تخطى إلى المحتوى

هالة الحب 2024.

هذه منشورة اعدها د/ عبدالحميد الكبتي المدرب والإستشاري الدولي في مجال التنمية البشرية أمده الله بالصحة والعافية . واحببتها ان انقلها لكم لتستفيدوا منها

السلام عليكم

هالة الحب

الحب كلمة قليلة الأحرف ، كثيرة المعاني ، تتكون من حرفين ؛ " الحاء " وهو حرف جوفي يخرج من عميق المخارج ، و " الباء " حرف شفوي يخرج من طرف الفم .

ومنذ قديم الدهر لا يزال الناس يتكلمون في الحب وعنه ، تارة يجملونه وتارة يشوهونه ، يربطونه بكل المشاعر الصادقة النبيلة أحيانا ، ويلصقونه بكل معنى دنيء هابط ، أحيانا أخرى .
وبعيدا عن هؤلاء وأولئك ، أحببت أن أخوض غمار هذا المحيط الهادر الهادئ ، العذب المالح ، العميق الجميل ، ولكنه خوض في الذات ، لا في الآخر ، مناوشات ذاتية في الحب ، ترصده تفتش عنه في أعماق النفس ، تلمسه تهمس له ، تضمه وتحتضنه .. عسى أن نمسك بهالة الحب بقوة ، لتشع إشعاعا قويا لا ينطفئ ، بحول الله .
حين يقف أحدنا أمام المرآة ، يحدق في شكله وجسمه وكل أعضائه ، يلف ويدور ، ينحني يتقدم يتأخر يبتعد يتقدم من المرآة ، ليكتشف الحفر والشقوق والبتور في جسده .. وفي الحقيقة أن ما يراه أحدنا في هذه المرآة ـ بكل حركاته ـ لا يمثل إلا قمة الجبل الذاتي ، الذي تتكون منه شخصيتك .
وفي عالم الجيولوجيا فإن جذر الجبل يكون أضعاف حجم القمة الظاهرة التي يراها الكل ، ومن ثم فإن جذرك الذي في داخلك أضعاف ما تراه في المرآة ، بكل حركاتك التي فعلت .. سواء أكنت جميلا ، مملوحا ، أنيقا ، مهملا ، عذبا ، لذيذا .. أو غير ذلك ، كل ما تراه هو قمة جبلك فقط ، جزء من التكوين العام لشخصيتك ليس إلا . وبقية الجبل وضخامته كلها مكنونة في الجذر ، أكبر حجما ، أبهى صورة ، أكثر عمقا ، وأقوى صلابة .

