطنوا إلى أطماعهم الاستعمارية ووقفوا ضدها بالوحدة الإسلامية.
– إثبات أن المسلمين يمكن أن يكونوا قوة سياسية عالمية، يحسب له حسابها في مواجهة الغزو الثقافي والفكري والعقدي الروسي -الأوروبي النصراني.
– تأخذ الوحدة الإسلامية الجديدة دورها في التأثير على السياسة العالمية.
– تستعبد الدولة العثمانية بوصفها دولة الخلافة قوتها وبذلك يمكن إعادة تقويتها، وتجهيزها بالأجهزة العلمية الحديثة، في الميادين كافة وبذلك تستعيد هيبتها وتكون درساً تاريخياً. يقول : (إن العمل على تقوية الكيان السياسي والاجتماعي الإسلامي، أفضل من إلقائه أرضاً، وتكوين كيان غريب فكرياً واجتماعياً على نفس الأرض).
– إحياء منصب الخلافة، ليكون أداة قوية، وليس صورياً كما حدث لفترة . وبذلك لا يكون السلطان وحده فقط هو الذي يقف في مواجهة أطماع الغرب وعملائه في الداخل، وإنما هي وحدة شعورية بين شعوب المسلمين جميعاً. يكون هو الرمز والموجّه والموحّد.
والى هذا أشار المؤرخ البريطاني (آرنولد توينبي) في قوله: (إن السلطان عبد الحميد ، كان يهدف من سياسته الإسلامية، تجميع مسلمي العالم تحت راية واحدة، وهذا لا يعني إلا هجمة مضادة، يقوم بها المسلمون ضد هجمة العالم الغربي التي استهدفت عالم المسلمين).
ولذلك استخدم السلطان عبد الحميد ، كل الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت، من اتخاذ الدعاة من مختلف جنسيات العالم الإسلامي، من العلماء والمبرزين، في مجالات السياسة، والدعاة الذين يمكن أن يذهبوا إلى أرجاء العالم الإسلامي المختلفة، للالتقاء بالشعوب الإسلامية وفهم ما عندهم وإبلاغهم بآراء وتوجيهات السلطان الخليفة ونشر العلوم الإسلامية، ومراكز الدراسات الإسلامية، في الداخل والخارج، وطبع الكتب الإسلامية الأساسية، ومحاولة اتخاذ اللغة العربية لأول مرة في تاريخ الدولة العثمانية، لغة للدولة أو ما يسمى بالتعبير المعاصر "تعريب" الدولة العثمانية، والعناية بالمساجد والجوامع من تجديد وترميم وبناء الجديد منها، والقيام بحملات تبرع لإحياء المساجد في العالم، والاهتمام بالمواصلات لربط أجزاء الدولة العثمانية، واستمالة زعماء القبائل العربية، وإنشاء مدرسة في عاصمة الخلافة، لتعليم أولاد رؤساء العشائر والقبائل، وتدريبهم على الإدارة ، واستمالة شيوخ الطرق الصوفية، والاستفادة من الصحافة الإسلامية في الدعاية للجامعة الإسلامية، واتخاذ بعض الصحف وسيلة للدعاية لهذه الجامعة، والعمل على تطوير النهضة العلمية والتقنية في الدولة العثمانية، وتحديث الدولة فيما هو ضروري.
ولقد ألتفت مجموعة من العلماء ودعاة الأمة الإسلامية إلى دعوة الجامعة الإسلامية من أمثال جمال الدين الأفغاني، ومصطفى كامل من مصر، وأبي الهدى الصيادي من سوريا، وعبد الرشيد إبراهيم من سيبريا، والحركة السنوسية في ليبيا وغيرها.
شكرا مرة أخرى و ألف تحية