كما قلت : لا يهم شكل الجبل ـ شكلك ، ففي القرآن الكريم ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ .. ) لا يهم شكلك ، يهم داخلك جذرك ؛ وفي الحديث الصحيح ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم ) والقلب هو المحرك الكبير لهذا الجبل ـ ذاتك ـ سواء القمة منه الظاهرة ـ جسدك وشكلك ـ أو الجذر الكبير الهائل ؛ روحك قلبك أفكارك مشاعرك إمكانياتك قدراتك عواطفك .
فإن كان القلب هو المحرك الرئيس لهذا الجبل ؛ فإن أعظم وقود لهذا القلب هو ( الحب ) منه يتنسم الحياة ، ويشعر بالسعادة ، ويرقص طربا ، ويترنم مع موسيقى الوجود ، كأن عصفور الراحة يرفرف فيه ، هذا هو الوقود العالي الطاقة ، وقود يلهب المشاعر ، ويغذي الفكر وينيره ، ويخمد كل المعاني السلبية أفكارا كانت أو عواطف .
قف الآن أمام مرآتك : ترى جسدك وشكلك ، أنظر للقمة وللجذر ، لا تهمل الجذر ، وحين تحدق بعيني رأسك وقلبك ، اسأل نفسك :
هل تحب نفسك ؟ هل تحب ذاتك ؟ هل تقدرها ؟ هل تحترمها ؟ هل تسعدها ؟ هل تحتضنها ؟ هل تكافئها ؟ هل تعطيها ؟ ومن جديد : هل تحبها ؟!
أعطيت دورة لبعض المتدربات عن التميز والنجاح ، وكان من تمارين الدورة ، أن تكتب كل متدربة في ورقة خاصة بها دون أي اسم لها ، تكتب خمس سلبيات تراها في نفسها ، ثم تتأمل هذه السلبيات بدقة في اللاوعي ، ثم تكتب ورقة أخرى فيها خمس إيجابيات معاكسة للسلبيات التي كتبتها ، ويكون دور المدرب هو إحلال الإيجابي مكان السلبي وفق إستراتيجية معينة .. المهم في الموضوع أن المتدربات نسين الأوراق مهملة في قاعة التدريب فتم جمعها للتخلص منها ، فأخذنا الفضول للقراءة ، فلا توجد أسماء المشاركات على الورق ، وإنما مجرد صفات سلبية ، وهالني ما كتبت المتدربات ، ومن بين ما كتبن ( كسولة ، غبية ، منافقة ، أكثر من وجه ، عاصية لوالدي ، متلونة ، فاشلة .. ) وصفات أخرى !
ذكرت هذه التجربة لأقول : هل حين نرى أنفسنا بهذه الصورة يمكن أن يكون للحب معنى راسخ فينا ؟ أليست هذه النظرة لذواتنا هي الأسفين الذي يقتل الحب قتلا ! ، والعجيب أننا وحين نصف أنفسنا بمثل هذه الصفات ، ندعي حب فلان ، وعشق علان ، والهيام بعلتان ، ونظرتنا هكذا دونية نازلة !؟ .. هذا والله العجب العجاب ، وهذا هو الهدر الصحيح لطاقة الحب فينا ، وهذا هو قلب الموازين والمشاعر بحق .
نعود للوقوف أمام المرآة ، قف وارفع رأسك وصدرك وتنفس براحة :
ـ أحمد الله على منظرك ـ قمة جبلك ـ واسأله الكمال في مخبرك .
ـ اجلس مع ذاتك فقط ودون ما تحبه في نفسك ولا ما تحبه ، بكل إيجابية في الحالتين ، وبكل ثقة وفخر .
ـ لا تلتفت في هذه الجلسة إلى ما يقوله الناس عنك ، فهم بين مد وجزر ، واستفد من نقدهم بكل رحابة صدر ، ولا تجعل كلامهم السلبي يمر للجذر أبدا ، ارمه في البحر .
ـ برمج خطط كيف تتخلص من السلبي وتحل محله الإيجابي ، وكن متفائلا ، غير محبط .
ـ فكر في كل شي إيجابي معاكس للذي لا تحبه في نفسك ، فكر كأنك حزته ورسخ فيك ، فكر وعش الجو كاملا ، وتخيل نفسك كما تحب بعمق وتنفس هادئ .
ـ طوال هذه الأيام كرر المعاني التي تحب أن ترسخ فيك ، كررها لا تمل ، وأنت تمشي وأنت جالس وأنت في السوق كرر كرر كرر ، لا تمل .
ـ اقرأ استمع حاور أكتب تصفح كل موضوع يتصل بالمعاني والصفات التي تحب أن تكتسبها فيك .
ـ لا تظنن أنك مغرور ومتكبر لو أحببت نفسك ، كلا ، الغرور والتكبر هو ازدراء الناس واحتقارهم ، وأنت تثق في نفسك وتحبها ، ثمة فرق ، لا توسوس .
ـ إن شعرت خلال حركتك في الحياة بأي معنى سلبي وصل لك فيك لا تحبه ، غير المزاج بسرعة بتذكر الإيجابي ، ولا تستسلم للمزاج السلبي فتحبط .
ـ دائما دائما دائما ركز على مرآة الجذر ، أكثر بكثير من التركيز على القمة ، فالحب والسعادة والراحة والطمأنينة تنبع من غور النفس ، وليس من حلاوة الفم و الشفاه .
حين تحب نفسك تفهم معنى الحب بحق ، وتقدر وقتها أن تدرك بوعي لم تحب فلان ؟ ولم تعشق فلان ؟ بل سيكون للحب في نفسك ألق جميل منعش ، لا يذوقه أبدا من يلوكون الحب في أفواههم ليل نهار كحبة اللبان ، مصيرها النفايات !
ومما كتبته يوما : ( إنما الحبيب من تخرج ألفاظ الحياة من تحت لسانه ، ويكشف قلبه عن معانيها ، ويضفي عليها ألوان الطبيعة بفعاله ، يزيد حياتك ألوانا منوعة متعددة ، محلقا بك في سماء الوجود بروحك ، كأنك الصقر في علياءه .. فإن أدعى مدع للحب حالفا مقسما لك : وطمس حياتك ، ومال لك لمصلحة ما ، فكبح روحك ، وألبسها السواد … فاعلم أنك مخدوع ، قد نيل منك ، فاستدرك قبل موات روحك .. ) .
إن هالة الحب الحقيقية تنبع من حبنا لأنفسنا ، وفقا لمعيار المعاني والأفكار والمشاعر الإيجابية فينا فقط ، ووفقا لمعيار التخلص قدر الممكن من كل معنى وفكر وشعور سلبي ، والسعي والتعب الجميل اللذيذ نحو كل ما هو مشرق وعالي ، فنزرعه في حديقة أرواحنا ، ونسقيه بحرصنا وثقتنا وحبا الدائم الرائق .
حين تتوفر هذه الهالة فينا فنحب أنفسنا ، نشع الحب على كل شيء حولنا ، أهلنا بيوتنا أطفالنا أصدقائنا جيراننا .. وحين نشع هذا الحب ندرك فعلا من يجدر بنا أن نحبه ، ونعطيه حنايا قلبونا ، ليتربع فيها منسجما ، فيزيد بوجوده فينا ، يزيد جذرنا قوة وصلابة وروعة .
مع خالص الحب

كلام رائع يخرج من فم صادق انه حقا مؤثر و صادق

شكرا جزيلا لك لينة ياسمين.

شكرا جزيلا لك لينة ياسمين.
موضوع جد مثير أختي الكريمة
و يحوي معاني كثيرة تتمخض عن أبعاد و منافع المحبة.
و بالمحبة تصفو النفوس و يرتاح البال وتطمئن القلوب.
و بالمحبة نسمو بأرواحنا إلى قمم درجات السعادة والهناء.
شكرا لك كثيرا
و بارك الله فيك
ننتظر الجديد المفيد منك.

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mimi-ba القعدة
القعدة
القعدة
كلام رائع يخرج من فم صادق انه حقا مؤثر و صادق

شكرا جزيلا لك لينة ياسمين.

القعدة القعدة
كل الشكر لك اختي ميمي

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جبران القعدة
القعدة
القعدة

موضوع جد مثير أختي الكريمة

و يحوي معاني كثيرة تتمخض عن أبعاد و منافع المحبة.
و بالمحبة تصفو النفوس و يرتاح البال وتطمئن القلوب.
و بالمحبة نسمو بأرواحنا إلى قمم درجات السعادة والهناء.
شكرا لك كثيرا
و بارك الله فيك

ننتظر الجديد المفيد منك.

القعدة القعدة
مشكور اخي الكريم على المرور

فهالة الحب ليست إلا خلاصة الحب أو بالأصح لب الحب الحقيقي النابع من القلب لا النابع من العاطفة الزائدة عند البعض وهناك من يصور الحب كما يشاء أو كما يريد هو فيربطه بالمشاعر والا حاسيس وغير ذلك من وصلات مرتبطة بالحب وينسى أصل الحب وهو الإحترام والود والطاعة وتحمل آلآم الغير.

جزاك الله خيرااااااااااا

بارك الله فيك حنونة
تحياتي
مواضيعك رائعة
يسلمو ايديك الحلوين

كلام رائع اختي يخرج من فم صادق انه حقا مؤثر و صادق

شكراااا على الموضوع المميز اختي وجعل الله الموضوع في ميزان حسناتكي

والسلام عليكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.